الزوجة الرابعة (1)

الزوجة الرابعة     (1)

 

 

الحديث عن تعدد الزوجات.. حديث ذات شجون وهناك فريقان واحد منهم مؤيد والاخر رافض.. وكل واحد منهم لديه وجهة نظر خاصة به وطبعا هناك تباين في اراء النساء والرجال بهذا الصدد فاكثر الرجال يرون ان ذلك امرا طبيعيا اقره الشرع لهم على ان يعدلوا.

 

والنساء ترى في ذلك اجحاف لحقوقهن ويعتبرن ذلك عبودية لهن وهو نوع من استغلالهن ويرفضن فكرة ان تكون احادهن زوجة ثانية لا زوجة رابعة والحالة هذه لابد من استطلاع ممن هم قد تزوجوا باربعة زوجات وبمن هن كانت واحداهن الاولى والثانية والثالثة والرابعة.

 

وكانت لي جلسة مع جارنا ابو مازن ذات ليلة وسالته ان يقص علي  حكايته مع زوجاته الاربعة.. فضحك وقال: لقد زوجني والدي وانا عمري اثنى عشر عاما.. حتى اني  لا افهم ما الزواج.. حتى افهموني الامر.. وتزوجت ورزقت بستة اطفال وبعد ثمانية سنوات تقريبا  شعرت باني بحاجة الى زوجة تفهمني زوجة  اتحدث معها بكل امور الحياة زوجة استطيع ان اخرج معها الى مطعم الى متنزه الى السينما.. خاصة واني كنت قد رمست بذهني صورة لزوجة المستقبل وكانت زوجتي بعيدة كل البعد عن تلك الصورة ومن هنا كان لابد لي من زوجة ثانية اعيش معها حياتي مثل اصدقائي الاخرين.. لا زوجة لا تعرف من الدنيا غير الحمل والولادة والطبخ والتنظيف وعدا ذلك لا تفقه شيئا.. وفعلا حصلت على الزوجة الثانية ولكن بعيدا عن زوجتي الاولى.

 

واكون كاذبا  لو قلت انني كنت عادلا بينهما فكانت الزوجة الثانية قد شغلت كل فراغ حياتي.. ورغم المميزات الكثيرة في زوجتي الثانية الا ان هناك عدم توافق بيني وبينها في كثير من الامور.. وبعد اثنين وعشرين عاما من الزواج افترقنا بالطلاق وكان لدينا اربعة اولاد.. اخذتهم هي الزوجة الثالثة ارتبطت بها بعلاقة حب كبيرة وكانت تصغرني بسبعة  عشر سنة.. وكانت على جانب  كبير من الشفافية والطيبة والاخلاق الحميدة..  اضافة الى مسحة الجمال التي تتمتع بها.. وحيويتها وكانت تدرك تماما معاناتي الكبيرة في الزواج الاول والثاني فتعاملت معي كطفل كبير مدلل. واعطتني من حياتها وشبابها الكثير.. الكثير كانت كبيرة بكل شيء احبها كل من عاشرها وعرفها من اهلي حتى اولادي احبوها واعتبروها  الاخت الكبيرة لهم واحبت  هي الجميع واستقبلت الجميع في دارها كما قدمت مساعدتها لكل واحد منهم كما انها تحملت المسؤولية عندما عجزت عن العمل لسبع سنوات  تقريبا  لمرضي المفاجئ فكانت عظيمة  بعطائها جاهدت جهاد الاطفال حتى  لا احتاج احدا حتى وان كانوا اهلي او اولادي.. ولما امدني الله بالصحة كنت بزيارة  مع اصدقائي الى صديق لنا في محافظة اخرى وكما وصلنا هناك.. وبقينا في ربوعهم ثلاثة  ايام.. وكان والد صديقنا شيخا وكنا نجلس في مضيفه وكنا نتحدث عن الزوجات وزواج الاولاد ولما وجدني الشيخ اني من اكثر المتحدثين فقال لي الشيخ: اني وجدت بك الطيبة والشهامة.. وان اصلك طيب ومشهود لكم ولهذا قد وهبتك ابنتي هدية مني ووجدت نفسي اقول له وكانه قد احرجني : انا قبلت الهدية..

 

فقال: على ما ا ختاره الله وقرأنا الفاتحة وسط دهشة الاصدقاء بذلك.. وفي اليوم التالي صباحا طلبوني للحضور الى المضيف ولما ذهبت وجدت شيخا جالسا وبعد السلام جلست فقال الشيخ: لقد احضرنا الشيخ صالح ليعقد  قرانك على ابنتي.. فطالبني الشيخ بهويتي واخرج سجله وكتب البيانات وقرأ على صيغة الزواج.. واخذوا  الوكالة من الزوجة وتم  عقد القران وطلبوا مني مصافحة الجميع وفعلت وانا شاكر لهم هديتهم.. التي لم ارها كيف تكون.. وكل ما كان يشغلني  هو ماذا ساقول لزوجتي وكيف اشرح لها الامر وما سيكون موقفها مني بعد ان تعرف اني تزوجت عليها.. وما ان خرجت من المضيف حتى طلبوا من ان ارى عروستي.. واسلم عليها .. فدخلت وكانت جالسة وما ان  شاهدتني حتى وقفت وهالني ما رايت.. فانها ايضا تصغرني سنا وفي غاية الجمال وتمتلك عينين سحريتين ما رأت عيني احلى منهما وشفاه انجلينا جولي.. فشكرت الله على ذلك.. فتقدمت منها وسلمت عليها وطلبوا مني تقبيلها فقبلتها من راسها وخرجت.. ثم قالوا بعد اسبوعين رتب امرك وتعال خذ زوجتك..

 

ورجعنا الى بغداد وسط تعليقات الاصدقاء من اني سانام بالشارع بعد ان تطردني زوجتي والحق اني  رجعت مهموما.. ولما شاهدتني زوجتي سالتني : ما بك وما اصابك .. فقلت : لا ادري ماذا اقول  غير اني وقعت بورطة كبيرة لم اعرف كيف وقعت بها او  الخروج منها..

 

وحكيت لها الحكاية .. كما هي.. فوجدتها تقول: وهل هذا هو ما جعلك مهموما..

 

وماذا يجري لوكانت لي اختا جديدة لا تهتم متى شئت اذهب واجلبها فالبيت يكفينا جميعا.. ومرت ايام وانا لا اجرؤ الحديث في الموضوع حتى فوجئت بزوجتي تقول لي: انا جهزت الغرفة الثانية تعال شاهدها.. وذهبت معها فوجدتها غرفة عروس كاملة لا ينقصها الا العروسة ولما سالتها كيف فعلت ذلك.

 

فقالت: لم اشتر شيئا فكل شيء موجود عندنا.. فاذهب غدا لجلبها.

 

وفعلا في اليوم التالي ذهبت انا وصديق لي وزوجته واخذت معي بعض الهدايا وبقينا تلك الليلة عندهم ومن الصباح الباكر تم تجهيز العروس وبعد الظهر كما اصبحت العروس جاهزة اخذناها وعدنا الى بغداد.

 

وتم زواجي الرابع ولي من زوجتي الثالثة ستة اطفال ومن زوجتي الرابعة طفلا واحدا.. وها نحن نعيش في امن وسلام.. هذه هي حكاية زوجاتي الاربعة وبعد اطلاعنا على حكاية ابو مازن وزوجاته الاربعة.. سالت ام دينا وهي من اقاربنا وفي العقد الثالث من العمر وهي الزوجة الثالثة لنعرف منها  قصتها وما تقول: لقد عرفت ابو دينا قبل سبع سنوات تقريبا.. وكانت له زوجتان الاولى قد تم طلاقها ولديه منها طفلتان.. اضطر ان يتزوج ثانية  لانه لا يستطيع ان يتدبر امره مع طفلتين..

 

وكان زواجه الثاني  غير موفقا خاصة  بعد ان انجبت زوجته ثلاثة اطفال فاخذت تعتني باطفالها فقط وكانت تجور على البنتين واخذت تفرق بينهم.. واكثر الاحيان تشتري لاولادها كل احتياجاتهم دون ان تشتري شيئا للطفلتين ولما كنت مع ابو دينا موظفة وفي غرفة واحدة كان يقص علي مشاكله واحيانا كثيرة كنت اشير عليه ان يتصرف بهذا الشكل او ذاك.. ووجدت نفسي وكانني مسؤولة عن تلك الطفلتين.. وكنت قبل هذه الاحداث قد وجدت في ابو دينا الرجل المثالي التي  تتمناها اية امراة.. فاحبته بصمت.. وعلى  غفلة من امرنا وجدنا انفسنا تخرج معا لتناول الغداء والحديث عن الاولاد وعن زوجته ومتاعبه معها.. وطلب يدي للزواج.. قائلا: ساترك الخيار لزوجتي الثانية  في ان تبقى او تخرج من حياتي.. وفعلا  تزوجنا وبقيت هي وانا نعيش في بيت واحد واخذت منها الطفلتين وكل واحدة منا مستقلة في حياتها وكاننا نسكن فندقا وقسمنا شغل البيت يوميا على واحدة منا.. وكنت من العقل الكياسة بحيث لا اترك لها مجالا لاثارة المشاكل ورزقت بطفلة وانا جدا سعيدة بحياتي مع زوجتي واطفالي  الثلاثة وهذه هي  حكايتي..

 

اما ام نوف وهي جارتنا لم استطع الحديث معها ولكن نعرف اخبارها من خلال البنات.. وحكايتها انها الزوجة الرابعة.. عند زواجها لم يكن في البيت غيرها الا ان بعد فترة قد عادت الزوجة الاولى الى دار زوجها ومعها  طفلين حيث كانت زعلانة عند اهلها والزوجة الثانية قد طلقت.. والزوجة الثالثة تسكن بدار مستقلة..

 

وتقول  ام نوف: انها لا تدري  انه متزوج من ثلاث قبلها وعرفت انه متزوج واحدة  فقط وهي ابنة عمه وله منها طفلين واخيرا عرفت ان الثانية قد طلقت والثالثة تسكن دارا  لوحدها ولديها طفلا واحدا فماذا  تفعل ام نوف تقبلت واقع الحال واطلعت على كثير من اراء البنات وكلهن يرفضن قبول ان تكون زوجة ثانية وقالت احداهن: من الحرام ان اخطف زوج احداهن.. واكون  انا سببا في تعاستها وتهدور اوضاعها هي واطفالها.

 

وسالت زوجة من الزوجات ان كانت تقبل ان يتزوج زوجها عليها.. فاجابت بالايجاب ولما سالتها عن السبب قالت: ان في ذلك اجر وثواب لي ان قبلت بنزول زوجة علي فان في ذلك تزويج واحدة من البنات بالحلال والشرع اقر ذلك.. فما الذي يمنع ان تكون لي  اختا نتقاسم الحلو والمر معا.. والله ان كان ذلك فانها سوف لا تجدي مني الا الطيب.

 

وهذه المراة  هي الوحيدة التي قالت ذلك وهي مؤمنة تماما بذلك.. اما ما عداها فلم اجد من تقبل ان تكون لزوجة برجل كان متزوجا ومن ثم توفيت زوجته او تم الطلاق بينهما. ويبقى هذا الامر بين الرفض والقبول دائما وكل واحد يحتفظ برأيه ويؤمن به..

 

 

محمد عباس اللامي – بغداد

 

 

مشاركة