الطبيب اليهودي داود كبائي أنمؤذجاً – علي قاسم الكعبي

الطبيب اليهودي داود كبائي أنمؤذجاً – علي قاسم الكعبي

شخصيات ميسانية تركت أثراً طيباً بالذاكرة

العمارة

لقد كانت مدينه العمارة في خمسينات القرن الماضي وقبله من المحافظات التي شهدت تنوعا عقائديا رائعا حيث سكنها اليهود والمسيح والصابئه والمسلمين بفريقيهم والكرد والعجم وكانت انموذجا للتعايش السلمي حيث كانت فيسفساء أجمل وكانت ومازال بعض الاثار شامخة من خلال بصمات البناء اليهودى في مركز العمارة واليوم نستذكر ابرز الشخصيات التي لاتستطيع اي قوة من النسيان بأن تتجاهل الأثر الطيب الذي تركه الدكتور اليهودي المعروف محليا بداوود كباية المولود في بغداد عام 1915والمتخرج من كلية الطب عام1938 جاء مع أبيه الذي كان طبيباً أيضاً ،  ليستقر فيا العمارة وقد عمل في مجال الطب العام وطب الأطفال، وكان بنظر أبناء المدينة الدكتور المتخصص بجميع المجالات،  لقد نجح في المجال الاجتماعي بعلاقته الواسعة في مجتمع العمارة ،  حيث تعززت مكانتهِ بسبب مهنتهُ وعلاجهُ لجميع المرضى من كبار السن والأطفال والنساء عند الولادة ،  عمل في مستشفى صحة العمارة ،  وأصبح المَلاّك الذي هبط على المدينة ،  لكي يعالج كل المرضى،  فتح عيادته الخاصة في محلة التوراة ،  كان يكشف على مرضاه الفقراء والمعدمين مجاناَ ويصرف لهم الدواء مدفوعاً من جيبه ،  ازدحمت عيادتهِ بالقرويين من أطراف المدينة، حيث كانوا يزوروه حتى في الليل.في يوم ما والدكتور كبّاي جالس في أحد المقاهي الشعبية في مدينة العمارة ،  لاحظ طفلة فاقده للبصر ترافق والدها ،  فطلب كبّاي من والدها أن يَجري لها العملية مجاناً !!،  أجرى العملية بنجاح وأعاد النظر لتلك الطفلة مع تحمله العلاج مجاناً ،  هذا العمل رفعَ من سمعة الدكتور كبّاي في مدينة العمارة.وقد اتهم ظلما بانة يدعم دوله إسرائيل ووضع في السجن عدة مرات وفي آخرها تدخل الزعيم عبد الكريم قاسم لاطلاق سراحه جراء خدمته لمدينة العمارة .

دار جديدة

وفي عام 1964 انتقل داوود كبّاي إلى بغداد وافتتح عيادته في محلة البتاوين ،  وأصبحت داره الجديدة مقراً لعمله ، وحينما رحل إلى بغداد ،  كانت جموع (أهل العمارة) على موعد مع حافلة خشبية منذ العام1965 يعلق قائدها (كبّاية ..كبّاية) ،  مساء كل خميس في وسط العمارة ،  ويشرع بتسجيل الناس ليغادروا بهم الجمعة مبكراً” ،  حتى جعل أبناء مدينة العمارة يخصصون يوماً لمراجعتهِ في بغداد متجشمين عناء السفر

وفي عام 1968 وبعد مجيء البعث القومي ، فما كان من السلطات إلا الإيعاز للدكتور داوود كبّاي بإيقاف العملوإعتقل كبّاي وأودع في قصر النهاية بدون محاكمة حتى عام 1969 ،  إذ تعرضَ للتعذيب ومنعَ عنهُ الغذاء والماء عدة أيامونقل بانة تعرض لاقسى العقوبات ،  بعدها أطلق سراحه ،  ونتيجة المآسي التي تعرض لها لإنه يهودي ،  قرر الهروب من العراق عن طريق إيران سيراً على الأقدام ثم الرحيل إلى لندن والاستقرار فيها ،  مارس مهنة الطب بشكل محدود لأبناء الجالية العراقية في لندن من أجل ديمومة العيش حتى رحيلهُ عام 2003.

مشاركة