الشرطة العراقية مرجع تاريخي هام – أكرم عبد الرزاق المشهداني

مذكرات ضباط

الشرطة العراقية مرجع تاريخي هام – أكرم عبد الرزاق المشهداني

تُشكل كتب مذكرات عدد من كبار ضباط الشرطة العراقية التي صدرت خلال الفترات الماضية، مرجعاً هاماً في سِفر تاريخ جهاز الشرطة العراقية، وتحليل لمحطات مشهودة من تأريخ هذا المسلك الذي شابته شوائب عديدة، وتعرَّض تأريخه للطعن والتحريف والتأويل، كلٌّ يراه من زاوية نظره وتفسيره ومرجعيته، فالبعض من السياسيين يرى في الشرطة أداة من أدوات النظام وعصا يستخدمها للقمع والتنكيل والاضطهاد، وآخرون يرون غير ذلك حيث هي في نظرهم مجرد جهاز حرفي تنفيذي، منطلقين من كون الشرطي إنما يمثل عصا القانون، وهو المنفذ والمطبق للأوامر والتعليمات. ولا يفترض أن نتخيل الشرطي سياسياً أكثر من السياسيين، فهو لا يعرف غير القانون والأوامر والتعليمات ولا شيء فوقها ولا بعدها.

مذكرات المرحوم الفريق عبدالجبار الراوي

من كتب المذكرات الشخصية المهمة التي دوّنها كبار ضباط الشرطة العراقية كتاب مذكرات المرحوم الفريق عبدالجبار الراوي، أحد أبرز قادة الشرطة في القرن الماضي، الذي دون فيها اهم الاحداث التي صادفته من خلال مسيرة عمله المضنى في سلك الشرطة، وخصوصا في المراحل المبكرة من تأسيس الشرطة العراقية في العشرينات، وتنطوي تلك المذكرات على تفسير للأحداث، وعرض لتفاصيل الإجراءات والمواقف الميدانية التي تعرضت لها الشرطة في بغداد ومحافظات العراق، وكذلك ذكريات عمله في شرطة البادية التي كان له السبق في تشكيلها وادارتها، ومن أهم الأحداث والمواقف التي واجهتها الشرطة العراقية، كما دونها الفريق الراوي في مذكراته.

مذكرات المرحوم العميد عبدالجبار عباس الجسام

في عام 1951 اصدر المرحوم الزعيم المتقاعد عبدالجبار الجسام (مفتش الشرطة) كتاب مذكراته الشهير (30 سنة في الوظيفة) مذكرات تحتوي اهم الاحداث السياسية التي جرت في العراق والتي شهدها صاحب المذكرات منذ دخوله مسلك الشرطة عام 1919  الى يوم تركه الوظيفة في 1950  ابتدا بالحديث عن الاحتلال البريطاني للعراق وعن ما تركه هذا الاحتلال في نفوس العراقيين من اثر وبالاخص من الناحية الدينية، وكان الحكام الجدد يدركون هذا الاثر فبذلوا جهدهم للتقرب من الناس بشتى الوسائل ومختلف الطرق، وكان من جملة ما عمدوا اليه من أساليب، استمالة رؤساء العشائر، وتعيين ابنائهم في الوظائف العامة، وحيث ان والده كان رئيس عشيرة الجميلة في الفلوجة، وكان الكولونيل لجمن هو الحاكم السياسي، فتم اختياره للتعيين ضابطا في الشرطة. وتحدث المؤلف عن الثورة العراقية واسبابها، وتحدث عن تفصيل حادثة اغتيال الكولونيل لجمن والكابتن وليم، وتحدث عن سلوك الميجر ايدي وتصرفاته التعسفية في لواء الدليم، حيث قام بتسفير بعض الرؤساء والوجهاء من اهالي الرمادي والفلوجة الى (سمربور) في الهند ويفسرها صاحب المذكرات بانها ناجمة عن كون الميجر ايدي جاء مرغما للعراق ولا يرغب بالعمل فيه، فانعكس ذلك في أسلوبه وتصرفاته وتعامله مع العراقيين.

مذكرات عميد الشرطة شاكر محمود العاني

أصدر العميد المتقاعد شاكر محمود عبدالغني العاني (يرحمه الله) مذكراته بعنوان (رحلة حياة 30 سنة في خدمة الشرطة) والمرحوم من مواليد عام 1924 في مدينة (عنه) ودرس الابتدائية والمتوسطة فيها وأكمل المرحلة الثانوية في بغداد ثم انتسب الى إعدادية الشرطة الأولى، وتخرج فيها بدرجة (مفوض شرطة) وعين في لواء العمارة عام 1947 ثم عمل مأمور مركز شرطة لعدد من نواحي العمارة و مخافر الحدود مع إيران، ثم نقل الى مدينة النجف وعمل مأمور مركز لشرطة النجف والكوفة وكربلاء. وقد اكتسب السيد العاني خبرات كبيرة وواسعة من خلال تنقلاته بين المدن والأقضية، ثم انتقل الى بغداد، حيث عمل في مراكز الشرطة وأهمها مركز السراي والكرخ يوم كانت مراكز الشرطة هي ركيزة للأمن في المدينة، وتدرج شاكر العاني في مراكز المسؤولية في مسلك الشرطة حتى بلغ رتبة عميد وأحيل إلى التقاعد عام 1972.وكان يرحمه الله قد نشر سلسلة من مذكراته التي احتواها الكتاب على صفحات جريدة (الزمان) الغراء قبل وفاته يرحمه الله عام 2019.

مذكرات اللواء طارق متعب أحمد

أصدر اللواء طارق متعب أحمد كتاب ذكرياته بعنوان (ضحايا وخفايا: جرائم غامضة وحوادث في ذاكرة رجل شرطة) والذي هو عصارة خبراته وجهوده وإنجازاته التي حققها خلال سنوات عمله وبالأخص عمله القيادي في المحافظات الي أدارها بكفاءة واقتدار يشهد له بها المحافظون الذين عمل معهم وكبار مسؤولي الدولة ووزارة الداخلية، مسيرة ناصعة ومُشرقة ومُشرّفة تلك هي المسيرة الوظيفية التي يستحق أن يفخر بها وتفخر بها عائلته وأصدقاؤه بل ويفخر بها الوطن وجهاز الشرطة بالأخص. وقد حوت مذكرات اللواء طارق عددا من الجرائم الخطيرة التي أشرف على التحقيق فيها في عدد من محافظات العراق، وبالأخص في محافظة بغداد التي اختتم فيها مسيرته الوظيفية الناصعة، وكان اغلب تلك الجرائم من صنف ما يسمى بجرائم الرأي العام، التي تهز وتقلق الرأي العام، وتثير الرعب والخوف وتولد الإشاعات، فيكون اكتشافها بأسرع وقت عامل ارتياح لدى عموم الناس وبالأخص المجتمع المحيط بالحادثة او الجريمة.

مذكرات عبدالجبار فهمي مفكك شبكات الموساد بالعراق

عبد الجبار فهمي مفكك شبكات الموساد بالعراق وهو أول ضابط شرطة عراقي يتدرب في إدارة الاسكتلنديارد في بريطانيا على فنون طبعات الأصابع والتحريات الجنائية. وتدرج في المناصب الشرطوية وآخر مناصبه كان محافظ بغداد قبل 14 تموز 1958 وحكم عليه بالإعدام من قبل محكمة المهداوي..

كتاب فن طبع الاصابع للمرحوم عبدالجبار فهمي وهو اول ضابط شرطة يوفد الى سكوتلاند يارد لدراسة فن طبع الاصابع وعاد ليكون رئيسا لمكتب طبع الاصابع

مذكرات عبدالرحمن حمود السامرائي (ربع قرن في مكافحة الجريمة)

كتاب ربع قرن في مكافحة الجريمة فضح أساليب المجرمين والتفتيش الجنائي

الكتاب هو من تأليف المرحوم مدير الشرطة عبدالرحمن الحاج حمود السامرائي صدرت طبعته الأولى عام 1966 وطبع بمطبعة التلغراف/ بغداد. وقد أهداه الكاتب الى ((الذين ضحوا بأنفسهم وقدموها قربانا ليعيش الآخرون مطمئنين.. الى الساهرين من أجل أن ينعم أبناء وطنهم بنعمة الامن.. الى الذين كافحوا وقاوموا الجريمة دون ملل أو كلل.. رجال الشرطة في العراق)). وتكلم السامرائي في مقدمة الكتاب عن أنواع المجرمين (لقد أصبح معلوما إن السراق أنواع، فالنشال منهم لا يقدم على سرقة أثاث الدار، وهذا لا يجرؤ على فتح ومعالجة القاصات، والأخير لا يحسن السلب في الطريق العام، ولكن هؤلاء جميعهم مجرمون محترفون يعبثون بالأمة ويسعون في الأرض فسادا). ويتطرق الكاتب الى قيام السراق المحترفين بتوريط وتدريب الأحداث ليمارسوا السرقة تحت إشرافهم، فهناك طبقة من السراق اعتادوا أن لا يسرقوا بأيديهم، وإنما هم يجمعون الصبية ويدربونهم على الإجرام الى جانب إشباع شذوذهم المنحرف. وبعد أن يتدرب المبتدئون يؤلفون عصابة تنصرف الى السرقات ضمن منطقة معينة حيث أصبح في عرف السراق إن لكل زمرة منطقة لا يجرؤ أحد أعضاء زمرة أخرى الى ارتكاب السرقة فيها. وهكذا نجد السراق ينشأون، وهكذا يتدربون وهكذا يجرمون بموجب تدريس معين وعلى أيدي مدربين معلومين.

وبعد:

فإن ذكريات كبار ضباط الشرطة العراقية تمثل مصدراً وثائقياً ومعرفياً يسهم في تعزيز وتوثيق تاريخ العراق الحديث ومسيرة جهاز الشرطة العراقية وانجازاته في مجالات عمله المختلفة.

{ باحث في تاريخ الشرطة العراقية

مشاركة