السياسة الأمريكية وصناعة أزمات المنطقة – ياس خضير البياتي

فك التشفير

السياسة الأمريكية وصناعة أزمات المنطقة – ياس خضير البياتي

السياسة الامريكية وصناعة ازمات المنطقة من منظور علم المستقبليات للدراسات المستقبلية عدة مبادئ أهمها مبدأ الاستمرارية: وهو توقع المستقبل امتدادا للحاضر خاصة في ما يتعلق بالحقائق العلمية. ومبدأ التماثل: وهو توقع تكرار بعض أنماط الحوادث من وقت إلى آخر. اما مبدأ التراكم فهو تراكم نفس الأحكام على نفس الوقائع. كما أن للدراسات المستقبلية أساليب تقليدية منها التنبؤ عن طريق التخمين ويعتمد أساسا على الحدسية الفردية في تقدير بعض جوانب المستقبل، وأسلوب استقراء الاتجاهات الذي يرى أن الاتجاهات التي ثبتت في التاريخ القريب سوف تستمر في المستقبل، وأسلوب الإسقاطات وتعتمد على قراءة الاتجاهات الماضية، وأسلوب المحاكاة أو المماثلة، وأسلوب التعرف على المستجدات، وأسلوب تحديد مجالات الانتشار. ودون شك، فإن العرب، في حاجة إلى مستقبليات وسيناريوهات وتنظيم لمواجهة العصر الرقمي للأعوام القادمة، وفي حاجة إلى دراسات مستقبلية معمقة لمعرفة خريطة المستقبل للنجاة من عواصف المخططات التدميرية التي تريد اعادة تقسيم المنطقة وتدميرها. وهذا يتطلب من الدول العربية تأسيس قاعدة معلومات تستند الى المعرفة العلمية المتقدمة والاستخدام الأمثل للمعلومات المتدفقة، لأن إنتاج المعلومات هي القوة الرئيسية للعصر، والأداة الأهم للإنسان في التواصل والتخزين والمعالجة وتحقيق المردود الاقتصادي والفكري، بمعنى أنّ المستقبل سيكون لصالح من ينتج المعلومة ويطورها.مثلما تحتاج الى مراكز بحثية للمستقبليات، مع وحدات وأقسام خاصة في مؤسساتها السياسية والأمنية. وكثيرا ما أردد القول بأن (الماضي تاريخ، والمستقبل مجهول)، رغم أن الغد قد يحمل لنا الكثير من المفاجآت التي لن تخطر على البال، مثلما يحمل اليوم في طياته الكثير من التغيير لو أحسنا التعامل معه.

السياسة الامريكية في المنطقة

تمر منطقة الشرق الأوسط بمتغيرات متسارعة، وقد أصبحت محور صراع للقوى الدولية الكبرى، كما شهدت تبدلاً جلياً في خريطة التحالفات الإقليمية، ما جعل مستقبل الاستقرار في كثير من دولها هشاً ومحاطاً بشكوك وتساؤلات، لاسيما أن بعض هذه الدول تترقب التوجه الذي سترسو عليه سياسات الإدارة الأميركية الحالية بقيادة دونالد ترامب، وبعضها يربط جانباً من مواقفه وسياساته الاقتصادية بالتغيرات المتصلة بخريطة النفط العالمية، خاصة بعد التراجع الحاد الذي عرفته أسعار النفط منذ منتصف 2014 وما نتج عنه من تقلب في أسواق الطاقة. في هذه المقالة أحاول فك تشفير الصراع الحقيقي في المنطقة العربية من خلال مبدأ التراكم والتماثل والاستقراء والاستمرارية في علم المستقبليات. وهو مبدأ يجعلنا أن نقرر أن اللاعب الرئيسي والمحوري في المنطقة هي الإدارة الامريكية، وخططها المستقبلية، في ضوء الادبيات الامريكية ومراكز البحوث. ماهي حقيقة السياسة الأمريكية في المنطقة العربية؟ وماهي آليات وأدوات التفكيك؟ ومن المستهدف الرئيسي؟ من الذي يحرك كل هذه العواصف على المنطقة، وماهي أجنداته الرئيسية والفرعية؟ كيف نحصن بلادنا؟ وماذا نريد بالضبط؟ وماهو الحل؟ اذا أردنا فهم ما يدور في المنطقة العربية، لابد من فهم اتجاهات السياسة الأمريكية، والتي تتلخص بالنقاط التالية:

اولاً- ليــس مــن الصعــب ملاحظة أن رؤيــة ترامــب للسياســة الخارجيــة فــي المنطقــة العربيـة تحكمهـا أربـع ركائـز أساسـية، أولا: ثمـة عـودة لخطـاب التفـوق المطلـق للنفـوذ الأمريكي تجــاه العالــم الإسلامي، واســتحضار لســرديات الوصايــة وشــرعية التدخــل المباشــر لحمايــة المصالــح الأمريكية وليــس لتغييــر الأنظمة.

ثانيا: يفترض ترامب ضــرورة حمايــة الأمن القومــي الأمريكي بــكل الســبل المتاحــة، ولكــن دون اهتمــام بنشــر الديمقراطيــة أو مبــادئ حقــوق الإنسان.

ثالثا: استرجاع الامجاد الامريكية يسـتوجب تقويـة الاقتصاد؛ مـن خـال بسـط السـيطرة علـى نفـط المنطقـة العربيـة.

ورابعا: شـرعية التدخـل المسـتمر فـي شـؤون المنطقـة العربيـة لا يمكن تسـويغها الا من خلال تضخيـم وتعميـم الخطـر الإرهابي لتنظيـم الدولـة وغيـره مـن الجماعـات التـي يلخصهــا ترامــب بعبارتــه: (الإرهاب الإسلامي)

ترامب وسياسة جمع المال

والملاحظ ان ترامب لم يضع نُصب عينيه كافة القضايا العالقة من دون حل في تلك المنطقة بعد أن رسخ مبدأ تعزيز التحالفات القديمة وتشكيل أخرى جديدة وتوحيد العالم الذي سماها متحضرة ضد (الإرهاب الإسلامي) المتشدّد إلا أن سياسة ترامب التي أراد لها أن تكون لم تشكل شيئاً من الحل إنما زادت من حدة الخلافات والصراعات في تلك القضايا. بل أن سياسته، من ناحية الشكل تبدو وكأنها سياسة (جمع المال) مقابل خدمات سياسية وعسكرية.

– مـا زالـت منطقـة الشـرق الأوسط مقياسـا لقوة الدول إقليميا لكونهــا منطقــة صــراع ومــوارد نفطيــة، بالإضافة إلــى عمقهــا الجيــو-اســتراتيجي (ملــف الغــاز/ القضيــة الفلســطينية/ ملــف النفــط) وهــو مــا يوجــب علــى الولايات المتحــدة الأمريكية بســط نفوذهــا للتصــدي للمطامــع التوســعية الروســية أو التركيــة أو الأوروبية (بريطانيــا/ فرنســا)، والحفــاظ علــى اســتقرار المنطقــة، خاصــة علــى شــواطئ البحــر الأبيض المتوســط.

– إن مسـألة تشـكل الاستراتيجيات الكبـرى للعلاقـات الخارجيـة مـن قبـل الإدارة الأمريكية يتشابك تماما مـع المصالـح السياسـية والاقتصادية والعســكرية مــع التعبئــة الشــعبية والدوليــة ضمــن الخطــاب الرئاســي الأمريكي، بإسـناد مـن الاعلام ومراكـز البحـوث وبقيـة الفاعليـن فـي المشـهد السياسـي الداخلـي فـي الولايات المتحـدة الأمريكية، والتـي بدورهـا تؤثـر وتحـدد مسـارات السياسـة الدولـي

– السلطة ونظام الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية مختلف كثيرًا عما هو موجود في المنطقة العربية، فالسلطة أو الحكم في أمريكا ليس مناط إلى الرئيس فقط، فالسلطة ليست مؤسسة واحدة، مثلما هو الحال في أغلب الدول العربية، أنما هناك مؤسسات وجماعات وتيارات قوية تحكم هي أيضًا وتشارك الرئيس في إدارة الدولة، ومن ثم هناك حركة تفاعل بين هذه العناصر كلها لتُشكل مؤسسة الحكم، بالتالي لابد أن يؤخذ رأيها في المسائل والقضايا ذات البعد الداخلي أو الخارجي. يكون من الوهم أن نعتقد بأن الأهداف الامريكية ستظل أهداف ثابتة أو ساكنة، كما هو الحال في بعض السياسات والأهداف العربية – أنما هي أهداف متغيرة وديناميكية، فالوصول إلى الهدف يمثل نهاية العمليّة، والهدف عند الإدارة الامريكية هو الموجّه لسلوكها وتصريحاتها وليست العواطف والعلاقات الشخصية أو الزيارات الرئاسية.

      سياسة الحصار الاقتصادي

– هناك أتجاهان في السياسة الامريكية :الاولى عملياً، كان المحافظون الجدد قد أنتجوا مشروعهم للقرن الأمريكي الجديد عام 1997 مركزين استراتيجيتهم على امتلاك المبادأة ومنع حدوث مفاجآت أو فقدان زمام المبادرة والاعتماد على القوة الذاتية الشاملة والحفاظ على قدرات الردع وهزيمة العدو عبر الدفاع الوقائي واستخدام التطور التكنولوجي لاستحداث أنواع جديدة من الأسلحة الهجومية والدفاعية للعمل على حسم المعارك في أسرع وقت وتنفيذ قدرة عالية على الانتشار السريع للقوات .الثانية عمليا : أن تداعيات ما بعد غزو العراق وفشل السياسة الأمريكية في احتواء أزمات منطقة الشرق الأوسط المختلفة، وصعود إيران كقطب إقليمي مؤثر في المنطقة من الخليج إلى البحر المتوسط ومن العراق إلى الساحتين الفلسطينية واللبنانية،  والانقسام الأمريكي الداخلي، سياسياً وشعبياً، حول كيفية تنفيذ السياسة الخارجية للدولة، أدى ذلك كله إلى انتقال، لم يكتمل كليةً بعد، من نمط يعتمد الخيار العسكري أسلوباً أمثل للسياسة الأمريكية، إلى نمط يقوم على استخدام أساليب متعددة لا تستثني بالطبع الخيار العسكري لكن تضعه في مرتبة متأخرة.  إذ يرى الديمقراطيون أن قوة أمريكا تنبع أكثر من قدرتها على الإقناع لا الإكراه، وأن حل معضلة العراق ومنع إيران من استحواذ قدرات نووية وغيرهما من الأزمات العالمية تكمن في التوصل إلى صيغة مرنة بين خيار القوة والضغط الاقتصادي وخيار الشراكة الدولية، حيث ركز الخطاب على الابعاد التالية:

البعد الأول: اعتبار الدول العربية والإسلامية شركاء إذا ما حققوا بعض مطالب أمريكا، خاصة تقليص المشروع النووي الإيراني، وإقامة علاقات مع (إسرائيل).

البعد الثاني: ضرورة قيام دول المنطقة بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية.

البعد الثالث: اعتبار التطرف الاسلامي (السني) هو العدو الأهم للولايات المتحدة الامريكية.

البعد الرابع: الضغط الاقتصادي وجمع المال بطرق مختلفة.

-السياسة  الامريكية هي سياسات متقلبة وغير متوازنة اعتمدت أسلوب (التجريب) غير المخطط لتحقيق المصالح الأمريكية في المنطقة ،وهو تجريب بدأ من افتراض جعل العراق النبتة الأولى لتحول البلدان الشرق أوسطية من (الدكتاتورية) إلى (الديمقراطية) وقبول هذه الدول بإسرائيل ومحاربتها للإرهاب تحت عنوان (الشرق الأوسط الكبير)، إلى تجريب القضاء على الحركات (الراديكالية) ومن يدعمها من الدول (المارقة)، انتهاءً بالعودة إلى سياسة بناء (الأحلاف) وتعمّد التقسيم بين (معتدلين) و (متشددين) تمهيداً لمشروع آخر هو (الشرق الأوسط الجديد) الذي يخلو من حركات المقاومة ،ومن راديكالية الدول (المارقة)، ومنها سوريا وإيران.فالانفرادية الأمريكية قامت على (التعددية بالطلب) واستغلال الحرب على (الإرهاب) لتكوين التحالفات  الدولية  . وينبغي الاعتراف بأن الغموض مازال يحيط بالتوجه الذي ستتخذه السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط، فالرئيس ترامب وإدارته نادراً ما يتفقان على الرسالة نفسها، وبسبب ذلك يشوب سياسته كثير من الضبابية.

-اعتبرت الإدارة الأمريكية نجاحات إيران في تشكيل نفوذ ومشاركة حقيقية بمصالحها وحلفائها وقدراتها والتمدد في المنطقة من اليمن إلى العراق إلى سوريا ولبنان وغزة، اعتبرت ذلك نقطة ثقل استراتيجي للسياسة الإيرانية وأنها أصبحت تشكل ظاهرة يصعب تجاوز مواقفها ومطالبها ومصالحها، كما أنها أصبحت تشكل ظاهرة دولة إقليمية عظمى تتمدد باستمرار وبقوة تنافس قوة ونفوذ إسرائيل والولايات المتحدة. تحيط بهذا التحول المبدئي في العلاقات الأمريكية-الإيرانية خيارات واتجاهات أساسية أهمها: الأول: أن يبقى مستوى التحول محصوراً في برنامج تدمير الأسلحة الكيماوية السورية، والذي تم تدميره أصلا ضمن صفقات، وأهمها تشجيع الحل السياسي للأزمة السورية بشكل عام، مع تطوير التوافقات على مسألة البرنامج النووي الإيراني. والثاني: أن يتطور التحول إلى تفاهمات أوسع بين أمريكا وإيران يتناول الأمن الإقليمي، ومشاركة إيران بفاعلية في إدارته، في مقابل تخليها عن سياسات دعم المقاومة ضد إسرائيل، والتوقف عن معارضة عملية السلام معها، ووقف الاستفزاز والاحتكاك بإسرائيل في المحافل الدولية.

مستقبل التقسيم والصراعات المجتمعية

باختصار فأنني ارى ما يلي:

اولا- أن الفترة القادمة ستشهد زيادة ملحوظة في وتيرة عمليات التقسيم التي ستشهدها المنطقة، بحيث يتم الانتهاء من المسألة العراقية ثم السورية قبل أن يتم الانتقال إلى ملفات ودول أخرى، حتى تستقر تلك المنطقة المهمة في الاستراتيجية الأمريكية، والسماح لصانع القرار الأمريكي بالانتقال لمناطق أخرى. فتصريح مدير الاستخبارات الفرنسية برنار باجوليه، بأن الشرق الأوسط الذي نعرفه انتهى إلى غير رجعة، وأن دولاً مثل العراق أو سوريا لن تستعيد أبدًا حدودها السابقة، لا يصدر بهذا الشكل وهذا المضمون إلا إذا كانت هناك أهداف حقيقية يراد أن تصل لشعوب المنطقة من وراء تلك التصريحات، وكأنها الترتيب لشيء معين، حتى لا يمثل أي تحول في المنطقة غضبًا جماهيريًا يؤثر على مسار تلك المشاريع ويعرقل وصولها لوجهتها الأخيرة.

ثانيا- إصرار الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية على استكمال مشروع الشرق الأوسط الكبير، بكل ما يتضمنه من تفاصيل خاصة بإعادة تفكيك وتقسيم وتفتيت المنطقة العربية وتوزيعها بشكل جديد يخدم المصالح الأمريكية، ويجعل لها اليد العليا في إدارة شؤون المنطقة لأطول فترة ممكنة. إذ سبق ونشرت خرائط تم تسريبها عن تفكيك دول عربية وإقليمية، منها العراق وسوريا ولبنان ومصر والسودان وإيران وتركيا وأفغانستان وباكستان والسعودية ودول الخليج ودول الشمال الإفريقي، وتفتيت كل منها إلى مجموعة من الكانتونات والدويلات العرقية والدينية والمذهبية والطائفية.

ثالثا- الرغبة في تهيئة الرأي العام العربي لتقبل ذلك التغير الاستراتيجي الذي ستشهده المنطقة، وامتصاص الصدمات وردود الفعل التي قد تنجم عن هذا التحول، ودراستها بحيث لا يؤدي ذلك لعرقلة المشروع الأمريكي والغربي، مثلما حدث أيام الرئيس الأمريكي بوش، وأدى لتأخير العديد من المشاريع الأخرى الخاصة باليمين الصهيوني المسيطر على صناعة القرار في الولايات المتحدة.

رابعا- الخطة الأخطر في رأيي هو محاولة تطبيق استراتيجية (الخطوات الصغيرة) عبر السعي أولًا إلى استنزاف قدرات الجميع، وتوريط الجميع في حروب فرعية، بحيث تصبح للقوى الكبرى الكلمة العليا في النهاية، ويتم تهيئة الرأي العام في مناطق النزاع وخارجه لعملية التغيير، وبناء بعض الثقة بين مختلف الأطراف، بحيث تتم العملية بهدوء ودون اللجوء إلى قوة السلاح التي سبق وأن ثبت فشلها في تنفيذ مثل تلك المشاريع.

خامسا- استعصاء قيام استقرار تام في المنطقة العربية دون الأخذ بأسس وشروط، أولها «مبدأ العدل»  وهو الطريق المفضي لبناء مجتمعات ودول آمنة، وثانيها بناء اقتصاد قوي قادر على إشباع حاجات الأوطان وسكانها، وتوفير الحد الأدنى من العيش الكريم لها. أما الثالث فهو قبول الاختلاف الديني عبر احترام جميع الديانات والمعتقدات، ما يصون الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي. فيما يتمثل الرابع والأخير في امتلاك قوات مسلحة عصرية قادرة على حماية الحدود وفرض الاستقرار.

أدوات واليات التقسيم والتفكيك

ماهي أدوات واليات التقسيم والتفكيك؟

أولاً: إنشاء تنظيمات متطرفة وتسليحها والسيطرة عليها لتهديد أمن واستقرار الدول والأنظمة العربية، ويأتي في مقدمة تلك التنظيمات تنظيم (داعش) ونسخه الجديدة القادمة، الذي يمثل خطرًا داهمًا لأمن المنطقة بأكملها؛ حيث بلغ التنظيم المتطرف مداه في التوسع الجغرافي في الجوار المباشر والقريب لدول الخليج، في العراق وسوريا، وصولًا إلى تهديده لأمن دول عربية محورية من منظور الأمن الخليجي والعربي، وفي مقدمة هذه الدول مصر. وتبدو من الأهمية بمكان في هذا السياق، الإشارة إلى مخطط تنظيم )داعش(، الذي يرمي إلى تقسيم الدول العربية الى دويلات طائفية او عشائرية او دينية .

ثانياً: إثارة النعرات الطائفية والمذهبية في العديد من الدول العربية، مثلما هو حادث في العراق الذي يشهد صراعات طائفية ما بين الشيعة والسنة، وسوريا التي تحولت فيها الثورة إلى صراع ما بين السنة من جهة والعلويين والشيعة من جهة أخرى.

ثالثًا: افساح المجال لبعض الأقليات للسيطرة على الحكم ودفعها للدخول في صراع طويل ومرير مع الأنظمة والحكومات العربية، مثلما هو الحال في اليمن، الذي يشهد حربًا ما بين جماعة الحوثي من جهة والمملكة العربية السعودية والتحالف الدولي لاستعادة الشرعية في اليمن من جهة أخرى.

رابعًا: التحرك من خلف الستار لتهدئة الصراعات والأزمات في مناطق وإشعالها في مناطق أخرى، مع توزيع الأدوار على حلفائها من القوى العظمى، مثلما هو الحال في سوريا التي تشهد رعاية روسية للأزمة، ودعما للأسد خوفًا من انهياره قبل الاتفاق على شكل وطريقة الإدارة للدولة السورية، بما لا يضر بالمصالح والمشاريع الغربية في المنطقة.

خامسا: خلق فجوة ما بين الشعوب والأنظمة، بحيث تزداد القلاقل والاضرابات الداخلية، مما يساعد في إشعال الثورات ومن ثم تهديد أمن واستقرار الدول.

سادسا: نتوقع جلوس الإيرانيين مع الامريكان، كما حدث مع كوريا الشمالية، بعد ان تجد إيران نفسها غير قادرة على مقاومة الحصار الاقتصادي لفترة طويلة، مع التأكيد على تمتعها بسياسة برجماتية، واجادتها في التخطيط للأزمات السياسية والتحاور الديناميكي مع الآخرين. الأكيد ان ما يجري في المنطقة، ليست هي الصورة الكاملة والواقعية، بل خلط أوراق لتشويه الوقائع، وتشويش العقول، والالهاء بفرعيات مجتزأة وثانوية.  باختصار ما يجري في الظـــاهر هو القشور، امـــا الباطن فهو اللب، وما خفي هو الأعظم كما يقولون!

مشاركة