الصورة بين الكاميرا الخشبية وتقنية النانو
صلاح حيدر
شتان ما بين الامس واليوم في عالم الصورة ، كانت ولادة التصوير الفوتوغرافي عسيرة جدا منذ التوصل اليه في الربع الأول من القرن الثامن عشر من خلال اللوح الحساس ( الكالوتايب )و الكاميرا الخشبية آنذاك على يد لويس داجير واخرين مستندين في صناعتهم على نظريات العالم العربي الحسن ابن الهيثم التي طوروها لتطبق على ارض الواقع ، ثم مر بمراحل كثيرة لغاية ما استقر عليه اليوم، واعتبر أحد الفنون بعد ان جاهد القائمون عليه بعد صراع مع الفنانين التشكيليين في ذلك الوقت باعتباره احد الفنون الحديثة ، اليوم اصبح التصوير يفرض نفسه على العالم وجعله يعيش عصر الصورة.
استمر التطور والابتكار ليمر بمراحل عديده في صناعة الفلم من خلال الابداع والابتكار ليتجاوز مرحلة الالواح الحساسة وبدء صناعة الأفلام من مادة السيللوز المرن ليتم تصنيع الأفلام الملفوفة بالأحجام المتعارف عليها بعد ان كانت تصنع من الزجاج ومن ثم الابداع والابتكار والتنوع في صناعة الورق الحساس لغاية الوصول للصور والافلام الملونة التي فرضت نفسها على انتاج وصناعة الكاميرات بموديلات واحجام وأنواع مختلفة.
تلتها حقبة كبيرة من الزمن محملة بالأبحاث المستمرة لتدخل الكاميرا الى عصر جديد هو العصر الرقمي بخطوات ثابتة بدأت ولم تنتهي …
فرق كبيربين الأمس وما نعيشه اليوم في صناعة الصورة.
اتسم عالم التصوير الرقمي بخطوات سريعة ليواكب التطورات التكنولوجية التي يعيشها العالم اليوم بدأ من التحول للتصوير الملون وانتقال الفلم الى المتحسس الضوئي Charged Coupled Device (CCD)
وبعد سنوات من الأبحاث في هذا المجال تم تطوير تقنية
Complimentary Metal Oxide Semiconductor (CMOS sensor)
التي كانت بمثابة طفرة نوعية في تطوير صناعة الكاميرات الرقمية، التي اعتمدت اشباه الموصلات التي لا تحتاج لطاقة كبيرة للعمل والتي فتحت آفاق كبيرة في تكنولوجيا هذه الأجهزة لتقدم للبشرية خدمة أسهمت بتطور الحضارة الحديثة، حيث ساهم ذلك بتصنيع كاميرات في منتهى الصغر دخلت في حياتنا اليومية من خلال الأجهزة الطبية وجعلها في متناول يد كل انسان من خلال أجهزة الموبايل.
انتشر التصوير في العالم ومارسه كل البشر بما فيهم الاميين بعد ان كانت الصورة حكرا على المصورين.
هنالك قاعدة في عالم التصوير التقليدي تؤكد ان الصورة تلتقط لتنتهي بطباعتها بالحجم المطلوب لكن التصوير الرقمي قد غير المفاهيم باعتبار ان الصورة تلتقط ولا تنتهي،
وبفضل برامج التحرير الرقمي المتطورة التي وصلت لغاية استغلال الذكاء الصناعي ضمنها، والتي جعلت المصور يبدع ويبتكر في فنون التصوير الذي أصبح كعلم وفن في وقتنا الحاضر.
لتستحدث مدارس جديدة في عالم التصوير بالإضافة للمدرسة الكلاسيكية لفنون التصوير التي تضم كل اقسام التصوير المتعارف عليها برزت مدارس حديثة اخرى مثل السريالية والمفاهيمي والديجتال آرت والتجريدي.
مما جعل المصور يحلق بعوالم بعيدة من خلال تجسيد أفكاره الى واقع ملموس من خلال المدارس الجديدة بعد ان كان جل ما يستطيعه التقاط صور ليدلل بها الى الرمزية بدل تصوير الموضوعات بشكل مباشر .ومازالت الافكار تتطور لتلد انواع شتى في فنون التصوير
انتقل التصوير ايضا لعوالم كان يحلم بها المصور من خلال تحليق الكاميرات بطائرات الدرون التي غيرت المفاهيم ووصلت لعوالم غاية في الروعة في استكشاف الطبيعة المحيطة بالإنسان بعد ان كانت تستعمل المنطاد او الهليكوبتر لاستكشاف ذلك ووصل الحال ان تكون هذه الطائرات الصغيرة في متناول حتى هواة التصوير بعد ان توفرت في الاسواق المحلية.
في السنوات الأخيرة شملت تقنيات النانو تكنولوجي عالم الصورة لتصنع كاميرات غاية في الصغر بحيث وصل حجم الكاميرا مع جهاز الارسال ومحرك الطيران وتقنيات أخرى لتكون بحجم البعوضة وتم الكشف عنها من خلال استعمالها من قبل الجيش الأمريكي في أفغانستان والعراق.
مهما تكلمنا عن عالم التصوير بشقيه القديم (الكيمياوي) والرقمي (الفيزياوي)نحتاج لألاف المجلدات التي تتحدث عن عبقرية العلماء والمبدعين ومليات الدولارات التي أوصلت التصوير الى ما هو عليه الان، ليكون عصر الصورة بعوالم متجددة غير محدده تبدأ ولا تنتهي.