الضمير الإنساني وسوريا – جاسم مراد
عندما تحدث النكبات للشعوب ، وعندما تغضب الطبيعة وتقتل وتصيب وتدمر الاف البشر والمنازل ، فأن الضمير الإنساني يفيق وينتصر لهؤلاء الضحايا ، ويشاركهم الوجع والهموم والإنقاذ ، فهؤلاء الناس ليس لهم ذنباً في السياسة ولا في المواقف ولا بمشاريع واهداف وخطط الدول ، إنهم فقط مواطنون سوريون اوجعهم الإرهاب ثم جاء الحصار الذي لا يرحم ولا يميز بين رضيعاً يحتاج للحليب وامرأة حامل تحتاج لعملية قيصرية في مستشفى منع عنه الدواء ، وفوق هذا كله جاء غضب البراكين ، واختلفت المواقف بين شامت لا يريد تقديم العون وبين من سحب الغطاء من طفله وارسله لطفل سوري ، وبين من قدم العون للمشاركين في بالحرب الكونية ضد سوريا ، وامتنع عن تقديم المساعدة للهائمين في الأرض من الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى بسبب فقدان احبتهم وتدمير منازلهم.
لقد كشف إعصار سوريا وتركيا كم هو بعض العالم البشري نذل حاقد كاره للخير والمساعدة في ظروف كونية خارجة عن إرادة الانسان ، بالمقابل كم هي جميلة رائعة صادقة في النخوة والدعم تلك الشعوب والدول التي تداعت وانطلقت لتقديم الدعم والاسناد ، ومن هنا فعلى وقع هذا الحدث يمكن تمييز الضمير الإنساني ، بين دعاة الاخوة والإنسانية والحرية اللذين يتشفون على مصيبة خصومهم ، وأولئك الذين يحملون حاجياتهم وما ملكة أيديهم لتقديم المساندة . كان من المفترض بادئ ذي بدء أن تنهض الجامعة العربية وتتواجد في الدولة المؤسسة لها وهي سوريا وتقدم العون وتدعو للمساعدة من كافة الدول العربية المشتركة فيها ، وهذه الجامعة تعرف جيدا لولا سوريا والمملكة العربية السعودية ومصر والعراق لما صارت وتكونت ، فموقفها هذا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يبرر سلوكها اتجاه الحصار أو الكارثة الطبيعية التي وقعت ، كما كان ذلك الموقف لايمكن أن ينسى من الشعب العراقي في الحصار الذي استمر ( 11) عاما وقتل مليون طفل عراقي وشرد ملايين العراقيين بحثاً عن رغيف الخبز وهو بلد الخبز والغناء والرفاهية ، كما هو حال سوريا التي كانت قبل الحرب الكونية والحصار الجائر بلد الاكتفاء الذاتي من كل الموارد والمصنوعات الدوائية والمنتجات الغذائية .لقد كان على دول الغرب وفي المقدمة الولايات المتحدة الامريكية ، دعاة الحرية والديمقراطية للشعوب أن تبادر فوراً لالغاء الحصار من جانب واحد وتنهض لتقديم العون والمساعدة للشعب السوري لكي تؤكد إنسانية موقفها وان الشعوب لا ذنب لها في الخلافات والصراعات السياسية بين الدول ، سيما وان الكارثة التي اصابت الشعب السوري هي كارثة خارج إرادة الانسان والدول ، هو صراع الطبيعة بين مركباتها الداخلية والخارجية لا قدرة للإنسان مهما كان وعيه ومعارفه متقدمة .لا نريد في هذا الوقت المؤلم أن ننبش التاريخ والمواقف ، بقدر ما يهمنا هو افاقة الضمير النائم لكي يتحسس الطفل الموجود بأن هناك ايدي تتلمس وجعه وهناك بشر في الإنسانية يقفون معه ويقدمون الحليب والغطاء ويبنون البيت الذي تهشم على اهله وراحوا في ذمة الله .يخطأ من يتصور بأن حماية الأوطان وتحقيق الحرية يمكن أن تتحقق من خارج الوطن ، أنه فعل وإرادة اهل الوطن انفسهم في البناء القوي والخبز الوافر والحياة الرغيدة وما بعد ذلك هو علاقات عامة وتعاون ومصالح مشتركة فإذا تعدت ذلك يكون الوطن اجير واسير الاخرين ، يجب أن نستذكر مواقف رجل الدين العظيم وهو على السيستاني الذي وصفه كبار اهل المعرفة وكذلك ممثلو الأمم المتحدة من انه رجل الإنسانية الذي دعا العراقيين وكل الخيرين بتقدم الدعم للشعب السوري وتداعت الحشود بتقديم كل ماتملك للشعب السوري ، فهل تعلم الجامعة العربية بذلك ، وهل قرأت دول العالم الأوربي هذا النداء الإنساني ..