الألعاب الأولمبية تضع الروس أمام تاريخ دموي
الشراكسة يذكّرون العالم بعاصمتهم سوتشي
{ موسكو – وكالات: بينما غاصت روسيا مساء الجمعة في أحلامها وحلقت فوق أقاليمها لحظة انطلاق حفل افتتاح أولمبياد سوتشي 2014، كان لسوتشي وقع آخر في مناطق أخرى من العالم. نفذ عشرات الآلاف من الشراكسة المهاجرين في دول الجوار الروسي اعتصامات احتجاجية ففي عواصم عديدة على إقامة تلك الألعاب في سوتشي العاصمة التاريخية المفترضة لهؤلاء المهاجرين الذين لم ينسوا أصولهم رغم اندماجهم في مجتمعاتهم الجديدة. وعلى عكس ما طمح له الروس من تأكيد وحدة الأقاليم الروسية تحت قبة ملعب “فيشت” وتعني باللغة الأديغية “الرأس الأبيض” وهو اسم إحدى ذرى جبال القوقاز ” على أنغام أغنية الطفلة “ليوبوف” (وتعني حُب)، فإن أهل الأديغية الأصليين كان لهم موقف آخر.
عاصمة الشركس
ويأتي احتجاج الشركس على اقامة الأولمبياد في هذه المدينة كونها كانت من المفترض أن تكون عاصمة للشركس قبل أن يتم تهجيرهم منها على يد القوات الروسية، ليلجأ الشركس جراء الحرب الى عدة دول منها الأردن وفلسطين وسورية ولبنان.
وذكّرت الاعتصامات الاحتجاجية بالمجازر التي ارتكبها قياصرة الروس بحق أجدادهم في منتصف القرن الثامن عشر فأبادوا أهلها عن بكرة أبيهم، ومنهم من فر بجلده واستوطن في تركيا والعالم العربي، ومنهم من رُمي بالبحر الأسود. وجاءت دورة الألعاب الشتوية التي فازت روسيا بإقامتها على أراضيها للتذكير بما تعرض له السوتشيين الشركس القدامى، وضاعت قصتهم الدموية في غياهب التاريخ. وكانت 14 منظمة وجمعية شركسية في مختلف أنحاء العالم، من بينها دول عربية وإسلامية، كالأردن وتركيا وفلسطين، دعت في أوقات سابقة إلى التظاهر أمام السفارات والممثليات الروسية، في الذكرى 147 لإبادة الشركس وتهجيرهم من المدينة، التي يبلغ عدد سكانها ما يزيد عن 343 ألف نسمة، ولم يبق من سكانها الشركس إلا 20 ألف نسمة.
لا لسوتشي
وتحت عنوان “لا لسوتشي 2014” انطلق مظاهرات الجمعة أمام الممثليات الدبلوماسية الروسية في كل من تركيا والأردن وأمريكا وبريطانيا والعاصمة الروسية موسكو، تزامناً مع الافتتاح الرسمي للدورة الأولمبية، بغية تسليط الضوء على المجازر التي ارتكبت ضد أهالي سوتشي على يد القياصرة. وحسب الصفحة الأديغية، وهو الاسم الأصلي للشركس، أدت سيطرة روسيا على أراضي الأديغة إلى موجات من الهجرات القسرية إلى أنحاء الإمبراطورية العثمانية، وذلك تحت وطأة التهديدات الروسية بالإبادة التامة أو النقل والتوطين في أماكن تحددها القوات الروسية، وهي أشبه بمعسكرات الاعتقال.
وتتواجد أغلب أديغة الشتات حاليا في تركيا، وعددهم هناك حوالي خمسة ملايين نسمة. كما توجد مجتمعات كبيرة منهم في الأردن وعددهم حوالي 200 ألف نسمة، وفي سوريا وعددهم حوالي ربع مليون نسمة (250 ألف نسمة). وهناك عشرات الآلاف منهم في كل من لبنان ومصر وفلسطين وليبيا وجمهورية مقدونيا؛ وكذلك في الولايات المتحدة . كما استقرت جماعة من الشركس في بلغاريا في عامي 1864 و1865، إلا أن معظمهم غادرها عندما استقلت بلغاريا عن الإمبراطورية العثمانية عام 1878، ويقدر عددهم فيها حاليا بحوالي 1300 نسمة فقط.
اعتصام عمّان
وفي العاصمة الأردني عمّان على وجه الخصوص، اعتصم مئات الأردنيين من الأصول الشركسية بعد عصر الجمعة أمام السفارة الروسية بالعاصمة الأردنية عمان احتجاجا على إقامة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في مدينة سوتشي الروسية.
وقال منظمو الاعتصام إن وقفتهم أمام السفارة الروسية لا تعني مناهضتهم لأي نوع من أنواع الرياضة ولكنها تذكير بالمجزرة التي ارتكبتها القوات الروسية تجاه آخر معقل كان للشركس وهي مدينة سوتشي. وأضاف المنظمون في أحاديث لشبكة (سكاي نيوز عربية) ان على العالم أجمع أن يتذكر هذه المجزرة التي راح ضحيتها الآلاف من الشركس بدم بارد، مؤكدين أنهم لن ينسوا بلادهم مهما طال الزمان. وزاد المنظمون أن الهدف أيضاً من الاعتصام هو تذكير العالم بأبشع مجزرة وقعت بالقرن التاسع عشر.وأكد المنظمون أنهم ماضون في كل الطرق للحصول على اعتراف دولي لحقوقهم المسلوبة من خلال مخاطبة الجهات في كافة بقع العالم. ورفع المشاركون العديد من اللافتات التي استنكروا فيها الجريمة البشعة تجاه الشركس، إضافة إلى عبارات أخرى أكدوا فيها على رفضهم بإقامة الأولمبياد على أراضيهم. وارتدى العديد من الأطفال المشاركين بالاعتصام اللباس الشركي المتعارف عليه، إضافة إلى ارتداء العديد من الفتيات والشباب طاقية من الفرو كان أهالي سوتشي يرتدونها بالماضي. وجاب عدد من المشاركين شوارع عمان بدرجاتهم النارية، التي كانت تحمل أعلام رسم شعار الشركس إضافة إلى علم الأردن.