الشعر نشيد الذات الإنسانية وصوت يصعد من أعماق النُّفوس

يمدّ الشعوب بالشجاعة لتغيير العالم

الشعر نشيد الذات الإنسانية وصوت يصعد من أعماق النُّفوس

غزاي درع الطائي

1 . الشعر … طاقة لا تنفد ، تمنح ألقها المستدام إلى المحتاجين إليه بلا مقابل ، طاقة مستدامة ومتجدِّدة .

2 . الشعر … هو القدرة التي تتمكن من تحريك الساكن وتعجيل المتحرك وإشعال الخامد وإضاءة المعتم ونشر النور والسلام والراحة في كل مكان ونفس .

3 . الشعر … حر ، ولذلك يختار أشكاله التي يجد فيها القدرة على النهوض بأثقال أحلامه وآماله ورؤاه دون تدخل من أي جهة خارجية .

4 . الشعر … من صميم الحياة ينبثق ، ويجري كما تجري البحار والأنهار والجداول والسواقي ليصل إلى كل مكان . أما المساحات التي يضيئها بوهجه الأخّاذ فهي النفوس والأرواح والمشاعر والأحاسيس والعواطف .

5 . الشعر … يحرِّك الهمم ويشعل العواطف ويفجر الأحاسيس في النفوس كما يتفجر الماء من الأحجار .

6 . الشعر هو نشيد الذات الإنسانية ، إنه الصوت الذي يصعد من أعماق النفوس إلى فضاء الحياة ، محملا بالآمال العريضة والأحلام الزاهرة والدعوات المُشعَّة بالطِّيبة والمجد والسلام والرحمة والعدل والفضل .

7 . الزمان يتغير ومع تغيره يتغير المكان والشاغلين لذلك المكان ، وبتغير الزمان والمكان يتغير الحكام والرؤساء والحكومات والقضاة والمدراء وأصحاب الشأن ، الذين يستخدمون صلاحياتهم المناطة بهم لخدمة مصالح من أقعدوهم على كراسيِّهم ويفعلون أفعالهم التي تدفع وتغيِّر وتحوِّر وتطوِّر إلى الأمام ـ أو هذا هو المتوقع والمفترض ـ ، وهكذا تتغير الأمكنة من جديد تبعا لما يقرِّره أصحاب القرارات ، وبتغيُّر الزَّمان والمكان يتغيَّر الشِّعر ليعبِّر عن الأحوال المتغيِّرة والآمال المتجدِّدة .

8 . العوالم تمتد ، تتغيَّر ، ينفتح بعضها على بعض ، فتتبادل التأثير والتأثُّر سلبا وإيجابا ، وإلى جانب ذلك تتحرك الحالات والأهداف والوسائل لتحتل مساحاتها المؤثرة على صعيد الواقع المعاش ، ومع هذا الإمتداد وذلك التغيُّر ، يمتدُّ الشٍِّعر ويتغيَّر .

9 . الواقع الملتبس يفرض أسئلة ملتبسة ، ولكن الإجابات يجب أن تكون واضحة وحقيقية وليست ملتبسة ، أفيقدر الشعر اليوم أن يقوم بذلك ؟ .

10 . اللغة تنتظر إنجازات الشعراء فيها ، فاللغة بالنسبة للشعراء ليست أداة تعبير وحسب ، وهم لا ينظرون إليها كما ينظر إليها غيرهم ممن يستخدمون اللغة في الكتابة ، فالشعراء ( صُنّاعُ لغة ) أما الآخرون فهم الذين يستخدمون ما ( صنعه الصُّنّاع ) .

11 . الشعر … يسطع في النهار ، ويتلألأ في الليل ، وهو كما وصفته السيدة إيرنا بوكوفا المديرة العامة لمنظمة اليونسكو في رسالتها التي وجَّهتها لمناسبة اليوم العالمي للشعر في 21/3 /2013م ( يجسِّد أحلام الشعوب ويعبِّر عن أسمى أشكال روحانياتهم ، كما يمدُّ الشعوب بالشجاعة لتغيير العالم ) ، إنه قطب رحى الإبداع الأدبي ، ودرب التَّبّانة في سماء الكتابة .

12 . ليس الشعر هو ما يكتبه شعراء العالم اليوم فقط ، بل هو ما كتبوه عبر تاريخ الخليقة منذ آدم ( عليه السلام ) حتى يومنا هذا ، ويمتلك العالم اليوم خزينا ضخما من القصائد العظيمة والأبيات الشعرية الخالدة التي تلتقطها الشعوب وتنقلها من جيل إلى جيل ، ولو أننا افتراضا فرشنا الأوراق التي كُتب عليها ذلك الشعر ، لوجدنا أنها تكفي لأن تغطّي الكرة الأرضية كلها بيابستها ومائها ، ولو تصوَّرنا أن كل كلمة طيبة قالها الشعراء نبتت عوضا عنها وردة ، لضجَّ سطح الأرض بالورود ، ولضرب عبق تلك الورود مشارق الأرض ومغاربها .

13 . الشعر … هو من الطَّيِّب من القول ، والله سبحانه وتعالى عندما قال في كتابه العزيز ( وهُدوا إلى الطَّيِّبِ مِنَ القولِ ) فكأنه كان يقصد الشعراء والشعر الذي يكتبونه .

14 . لا بدَّ من الإقرار بأن واحدة من أهم مهمات الشعر هي أن يكون أداةً للتعبير عن الوعي الجمعي وإظهاره والإفصاح عنه بصورة إبداعية راقية ، إضافة إلى كونه صاحب القدرة الفاعلة على الغور في أعماق النفوس وكشف خصوصياتها بأعلى توصيف .

15 . من اللازم الإعتراف بكل الحركات الشعرية التي تسعى إلى التغيير في الساحة الشعرية وأساليب التعبير ، ودعمها وفسح المجال أمامها للظهور على نحو كامل ، وتزويدها بقوة الدفع التي تجعلها سائرة على طريق التقدم الصحيح بلا عرقلات ولا تعويقات .

16 . أن الشعر هو في الصميم من موضوعات الساعة في الدول والعالم ، وذلك لقدرته على التعبير السريع عن فوران العواطف وجيشان الأحاسيس وطرح المواقف اللافتة لنظر القلوب قبل العيون .

17 . إذا كنّا قلقين ، نقرأ الشعر فيذهب عنّا القلق ، وإذا كنّا حزانى ، نقرأ الشعر فينجلي عنّا الحزن ، وإذا كنّا خائفين ، نقرأ الشعر فنحسُّ بالأمان ، وإذا كنّا يائسين ، نقرأ  الشعر فنشعر بالأمل ، إنك الألق العظيم المتدفق أيها الشعر  .

18 . الحداثة في الشعر هي التي تنبؤ عن الحداثة في أصعدة الحياة كافة ، وهي التي تحاورها وتعتني بها وتجعلها جميلة في أعين الذين تبهرهم الحياة بما فيها من ألوان ومظاهر ومشاعر وأحلام ، ومن تَجَدُّد في تلك الألوان والمظاهر والمشاعر والأحلام .

19 . كل ما كتبه الشعرار الأحرار الطليعيون المبدعون المجدِّدون الصادقون الحقيقيون هو تراث ليس لشعوبهم فقط بل للإنسانية جمعاء .

20 . للشعر القدرة على إيصال رسالته الإنسانية إلى الجميع عبر أوزانه وقوافيه وصوره ومعانيه وأساليبه البلاغية الأخّاذة ، وله القدرة على التأثير في النفوس المتعطِّشة للقول الصادق الأمين الجذّاب السليم والمؤثِّر ، وله القابلية على بذخ جمال باهر على عوالم الواقع الذي تأسره المشاكل وتحيط به المثبِّطات .

21 . الذي يتحدث عن الشعر عليه أن يتحدث عن روح الشعر ، لا عن أشكاله وأوزانه وقوافيه ومعانيه وصوره وأساليبه البلاغية ، أي : عليه أن يتحدث عن الثابت الذي هو روح الشعر لا عن المتغيِّر ، أعني : أشكاله وأوزانه وقوافيه ومعانيه وصوره وأساليبه البلاغية .

روح الشعر واحدة أما ما عداها فمتعدِّد … روح الشعر واحدة أما ما عداها فمتغيِّر ، وكون روح الشعر واحدة فإن ذلك لا يمنع من التعدُّد ، وكون روح الشعر ثابتة فإن ذلك لا يمنع من التغيُّر .

22 . إن الشعراء المؤسسون الذين يقفون على رأس الإتجاهات الشعرية الجديدة التي أبدعوها ، لا بد أن يكونوا متبوعين بعدد من الشعراء التابعين ، قلَّ ذلك العدد أو كثر ، والشعراء التابعون يشكلون امتدادا للشعراء المؤسسين ، وهم يتحركون على ذات المساحة الشعرية المعروضة سواء أكان ذلك التحرك على المستوى الأفقي ( الإطار العام ) أم على المستوى العمودي ( العمق ) ، وهنا لا مندوحة من تأشير حالة ( الاستنساخ ) للنموذج الأصلي ، وهكذا يظهر لنا بوضوح تام أن التابعين هم مقلدون ومستنسخون لا أكثر ، وقضية المؤسسين والتابعين تعتبر من أقدم القضايا ، فما أن يشرق في الأفق الشعري مؤسس حتى تلوح خلفه أنوار غير أصيلة قائمة لا على أساس الخلق بل التقليد .

23 . إن التجار غير الأصيلة التي تعتمد على اللعب اللغوية والتصنع اللفظي والتي تركز على الثرثرات غير المجدية ، دائما ما تسقط مغشية عليها أمام إشعاعات الشعر الأصيلة .

24 . إن الشكلية والجمود هما من أبرز ما يمكن أن يقتل الشعر ، أيا كان ذلك الشعر من حيث الشكل والمدرسة والإتجاه ، وفي مقابل الشكلية والجمود لا بد من إشاعة روح الشعر وأصلته ونوره الوهاج ، ولا بد من إعطاء الحيوية فاعليتها ودفعها المطلوب من أجل إنقاذ الشعر من مهاوي التكرار والبرود .

25 . أن من أكبر ما يمكن أن يسقط فيه الشعر هو التجريد والغموض ، فهاتان الآفتان هما من أكبر الآفات المهددة لحياة الشعر ، فهما تسهمان في وضع حاجز عال وصلب بين الشعر ومتلقيه ، وهذا الحاجز يؤدي بالضرورة إلى التنافر بين الشعر والقارئ ثم القطيعة .

إن الشعر أحوج ما يكون إلى مد جسور التواصل بينه وبين المتلقي ، وذلك لا يكون إلا بطرد التجريد والغموض من ساحة الإبداع الشعري .

26 . لا يمكن القول إن اللغة بحد ذاتها شعر ، إي أن كل قول يمكن أن يكون شعرا ، فمثل هذا القول لا يفرق بين اللغة باعتبارها وسيلة للتفاهم بين البشر بمفهومها العام والواسع والشعر بمفهومه الخاص والمحدَّد ، ويخلط خلطا فاضحا بين اللغــــــة بعموميتها ولغة الشعر القائمة على خصوصية التصوير والتخييل والمجاز مع التشكيل الإيقاعي لوحداتها النغـــــمية ، نعم إن الشعر لا يمكن أن يكون خارج اللغة ، ولكن اللغة يمكن أن تكون خارج الشعر ، وهذا يعني أن القول يمكن أن يكون نثرا لا علاقة له بالشعر ويمكن أن يكون شعرا له خصائصه التي تجعل منه حاملا لصفة الشعر .

27 . هناك من يرى أن الإنجاز الشعري توقف عند الحد الذي وصل إليه ، بسبب ما يسمونه بـ ( الإكتمال ) الذي وصلت إليه اللغة ، وفي هذا ربط مباشر بين ( الإنجاز الشعري ) و( الإكتمال اللغوي ) ، ومعناه أن الإنجاز الشعري ليس سوى مُخرَج من مُخرجات اللغة لا أكثر ، وهنا نتوقف لنقول : إن اللغة كائن يتصف بالحيوية والتجدد والنمو وهي أبعد ما تكون عن الجمود والتوقف  الذي يعني الموت ، أما ( الإكتمال ) الذي يشير إليه المشيرون فهو أيضا صفة غير جامدة بل متصاعدة ومتطورة وفي حالة نمو مستمرة ، وما دام الإكتمال اللغوي متصاعدا ومتطورا ووفي حالة نمو مستمرة ، فإن الإنجاز الشعري متصاعد ومتطور وفي حالة نمو مستمرة كذلك ، إذا ما تنادى الشعراء للإرتقاء بالشعر إلى المعارج التي يحلمون بها .

في صفحة59-60 ما نصه : (بلغت مؤلفات ابي حيان أكثر من خمسين كتابا ضخمامنها:(أوصاف  المجالس) و(ترويح الارواح)و(عجائب الغرائب) و (المفابسات) وغيرها كثيرتحس من خلال أسلوب كاتبهاالذي يكاد يتطابق تماما مع أسلوب كاتب (الف ليلة وليلة) فاذا قرأنا مدخل هذه الحكايات التي يفتتحها القاص بهذه العبارات.. ألخ) وهو هنا يورد مقاطع من المقابسات وغيره من كتب التوحيدي تتفق ونصوص بعض حكايات الف ليلة، وله بعد ذلك آراء تؤكد  هذه الصلة بين السارد الكبير (التوحيدي) واسلوب الليالي.

ونحن نأخذ تحليل الاعرجي ونسبته مؤلف الكتاب على محمل الجد لاجتهاد الباحث وحيوية فكرته دون ان نقطع برأي جازم لصعوبة القطع، لكننا نجد في جرأة السارد القديم لألف ليلة واستلهامه لقصص الاكليل وغيره  ما يقربه من التوحيدي دون غيره، وما أضافات النساخ الا تضييع لهوية الليالي وعراقيتها.

مشاركة