الضمير أساس الشعور بالمسؤولية

الضمير أساس الشعور بالمسؤولية
تناولت موضوع (المسؤولية) في مناسبات عدة لاسباب رايتها موضوعية ومثيرة فالمسؤولية هي الشرف وهي الضمير والتضحية والايثار وهي اسعاد الشعب قبل اسعاد المسؤول لنفسه . وحامل القلم عادة يتناول الموضوعات كلما بدا له لا كلما طلب اليه فالمسؤول لاسيما في هذا الزمن الذي كثرت فيه الاراجيف والاباطيل يجب ان يدرك انه لا يصانع ولا يضارع ولا يتبع المطامع والمسؤول ايضا اذا عجز عن اصلاح نفسه فكيف يمكنه اصلاح الاخرين ؟ ومن لا يفعل ضميره فيه لا يفعل فيه الكلام اللاذع ومن لم يكن له من نفسه واعظاً من المسؤولين لم تنفعه المواعظ . والمسؤولية هي علم وفن . أي انك عندما تمارس دورك في الحياة كمسؤول في الدولة أو مسؤول وفق المعنى الشمولي للمسؤولية فانك توجه وتقود فالمعلم مسؤول والموظف مسؤول والمواطن ورب العائلة مسؤولان وهكذا فان الله سبحانه وتعالى عندما جعل الإنسان اشرف المخلوقات أوصاه ان يكون أمينا ملتزما في أداء المسؤولية الأخلاقية والبحث عن الحقيقة التي تغني الحياة وان يجرد نفسه من المظاهر الزائفة وبذلك فقد أوصاه أيضا ان يختار من يثق به ويمثله ولذلك كانت مسؤولية الاختيار ولم تزل خطيرة جدا وقد يشقى الإنسان باختياره ويتمنى لو ان هناك من يختار له ويعفيه من هذه المخاطرة الشديدة بيد ان هذا هو قدره الكبير الذي عبر عنه القران الكريم بالقول : (إنّا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين ان يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان) .
وعلينا ان نعي أيضا ان الحديث عن المسؤولية يطول ويطول فهي ثقل كبير . والقائد يجب ان يكون في المقدمة يبصر ويبصر يرى المؤخرة وهو في مقدمة من يقودهم ينشر روح التفاؤل ويبث الطمأنينة بروح صابرة ومثابرة وبهذا التحليل الموضوعي لمعنى المسؤولية يتكون النسيج الاجتماعي المترابط والمتين والذي تتداخل فيه قيم الأرض وشريعة السماء . ولكي يكون المسؤول مبصرا متابعا إلا إذا كان مضحيا من اجل ان تسمو القيم والأفكار النبيلة فوق النزعات الشخصية ومن يشعر بأنه اكبر من الآخرين وهو في قمة المسؤولية ويحاول الحصول على مآرب مادية أو مكاسب أخرى ويستغل موقع المسؤولية لإسعاد نفسه وبطانته دون مجتمعه فهو بلا شك غير كبير كما يظن لأنه لم يبذل الجهد المطلوب لان يبصر المؤخرة وهو في المقدمة وهو كمن يسير وحده في طريق غير سالكة .
ان معاني الإيثار والحرص والمحبة والصبر والتواضع هي ليست سمات يتحملها المسؤول أولا فحسب بل إنها ثوابت يجب ان تترسخ في مجتمع يراد له ان يكون متماسكاً اجتماعيا وفكريا وسياسيا واقتصاديا ووطنيا وروحيا . إذا ما هو مقياس كبر النفوس والجواب : ان النفس تغدو كبيرة وأصيلة عندما تترفع عن صغائر الأمور لان الترفع عن الصغائر هو شرف وعزة وتغدو النفس كبيرة بالآخرين من حولها . وعندما يشعر المسؤول هكذا فانه يصبح جزءا من الشعب كما ان تطهير النفوس من أدرانها وكبح جماحها من أنماط الخدمات الكثيرة التي تفسدها وتكثر عللها ومجاهدة الحياة في أهوائها ورغباتها ومعاينة أولنا لأخرنا ضمن نطاق المسؤولية بل وحمل البعض حينما نرى انه بحاجة إلى ان نحمله هي من سمات المرحلة الحاضرة لتشع روح الأمل في المجتمع وعموم الحياة .
لقد كانت المسؤولية في منهج الطغاة هي مسؤولية المسؤول لنفسه لا لرعيته إنها تسلط وامتياز وبذلك انتشرت الظواهر المدانة في كل مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وانعكس ضعف الاهتمام من قبل مؤسسات الدولة للسلوكيات والنماذج التي أصبحت وبسرعة مذهلة تمتلك ما لا تستحق امتلاكه من ثروة باطلة في ظروف معاناة الشعب . إنني أرى ان بعض سلبيات المراحل الماضية وكما ترون انتم قد تكرست في نفوس البعض وبمرارة وألم فإننا عندما نرى هذه النواقص والمفاسد تنتقل للشخصية الجديدة فمن الصعوبة بمكان ان نرتفع إلى مستوى آمالنا في بناء الوطن الحر المزدهر.
ونحن لو تصفحنا التاريخ القديم والحديث لوجدنا ان أباطرة وملوك ورؤساء حكموا في حقب تاريخية مختلفة شعوبهم وبلدانهم وكان بعضهم قد انصرف إلى ذاته وهمومه الخاصة وكانت شعوبهم تحس بالخيبة والتمزق الاجتماعي فسلكوا طريقا يبعدهم عن شعوبهم وبلدانهم وكانت النتيجة هي ان التاريخ نسيهم وشعوبهم التي فرطوا بحرياتها ومصالحها تصب اللعنات عليهم فلكي يؤدي المسؤول أو الحاكم رسالته في بناء الوطن يتوجب عليه استخدام الضمير للوصول إلى العقل في اتخاذ القرار العادل فالمسؤولية التي نبتغيها اليوم لا تتحقق ضمن تطبيق القانون تطبيقا شكليا كما هو مدون في الكتب وكما كانت ترعاها الأنظمة التي اندثرت ، إنها العدالة أولا واستخدام الضمير للوصول إلى القانون الذي يصلح المجتمع ويقومه ويصون كرامته وإنسانيته .
لفته عباس القره غولي
AZPPPL

مشاركة