الطراونة وقانون الانتخاب
عبد الله محمد القاق
لعل تمديد الدورة البرلمانية الحالية حتى الخامس والعشرين من شهر حزيران المقبل يعتبر الشعرة التي أطاحت رئيس الوزراء السابق عون الخصاونة وجاءت برئيس جديد هو فايز الطراونة لاستكمال مناقشة القوانين المحالة الى مجلس النواب الاردني في اطار الرغبة الملكية الاردنية للاصلاح في الاردن. هذا القانون المثير للجدل والذي نوقش عبر وسائل الاعلام من نخبة من السياسيين والاقتصاديين وتناولت خلالها البحث والدراسة و سلطت الضوء على اهمية مشروع قانون الانتخابات الجديد الذي احيل الى مجلس النواب لدراسته وامكانية تعديل بعض مواده ليصار الى اقراره بشكل يلبي طموحات الوطن والمواطنين، لقد اشار السياسيون والمختصون في ندواتهم ولقاءاتهم ومناظرات مع شخصيات اردنية من وزراء سابقين في التلفزيون والاذاعة الاردنية الى الاهمية الكبيرة لهذا المشروع في المرحلة الراهنة، وضرورة ان يواكب التطورات الحالية التي تشهدها البلاد على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتي تتطلب عملا دؤوبا ومشتركا لتجسيد الديمقراطية عبر التشاور مع مكونات المجتمع المدني من احزاب ونقابات ومؤسسات للخروج بصيغة توافقية تدفع نحو مزيد من الحرية والعدالة.
فاذا كان البعض يرى ان مشروع القانون الذي وعد الرئيس المكلف فايز الطراونة سيوليه الاهتمام الكبير بالرغم من انه لم يأخذ بالحد الادنى لطموح المواطنين في ايجاد مجلس قادر على القيام بدوره السياسي ومدخل للاصلاح الاقتصادي غير ان ما تضمنه من مواد من شأنها ان تدفع بالحياة الديمقراطية الى مزيد من التقدم وان كان المشروع لم يعط الناخب عددا من الاصوات تساوي عدد الدوائر بل قصر من حقه فقط على صوتين في حين اعتمد على المستوى الوطني نظام القائمة النسبية المغلقة الذي حدد لها خمسة عشر مقعدا نيابيا حددت للاحزاب فقط وبحد اعلى خمسة مرشحين لكل الحزب.
ولعل الابقاء على الكوتات يعتبر من المثالب التي وجدت بهذا المشروع كما يتطلب العمل على ارجاء تقسيم الدوائر الى فترة مقبلة ليصار الى اعداد نظام يتم التوزيع من خلاله الدوائر والمقاعد حسب الترتيب الذي تراه الحكومة بحيث يلبي الاحتياجات ويقضي على المشكلات التي عانى منها القانون السابق الذي غاب الانصاف والعدالة عنه بشكل ملحوظ، كما يلاحظ ان قائمة الوطن حصرت الترشيح بالاحزاب في حين ان هناك مكونات وقوى اجتماعية حرمها من الترشيح كقوائم.. فتحديد الكوتا للاحزاب السياسية على سبيل المثال يعني وضع الاحزاب في مواجهة غير موضوعية مع فئات الشعب والتي تعتبر ان من حقها ايضا الترشح على مستوى قائمة الوطن او الدائرة العامة وهذا يعني ان حجب امكانية الترشح في القائمة العامة لدى الاحزاب يقدم رسالة سلبية للحراك السياسي الشبابي وقواه التي تشكلت حديثا والهادفة الى الاصلاح والتطوير والديمقراطية والعدالة.
فاذا كانت القوى الشعبية والاحزاب الوطنية ومنها حزب جبهة العمل الاسلامي لا ترى في هذا المشروع اصلاحا ديمقراطيا فانه بامكانها التقدم بمشروع قانون جديد يحقق طموحات الشعب ويرتكز على جوانب سياسية وجغرافية وسكانية وتنموية خاصة وان هناك انجازات حكومية تم تحقيقها على الساحة الاردنية عام 2011 كالاحزاب السياسية التي شهدت تطورا كبيرا واقرار قانون الاجتماعات العامة وتشكيل الهيئة المستقلة للاشراف على الانتخابات واعطاء ثقة للحكومة في مجلس النواب وتلبية المطالب بتشكيل نقابة للمعلمين وانجاز بعض التعديلات الدستورية التي تجاوزت دستور عام 1952 والتي من شأنها فتح الآفاق للتطور الديمقراطي ومشاركة واسعة لانتخابات برلمانية حزبية.
والواقع ان الحل الممكن والفاعل لتطوير التعددية السياسية هو ان يتم تطبيق القائمة النسبية على مستوى المحافظات وتلبية مطالب الحراك الشعبي باجراء الاصلاحات الشاملة والسماح للشباب للانخراط في آفاق التغيير والتطوير واعادة النظر في صلاحيات مجلس النواب حتى يتم تطوير فكرة ايجاد قانون انتخاب عصري لضمان الحيادية والنزاهة والشفافية.
ولعل ما قاله جلالة الملك عبدالله الثاني في كلمته امام البرلمان الاوربي في ستراسبورغ في 18 الجاري، من ان الاردن سيكون عام 2012 عام الاصلاحات السياسية الرئيسة، يمثل جوهر الحقيقة والرؤى الوطنية والقومية الصائبة نحو تقوية الحياة السياسية الحزبية لكي يتم الاتفاق على شروط قيام حكومات برلمانية، وهذا يثبت قدرة نظامنا الهاشمي على الاصلاح السياسي والانتخابي والاقتصادي، ما يمكّن المجتمع المدني وخاصة النساء والشباب المرتبطين بالعالم الرقمي والداعين لما يحصل في هذا الكوكب من الاسهام في تعزيز المؤسسات الديمقراطية الاردنية والمجتمع المدني وتوفير الوظائف والتنمية الاقتصادية وبذلك يكون الاردن قد قدم للمنطقة العربية نموذجا للتحول السياسي التدريجي نحو الديمقراطية الحقة. فهل يستطيع الرئيس الخصانة انهاء النقاشات السياسية حول هذا المشروع وغيره من المشاريع المحالة الى مجلس النواب خلال هذه الدورة من عمر المجلس.
رئيس تحرير جريدة الكاتب العربي الاردنية
/5/2012 Issue 4188 – Date 1 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4188 التاريخ 1»5»2012
AZP07