
الطالب المشاكس
إحدى فئات الطلاب في المدارس العراقية هي الطالب المشاكس , والذي يتمتع بطاقة فائضة عن اقرانه وفي غالب الأحيان تكون طاقته من النوع السلبي المؤثّر في سلوكه وانفعالاته على باقي الطلاب وتعامل المدرسين معه . هذه الفئة هي الأكثر متعةً بالسلامة النفسية بين زملائه , ليس غبياً , سوى أنّه غير مُكتشَف , وإذا اعتبرنا بأنّ المدرسة هي واحدة من أسس رعاية المواهب التي من الممكن أن يلمع فيها نجم عن طريق موهبته لا عن طريق اجتهاده العلمي والدراسي , فإنّ أكثر الذين يمتلكون المواهب – في العراق – هم الطلّاب المشاكسين الذين يمتازون بطاقات حركية وسلوكية فائضة , غير أنهم لا يتلقون الرعاية والاهتمام التربوي الملائم في تنظيم نوع الطاقة تلك عن طريق توجيه مسار حركاتهم وفق برنامج النشاط المدرسي الفني والرياضي , واعتبار مواهبهم واحدة من المنجزات التعليمية لهم.
الطالب المشاكس يؤخَذ في أغلب المدارس إن لم تكن كلها على أنّه مصدر ازعاج ومعاكس لقوانين المدرسة , ويُعتبَر فاشل وفق سياقات التدريس , لكنه في الحقيقة بحاجة لإعادة ضبط تربوي باعتباره غير قاصر تعليمياً عبر الاهتمام لا المحاسبة و فتح الطريق أمام ميزات عقله وليس ما تريده صرامة الضوابط التعليمية.
ويأتي الدور هنا بالدرجة الأولى لمدرس مادة الفنية على أساس أنّ مادته ليست مخصصة للرسم وحصرها به , إنّما هي مادة مواهب شاملة بإمكانها اكتشاف بذرة الشاعر و الفنان و المغنّي و الكاتب والناقد والتي يؤدي اهمالها الى تحويلهم إلى مشاريع فشل و انكسار و ضياع نخبة مستقبلية هامّة .
عملية تربوية
إنّ كل تلميذ يدخل المدرسة هو عبارة عن مشروع مستقبلي , تتولى فيه العملية التربوية والتعلمية دوراً في صناعته , إذ لا يوجد إنسان فاشل , ولكن توجد بيئة بإمكانها تطويع روح وطاقة الانسان من خلال المختصين , وإذا كان دور العائلة انتاج الفرد بأيّ نوعٍ كان , تبقى المدرسة هي المحتوي الأول والأخير في بلورة نمط حياته كلها . الطالب المشاكس ليس فاشلاً , لكنه بأمس الحاجة الى مختص يعيد ضبطه , ويمهد الطريق لطاقته نحو شخص مستقبلي منتج…
حيدر علي الجبوري- بابل


















