الصداع المزمن
مواجهة الإنفصال
قُدّر لهذا البلد إن لا يخرج من مشكلة حتى يدخل في أخرى ، فما إن خرج من مشكلة الإرهاب الدولي المتعمد على يد التنظيمات الإرهابية حتى دخل في نفق مشكلة الأخوة الاكراد هذه المشكلة التي شكلت الصداع المزمن للعراق والتي بدأت منذ عشرينات القرن المنصرم مع بداية قيام الدولة العراقية ومازلت ،
ولم يستطع أحد إن يجد لها الحل الجذري على مر هذه السنوات الطويلة مع تعاقب الأجيال واختلاف أنظمة الحكم ، لأن المسألة الكردية تعتبر من أعقد المشاكل التي يُحار ذوو الألباب والعقول في كيفة حلها ،
فهي لا تقتصر على جانب محدد ممكن معالجته بل تشمل عدة جوانب مترابطة مع بعضها البعض إلى الحد الذي لا يسمح مطلقاً بتفكيكها والإصرار على ذلك أشبه بمن يريد أن يقتطع عضوا مهما من جسد معافى ،
إن المتأمل لمحاولة انفصال الكرد وفق رغبة قيادتهم الازلية يجد الكثير من المعوقات والمخاطر التي تترتب عليها فضلاً عن تعقيدات لايمكن الافضاء معها إلى حلول ونتائج مرضية لجميع الأطراف على فرض التسامح والتنازل بالموافقة على مشروع الانفصال ،
ونستعرض هنا المعوقات التي تقف حائلاً دون الانفصال بالإضافة إلى ما يمكن توقعه وأستشرافه من مخاطر وعواقب وخيمة في حالة حصوله :
1 . الدستور العراقي الذي لا يسمح بتقسيم العراق مطلقاً فوق المادة (1) والتي تقول :
دولة اتحادية
جمهورية العراق دولةٌ اتحادية واحدة مستقلةٌ ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوريٌ نيابيٌ (برلماني) ديمقراطيٌ وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق.
لقد كان الأكراد يمثلون حجر الزاويا في كتابة هذا الدستور ، فكيف يمكن إيجاد مسوغ قانوني معارض للدستور بخصوص الانفصال؟!
- 2. الواقع التأريخي والجغرافي والاجتماعي والاقتصادي يحول دون الانفصال فالعراق بلد الحضارات امتدت حضارته لما يقارب السبعة آلاف سنة ولم تخل بقعة منه سواء في الشمال أو الوسط أو الجنوب إلا وكانت هناك شواخص حضارية وأثرية ذات دلالات وإيحاءات موحدة فكيف يمكن التفريط بكل ذلك لرغبة بعضهم ؟
كما إن التداخل السكاني المعقد بين أبناء الشعب العراقي بجميع أعراقهم وقومياتهم ويظهر ذلك بوضوح في المناطق المتنازع عليها مما لا يسمح بالانفصال أو الإستقلال وإذا تم ذلك ( لاقدر الله ) يترتّب عليه الكثير المشاكل والأزمات التي لم يحسب جانبها وخصوصاً فيما يتعلق بالإقليات غير الكردية كالتركمانية والآشورية والإيزيدية مع ملاحظة السكان الأكراد الساكنين في العاصمة ومحافظات والوسط والجنوب أي مصير ينتظرهم في حالة انفصال كردستان عن العراق؟
ومن المعروف إن الدولة المرتقبة لا تملك مؤهلات إقتصادية يمكن إن تعتمد عليها وقد لاحظنا كيف أنهم عانوا من مشاكل إقتصادية ومالية رغم نسبتهم العالية من ميزانية العراق العامة فضلاً عن موارد الإقليم والمساعدات الدولية هذا إذا ما علمنا إن الدول المحيطة بها ترفض قيامها وهي أيران وتركيا ولا يوجد منفذ لهذه الدولة المزعومة من غيرهما .
إن أصرار البارزاني على قيام مشروعه الانفصالي رغم كل هذه العواقب والمخاطر يكون كمن ( يبحث عن حتفه بظلفه ) لأن الدولة المرتقبة ستكون محاصرة تماماً في حالة التزام الدولتين تركيا وإيران بموقفيهما.
موقف امريكي
طبعاً بالإضافة إلى الموقف الأمريكي الرافض لإجراء إستفتاء الإستقلال في الوقت الحاضر أيضا يصب في فشل الانفصال خاصة إذا توقفت المساعدات المالية.
.3إن من المخاطر التي يمكن أستشرافها في حال نجح البارزاني بالإنفصال لا أستبعد قيامه أو من يخلفه بتنفيذ مآرب الصهاينة الذين رحبوا بقوة بالانفصال وتحقيق طموحاتهم في رؤية العراق مقسماً وضعيفاً وعلى ضوء ذلك تكون المحصلة هي تدمير العراق من عدة أوجه امنياً واقتصادياً و سياسياً إلخ.
من خلال ماتم أستعراضه يجب إن يعمل الشعب العراقي بكافة أطيافه وحكومته على منع هذا الإنفصال بكل قوة سواءً كان دبلوماسياً أو ميدانياً .
رسول مهدي الحلو – النجف