السفرات الجامعية.. قيود إجتماعية وأمنية تمنع أقامتها
الطلبة يتهمون التعليم بالغياب عن الأنشطة الثقافية والترفيهية
بغداد – حسن الشمري – فوزي العبيدي
كانت السفرات من ضمن المنهاج المخصص للنشاطات الجامعية الا ان مسببات ودواعي دفعتا الى عزوف عمادة الكليات عن إقامة السفرات التي اشتهرت بها السنوات السابقة كنا نرى وفود الطلاب يأتون الى بغداد من المحافظات الجنوبية والشمالية وكذلك المحافظات الوسطى، فالجميع يزور الأماكن السياحية والترفيهية من اجل قضاء يوم في ربوع تلك الأماكن ولاسيما بعد استهداف المعاهد والجامعات لتعطيل الحياة فمن الصعوبة جدا على الجامعات القيام بسفرات وهي تلاقي صعوبات في حماية الطلبة وهم داخلها، ولاسيما ان المرحلة الجامعية هي مدة النضج وتحديد المستقبل. ان الهدف من هذه المرحلة هو الحصول على الشهادة الجامعية فضلا عن كونها بيئة جديدة يتعرف فيها الطالب على زملاء جدد كما ان البرنامج الدراسي يحتاج الى برنامج ترفيهي وذلك للتخلص من الروتين وتنشيط الطالب دراسيا ، الًا ان الملاحظ ان مسألة الترفيه غائبة في بعض الكليات والمعاهد لا سيما السفرات الجامعية ، التي يفترض ان تنظم الى الاماكن التاريخية ليتعرف الطالب على تراثه وحضارته وجغرافية بلده، (الزمان) استطلعت في اروقة جامعة بغداد اراء العديد من الطلبة والطالبات عن موضوع السفرات الجامعية.. وكانت الاراء بين مؤيد ومعارض لقيام تلك السفرات في ظل الظروف الحالية للبلد.
نشاط فعال
فيقول عقيل مجيد من كلية العلوم السياسية ان (السفرات الجامعية هي نشاط فعال ومرح لتغيير الاجواء الدراسية والحالة النفسية للطلبة وهذا الامر مهم لكل الطلاب وهنالك اسباب عديدة حالت دون تنظيم مثل هكذا برامج وفعاليات منها الوضع الامني غير المستتب الذي يمر به البلد والذي يؤثر بشكل سلبي ليس على السفرات وتنظيمها بل حتى على الانشطة الاخرى ونحن نعطي الحق للعمادة في قبول او رفض الطلبات التي يتقدم بها الطلبة لتنظيم مثل هكذا نشاطات او سفرات) وادت الظروف الامنية الصعبة التي شهدها العراق إلى إلغاءالسفرات لمختلف المرافق السياحية في البلاد، والتي كانت تعد ضمن المنهاج المخصص للنشاطات الجامعية، فهناك مسببات دعت الى عزوف ادارات الكليات والمعاهد عن اقامة السفرات التي اشتهرت بها في السنوات السابقة، فالوضع الامني اليوم أصبح أكبر عائق أمام الطلاب للتمتع بيوم جميل في ربوع الحدائق والمتنز*ات التي اشتهرت بها العاصمة. خمائل خليفة وهي طالبة في كلية الاعلام قالت لـ(الزمان) ان (الخروج من الحرم الجامعي الى اماكن ترفيهية او سياحية بصحبة مرحلة كاملة هو شيء جميل بحد ذاته يقوي اواصر المحبة والمودة والعلاقات الاجتماعية بين الطلبة لكن الوضع الامني في الوقت الحالي والخروقات الامنية وحالات الاغتيال والاختطاف لبعض الطالبات تحول دون الخروج لاماكن ومناطق سياحية خارج الحرم الجامعي). وتضيف (ان على عمادة الكلية ان تكون هي المبادر الاول لتنظيم السفرات العلمية او التخصصية في مجال الاعلام) وان (العمادة قامت مرة واحدة بتنظيم سفرة الى شبكة الاعلام العراقي للتدريب لكنها عزفت عن ذلك ونحن نريد منها ان تزيد من هذه السفرات حتى نزيد من معرفتنا العلمية).
و يشير الطالب علي سعد الى أن (عزوف الطلبة بمختلف اعمارهم ومستوياتهم عن المشاركة بالسفرات كان نتيجة لتردي الوضع الامني في البلد، فقد اعتذر العديد من الطلبة المشاركة في السفرات وذلك حفاظا على حياتهم وخوفهم من عدم قدرة الحراس ورجال الامن على حماية المرافق السياحية بشكل جيد وكذلك مخاطر الطريق والمسافات البعيدة التي يقطعها المسافرون هذه الاسباب التي ادت الى تقليص او الغاء السفرات). فيما قالت الطالبة زينب محمد (نحن نحسد الطلبة الذين اكملوا دراستهم الجامعية في سنوات سابقة قبل اندلاع اعمال العنف وذلك لتمتعهم بالحياة الجامعية، ولا سيما في جانب السفرات في حين اننا الغينا الكثير من الامور خشية تعرضنا لحادث ارهابي).
واوضح الطالب علي جابر من كلية الهندسة لـ(الزمان) (نحن نتمنى أن تعود الايام الجميلة وخاصة أيام الرحلات الجامعية حيث كنا ننتظم برحلات إلى المرافق السياحية المنتشرة في عموم بلادنا وكنا لا نمل من هذه الرحلات الجميلة، أما اليوم فهناك بعض القيود الاجتماعية التي ظهرت مؤخرا في المجتمع وفي الجامعات بشكل خاص، بأن تمتنع الطالبات من الذهاب الى الرحلات الترفيهية، مما قد تلغى السفرة بسبب قلة العدد لاسيما في الكليات التي يكون فيها عدد الاناث أكثر من الذكور)، ويضيف ان (أغلب الطالبات يرفضن مثل هذه الفكرة بسبب رفض ذويهن بشكل تام خروجهن من الحرم الجامعي). وترفض الطالبة زينب محمود (فكرة الاختلاط مع الطلاب الذكور في السفرات، وهي تمتنع بشكل قطعي من الذهاب في سفرة ترفيهية)، وتضيف (اهلي لا يسمحون لي بالذهاب في رحلة، كما أني ارفض الذهاب بمفردي مع الذكور). فيما قال الطالب مصطفى قاسم ان (صعوبة الحياة والمعيشة شغلتنا بكثير عن الامور الاخرى، الكثير من يعمل بعد انتهاء دوام الجامعة الرسمي حيث نذهب مباشرة الى اعمالنا، ولا وقت لدينا للسفر والترفيه فأنا مثلا صاحب محل واحتاج الوقت لإنجاز الكثير من الاعمال)، وتشكل الانشطة الطلابية الثقافية وكذلك الترفيهية جانبا حيويا من النظام التعليمي يكون الطالب عادة بحاجة اليها، جنبا الى جنب مع النشاط العلمي والدرس المنهجي، لكن شكوى متزايدة من اغلب طلبة الجامعات والمعاهد العراقية تشير إلى غياب الاهتمام من قبل وزارة التعليم العالي بأي نوع من الانشطة الطلابية والثقافية والترفيهية والاقتصار على التركيز على الدراسة العلمية والمحاضرات رغم أهمية تلك المفاصل الحيوية لتجديد نشاط وقابليات الطلبة في هذه المرحلة المهمة. من جانب آخر، تغيب عن الجامعات السفرات العلمية أيضا، حيث يقول طالب الماجستير في كلية العلوم السياسية محمد جميل المياحي ان (الوزارة منشغلة بإيذاء الطلبة اكثر من تقديم العون لهم وهنالك فجوة كبيرة بين الوزراة وطلبة الجامعات فكثير من الامور التي يجب على الوزراة ان تقدمها للطلبة كالمنحة وتنظيم السفرات لكنها تغض النظر عن ذلك)، مشيرا الى ان (الوزارة ليست كتب واوامر انما هي علاقة اجتماعية وعلمية ووطنية بينها وبين الطلبة). وتدعو سارة خالد وهي طالبة في المرحلة الثانية في كلية الاعلام الى (الاهتمام بالجانب الترفيهي لا سيما وانه يسهم في زيادة المعارف ويوسع المدارك، خصوصا اذا كانت السفرات الى الاماكن التاريخية وبصراحة نحن نجهل الكثير عن تاريخنا ورصيدنا الثقافي محدود) وتضيف (قدمنا طلب الى عمادة الكلية والى رئيس قسم الصحافة محمد فلحي للخروج الى اماكن ترفيهية او منتجعات سياحية لكنها رفضت الطلب معللة رفضها بالوضع الامني) وطالبت (عمادة الكلية بتنظيم السفرات لتغيير الحالة النفسية للطلبة وضغط الدراسة لان جو الجامعة لا يقتصر على الدراسة فقط فلا بد ان تكون هناك برامج ترفيهية وسياحية).
متاحف وآثار
فيما تمنى الطالب عبد الغفار عامر (ان تكون السفرات الى اماكن الاثار والمتاحف الموجودة في بغداد والمحافظات حتى نتعرف على حضارتنا وثقافتنا و نغير من اجواء الدراسة ونرًفه عن انفسنا)،مطالبا عمادة الكليات بتنظيم مثل هذه السفرات سواء كانت ثقافية او علمية او سياحية)، واوضحت الطالبة في كلية العلوم السياسية عبير عباس لـ(الزمان) (هنالك سفرات تقوم بتنظيمها عمادة الكلية والطلبة بإمكانهم اختيار الاماكن التي يودون الذهاب اليها بعد مخاطبة رئاسة الجامعة من قبل الكلية بهذا الخصوص وهنالك عدة عوائق تمنع مثل هذه السفرات فكثير من العوائل تمنع اولادها وخاصة الفتيات من الذهاب الى اماكن خارج الجامعة خوفا عليهم من الاعمال الارهابية خاصة وان الوضع الامني غير مستتب). واضافت (خلال العام الماضي قمنا بمفاتحة الكلية وقدمنا طلب للحصول على موافقة للذهاب بسفرة الى متنزه الزوراء ووافقت العمادة على الطلب ووفرت لنا الباصات الناقلة لكن التنظيم لم يكن جيد من قبل الطلبة). ويذكر غيث محمد وهو طالب في المرحلة الرابعة في كلية العلوم السياسية (عندما كنت في المرحلة الاولى قمنا بتقديم طلب الى عميد الكلية وتكرم علينا بالقبول وقدم التسهيلات الممكنة من خلال توفير الاجواء المناسبة للسفرة وقمنا بتنظيمها بالشكل الصحيح وقدمت لنا العمادة كتاب شكر على حسن التنظيم)، وتابع (في المرحلة الثانية قدمنا نفس الطلب وكان رد العمادة برأيين الاول ان تكون سفرة علمية لإحد المعالم التي تخص كليتنا والثاني ان تكون سفرة حرة اي نحن من يقوم بإختيار المكان).
علي عسكري طالب الاذاعة والتلفزيون في كلية الاعلام قال لـ (الزمان) (عمادة الكلية لا توافق على تنظيم هكذا فعاليات ونشاطات عازية اسباب ذلك الى الوضع الامني)، واضاف (نحن لفيف من الطلبة قمنا بتنظيم سفرة الى بحيرة الجادرية بدون علم العمادة لانها لا توافق على اعطاء الموافقات الرسمية بهذا الخصوص)، وطالب (كلية الاعلام بتنظيم سفرات علمية او سفرات الى اماكن تساعدنا في العمل الاعلامي مثل الصحف او القنوات الفضائية الموجودة اضافة الى السفرات السياحية لانها تغير من ضغط الدراسة وتغيير الحالة النفسية للطالب). من جانبه قال معاون العميد لشؤون الطلبة في كلية الاعلام حسين علي الموسوي (هناك نوعان عادة ما تقوم بتنظيمها عمادة الكلية الاولى السفرات العلمية المتخصصة وهذه تكون عبر جداول خاصة وبالاتفاق مع منظمات ومؤسسات حكومية من اجل دعم الجانب العلمي والتطبيقي للطلبة وهذه لا غبار عليها)، اما فيما يخص النوع الثاني من السفرات وهي السفرات الترفيهية فقد بين الموسوي (نتيجة للظروف الامنية الصعبة التي يمر بها البلد حاليا وعدم قدرة الكلية في الوقت الحاضر على توفير الاجواء المناسبة في سبيل تطبيق هذا النوع من السفرات لأن ارواح الطلبة اغلى ما نمتلكه ومسؤوليتنا الحفاظ على ارواح الطلبة بكل الوسائل حتى اذا تطلب الامر عدم اعطائهم موافقات رسمية بهذا الخصوص). واوضح ان (الطلبات بهذا الصدد تكون عبر سلسلة مراجع تتمثل بتقديم طلب رسمي الى رئاسة القسم من قبل الطلبة ومن ثم رئاسة القسم تطرح الموضوع عندما يعقد مجلس الكلية للنظر فيه ومن ثم اذا ما توفرت الظروف الملائمة والمناسبة خاصة فيما يتعلق بالجانب الامني يتم الشروع بمفاتحة الجهات ذات العلاقة التي من خلالها تنفذ سفر الطلبة الى الاماكن الترفيهية).