الزوجة الرابعة (2) ما نقوله نحن ان تعدد الزوجات فيه الكثير من السلبيات الاجتماعية التي لا تحصى.. وخاصة ان الخاسر الوحيد في ذلك هم الاولاد وضياع بعض الزوجات في متاهات الحياة.. والزوجة الصالحة تعرف كيف تحافظ على عش الزوجية وكيف تكسب زوجها ولا تدفع به الى احضان ثانية خاصة وان الزوجة بامكانها ان تكون شمس الشموس مهما كانت بشعة وذلك بالتقدم الحاصل في عالم التجميل والتقويم والصالونات التي تتكفل باظهارهن باجمل الصور.. وبشيء من العواطف والحب والهمسات كفيلة بان تغرق زوجها في بحر حبها.. وعلى الزوجة ايضا ان تعرف اي نوع من الزوجات يرغب وماذا يستهويه من النساء .. حتى تتمكن من ان تكون هي المطلوبة والمرغوبة في عين زوجها. وانا متأكد ان كرست المرأة شيئا من الوقت لنفسها والعناية بجمالها سوف تفعل المستحيل. وطبعا كل ذلك يتطلب ان يكون الحب حاضرا قائما رابطا بين الطرفين.. ومن طرائف التاريخ ان ابو نؤاس دخل على هرون الرشيد واخذ يمازحه ويباسطه فرآه على غير ما يعهده فقال له: ما بال امير المؤمنين زعلان؟ سبحان الله ما رأيت قل من ظلم نفسه سواك، فلماذا لا تتلذذ في الدنيا والاخرة وانت قادر على كل ما تريد فأما لذة الاخرة فهي الاحسان على الفقراء والايتام والحج الى بيت الله الحرام وتعمير المساجد والمدارس وتسهيل الطرقات وزرع الخيرات فان كل ذلك تلقاه غداة واما لذة الدنيا فهي التلذذ بالماكولات واقتناء الجواري والمغنيات بالالات فمنهن الطويلة الشاهقة والقصيرة اللائقة والبيضاء الفائقة ومنهن الجواري المدنيات والحجازيات والعراقيات وقدودهن المهريات اين انت من البنات الابكار وما عندهن من الحياء والوقار والتعطر والدلال والظرفة والكمال واخذ يصف النساء وجمالهن وظرفهن حتى ايقظ الخليفة عما كان غافلا فقال الخليفة: ويلك يا ابا نؤاس ما اظن لك شهبا في الناس ولم اسمع قط اعذب من الفاظك. وبعد ذلك دخلت عليه زبيدة وارادت ان تجده بما يسره فوجدته مغموما جدا فقالت: يا سيدي ماذا يغمك هل حدث امر تكرهه او خير ارتعبت منه فقال: لم يكن شيئاً من ذلك فقالت له سالتك بحياة راسك ان تخبرني واخذت تباسطه وتضاحكه حتى حكى لها ما قاله ابو نؤاس فخرجت من عنده وهي غضبى وصاحت بعبيدها من غير علم الخليفة وقالت لهم اذهبوا الى بيت ابي نؤاس واخرجوه خارجا واوسعوه ضربا اليما فاجابوها بالسمع والطاعة وذهبوا وكان ابو نؤاس بمنزله مسرور باستماع الخليفة ومؤملا بالخير منه واذ بعبيد زبيدة دخلوا عليه وبايديهم العصى فأخذوا يضربونه الى ان غشى عليه فتراكضت حريمه واخذوه من ايديهم الى الفراش وبقى ابو نؤاس مدة من الزمن طريح الفراش ولم يعلم الرشيد بما اصابه فارسل بطلبه وادخله مسرور على الرشيد فلما مثل بين يديه امره بالجلوس فعند ذلك سكن قلبه من الخفقان فادار نظره في القاعة فرأى بابونؤاس مرضى عليه ستر وخلفه حركة فعلم انها الملكة زبيدة وان مصيبته منها بدون علم الرشيد ثم قال له الرشيد: مالي لا اراك منذ ايام عدة؟ فقال: يا مولاي كنت حكيت لي من مدة شيئا ظريفا عن النساء والجواري الحسان فارتحت لسماعه فاعده الان، فقال: نعم كنت قد اعلمتك ان العرب اشتقت اسم الضرة من الضرائر وانهم قالوا ان كل من حوى امراتين لم يعش باقي عمره الا في غم ومن حوى ثلاثة تنغص عيشه ومن حوى اربعة يعد من اهل الاخرة وان لم يمت. فهذا الذي عرض للمسامع الشريفة وخبرتك ايضا من قنع لواحدة كان حبها الترف والدلال والقيمة والعز والكرامة.. فقال الرشيد: برأت من ديني ان كنت سمعت منك شيئا من هذا فاجابه ابو نؤاس: ربما يكون فكري شاردا يا امير المؤمنين.. ولكني اسمعك شيئا اخر لم اذكره لك فان المثل يقول: ان بني مخزوم ريحانة قريش وانت عند القاسم ريحانة الرياحين وبهجة الناظرين واني لاحظت من كلامك ان عينك تطمح الى رؤية الجواري والسراري الحسان وهذا مما لا يليق بك. فقال الرشيد: ويلك هل تكذبني يا ابا نؤاس فاجابه: وانت تريد قتلي قبل ان يخلص عمري وتدعي اتعلل على فراش قهري. فسمع ضحكا من وراء الستار وقائلا يقول: صدقت يا ابا نؤاس انت لم تحدثه الا بما ذكرت.. قال نعم.. ثم ارسلت الست زبيدة له بالهدايا والمال.. وبعد ايام دخل على الرشيد وحكى ما جرى معه مع الست زبيدة فضحك الخليفة وامر له بجائزة.. واخيرا لكم الاختيار .. بين الجنة والنار
محمد عباس اللامي