العبَاءة عرّت الرداءة – مروان ياسين الدليمي
أن تُشن حملة في الاعلام الغربي ضد اللاعب الأرجنتيني ميسي لأنه أرتضى أن يلبس العباءة العربية عند تتويجه بكأس العالم في قطر ، فهذا يكشف حقيقة العنصرية التي تهيمن على عقول أصحاب العيون الزرقاء في هذه المؤسسات ، ضد الشعوب الاخرى التي لاتنتمي إلى جنسهم الأبيض ، وسبق أن عبر عن ذلك عديد اللاعبين الافارقة الذين لعبوا في الدوري الأوربي ، فكشفوا عن حجم العنصرية التي واجهوها بسبب لونهم وأصولهم العرقية ،آخرهم كان اللاعب الفرنسي الجنسية “كليان مبابي” عندما أعلن قبل عدة أشهر عن نيته اعتزال اللعب في المنتخب ، احتجاجا على الجماهير الفرنسية ، لأنها كانت تردد هتافات عنصرية تصفه فيها بالقرد لأن والده من الكاميرون وأمه جزائرية .
العباءة يرتديها العرب منذ مئات السنين مسلمين ومسيحيين على حد سواء، والحملة ضد ميسي تفضح ازدواجية المعايير التي تُرفعُ في الغرب، من قبل منظمات ومؤسسات حكومية وغير حكومية تنادي بالمساواة وتدعو لإنصاف الأقليات ، ومن الخطأ الثقة المطلقة بأجندتها ، لأن ظاهر خطابها لايعكس باطنه.
وعليه لابد من النظر إلى عملها من منظار سياسي لاينفصل عن ممارسات وانتهاكات الدوائر الاستخباراتية الغربية في العالم الثالث،وما جرى في العراق وسوريا واليمن من تدمير لنسيج هذه المجتمعات،خلال العشرين عاما الماضية،لايخرج عن هذه السياسية العنصرية.
عندما تٌهدى العباءة العربية لشخص ما ،فإن ذلك لاعلاقة له باية رمزية دينية إسلامية ، إنما تعبير عن احترام اجتماعي وانساني ، ولن يحظى بهذا التكريم ألا من نال مكانة عالية ، والدوائر الاستخباراتية الغربية تدرك ذلك جيدا ، وليست بجاهلة ولاغبية بهذه التفصيلة، لأن تقارير عناصرها من العاملين مع الجيوش الاستعمارية عند احتلال المنطقة بعد الحرب العالمية الأولى ، تشير إلى دقتها في دراسة كل صغيرة وكبيرة حول شؤون الحياة الاجتماعية ، من تقاليد وأعراف ومذاهب وطوائف وممارسات وطقوس وأكل وشرب وثياب ..إلخ إلخ ، وما يترجمه وينشره بشكل متواصل على صفحته في الفيس بوك ، المؤرخ الدكتور “مؤيد الونداوي” من وثائق خاصة باستخبارات الجيش البريطاني عند احتلال العراق عام 1917 يؤكد ذلك .
أما أن يتم تفسير أهداء العباءة لميسي،برؤية اصطبغت بوشاح ديني عنصري،فهي أبعد ما تكون عن دلالتها الاجتماعية ، وفي الوقت نفسه تشير إلى افلاس ثقافي سببه التطرف الفكري ، ولااجد غرابة في هذا الهجوم ، لأني لاأستبعد أن من يقف خلفه هو اللوبي الصه يو ني ، فهؤلاء يعتبرون ميسي من حصتهم ، حيث سبق له أن زار حائط المبكى أكثر من مرة ، وتلقى ازاء ذلك دعما اعلاميا لاحدود له ، وربما ما كان مخفيا من هذه العلاقة ، أكبر من أن تستوعبه ساحة ملـــعب كرة القدم ومسابقة كأس العالم .