الشرطة العراقية وخطوات التأهيل والتطوير المطلوبة – أكرم عبد الرزاق المشهداني

الشرطة العراقية وخطوات التأهيل والتطوير المطلوبة – أكرم عبد الرزاق المشهداني

تختص أجهزة الشرطة، في جميع أنحاء العالم، بمهمة حفظ الأمن والنظام العام والمحافظة على أرواح المواطنين وممتلكاتهم، من خلال منع وقوع الجرائم، وملاحقة مرتكبيها وإقامة الدليل عليهم واحالتهم للقضاء لينالوا جزائهم العادل..  وبالتالي فإن للشرطة اليوم مهام أو وظائف واختصاصات إدارية وقضائية واجتماعية:

الوظيفة الإدارية للشرطة

تتلخص المهمة الإدارية للشرطة في تنظيم إجراءات حفظ الأمن والنظام والوقاية من الجريمة قبل وقوعها أو اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمنع وقوع الجرائم) من خلال تنظيم اخراج الدوريات والمفارز، من آلية وراجلة، ووسائل المراقبة والرصد والتعقب. وباختصار فان المهمة الإدارية للشرطة هي مهمة وقائية وتنظيمية للتدخل قبل وقوع أي ضرر محتمل. وتدخل تحت هذا العنوان إجراءات الشرطة لحماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم في أحوال الكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات والحرائق وسقوط او انهيار المباني. كما تدخل ضمنها إجراءات الشرطة لحفظ الصحة العامة وحماية الافراد من الامراض المعدية ومنع انتشار الأوبئة، ومنها مصاحبة الفرق الصحية التفتيشية لمراقبة جودة ومدى صلاحية المأكولات ومراقبة الفنادق والمطاعم. وتشمل إجراءات الشرطة في الحفاظ على السكينة العامة وتحقيق الاطمئنان ومنع التجاوز على راحة الناس واستقرارهم.

ويقع ضمن هذا التصنيف اعمال الشرطة في تنظيم حيازة الأسلحة والذخائر والمتفجرات وإجراءات الدفاع المدني والجنسية والاحوال المدنية وإصدار الجوازات ووثائق السفر والإقامة.

الوظيفة القضائية للشرطة

تتلخص الوظيفة القضائية للشرطة في قيام الشرطة بواجبات إسناد مهمة القضاء في كشف الجرائم الواقعة والتحري عنها، والقبض على مرتكبيها وتقديمهم للقضاء لينالوا جزائهم، والشرطة في سبيل تحقيق ذلك تختص بتنظيم جهودها التحقيقية والضبطية. وقد تتداخل المهمتان الإدارية والقضائية، فشرطي المرور يُمارس مهمة إدارية في تنظيم السير، ولكنه يمارس وظيفة قضائية حين تقع امامه جريمة او مخالفة مرورية، فيتحول لممارسة وظيفة قضائية عن طريق ضبط المخالفة ومحاسبة المقصر او المتسبب او مرتكب الفعل. كما ان الشرطة حين تحرس المنشآت من كهربائية ونفطية وسكك حديد ومطارات او شرطة اقتصادية، فهي تمارس مهمة إدارية وقائية، ولكنها تتحول لممارسة مهمة ضبطية قضائية حين تقع امامها او يصل لعلمها وقوع جريمة تمس أهدافها المحمية والمحروسة من قبلها. والوظيفة القضائية تبدأ من حيث تنتهي وظيفة الضبط الإداري حين يقع اخلال فعلي بالنظام العام (جريمة)، او بتكليف من القضاء، حيث تمارس الشرطة مهمة مرحلة التحقيق الابتدائي وهي مهمة ذات طابع قضائي بحت تمارسها الشرطة تحت اشراف وتوجيه القضاء صاحب الكلمة الفصل في الإجراءات والقرارات ذات الصلة بالواقعة.

الوظيفة الاجتماعية للشرطة

كما ان للشرطة مهام اجتماعية عديدة، لكنها تتداخل في أحيان كثيرة مع اختصاصيها الإداري والقضائي. والوظيفة الاجتماعية للشرطة هي سلسلة من الخدمات التي تقوم بها الشرطة لصالح افراد المجتمع، وتتضمن توفير الحياة الرغيدة وإقرار السكينة والنظام وحماية الاخلاق العامة ورعاية السلوك الاجتماعي، ورعاية الاحداث ووقايتهم من الجنوح والانحراف، والاهتمام بأمن الأسرة والتدخل لحل المشاكل الاجتماعية والأسرية.

القاسم المشترك لجميع الوظائف الشرطية

1- احتكامها للقانون حيث يحدد ويرسم لها الصلاحيات والإجراءات.

2- هدفها خدمة المواطن وتحقيق الامن العام والطمأنينة والاستقرار.

3- هدفها تحقيق الضبط العام من خلال حفظ الامن والنظام ومنع الاخلال به.

4- التداخل بين المهام في بعض الأحوال كما تطرقنا لذلك آنفاً.

كلمات لابد منها

إن مهمة الشرطة اليوم، يجب ان لا تقف عند مفهومها التقليدي القديم، خاصة ونحن نعيش في عالم تطورت فيه الجريمة واساليبها ووسائلها، واستخدمت فيها أحدث التقنيات، وأصبحت الجريمة مُعولمة وعابرة للحدود والقارات، تقع وقائعها في بلد ولكن نتائجها الضارة تقع في بلد أو بلدان أخرى. لذا يجب التوسع من رحابة الفكر والافاق للعمل على تأصيل الامن بمفهومه المتجدد والمتطور أملا في مزيد من ترسيخ الامن والعمل على توفير وحماية رفاهية واستقرار المجتمع.

والشرطة العراقية عبر مراحل تطورها على مدى قرن مضى منذ تأسيسها، اكتسبت كماً كبيرا من الخبرات والممارسات والتجارب، خاضت غمارها وأبدعت فيها أحيانا كثيرة، وربما أخفقت في أحيان قليلة نتيجة عدم استقرار الإدارات، وعدم تقييم المسيرة ومراجعة التجارب، فضلا عن التداخلات السياسية والحزبية غير المهنية، والتي أدت الى تلكؤ المسيرة والإخفاقات. وكان لكارثة احتلال العراق، والإجراءات المتخبطة التي مارستها سلطة الاحتلال، والقرارات الكارثية، والتفريط بالكوادر والخبرات والملاكات المهنية.. كانت لها نتائج مؤذية وتخريب للنظام المؤسسي للشرطة العراقية، والزج بعناصر غير مؤهلة، والاهتمام بالكم على حساب النوعية.

وإذ نسجل لقيادة وزارة الداخلية الحالية جديتها وسعيها الحثيث الملموس في تصحيح أوضاع مسيرة عمل أجهزة وزارة الداخلية وبالأخص تشكيلات الشرطة العراقية، وذلك من خلال الاستعانة بالخبرات المتراكمة وتقييم الأداء، والانفتاح على الخبرات الشرطية والاستماع لكل الآراء والأفكار التطويرية سوف نسعى من خلال هذه السلسلة لرسم مسار أفكار للتطوير والنهوض بجهاز الشرطة والارتقاء به لمستوى طموح الشعب. وتحقيق التطلعات في عراق آمن مستقر ونجاح للأجهزة الأمنية وبخاصة الشرطة في نشر الأمن والطمأنينة والسكينة والقضاء على عوامل الانحراف والجريمة.

 والى حلقات أخرى قادمة بإذن الله…

{ مستشار أمني وقانوني

مشاركة