الزعامة ليست من الأمور الإعتبارية – خالد محسن الروضان
بتاريخ 2018/2/2 عقد المؤتمر التأسيسي لحزب الوفاق الوطني العراقي، وابتدأ المؤتمر بهتاف يعلن قدوم الزعيم اياد علاوي.. وأشادة ببطولاته .واعلن عريف الحفل عن افتتاح المؤتمر بالنشيد الوطني العراقي وبعدها قراءة سورة الفاتحة على اروح شهداء العراق وشهداء حزب الوفاق الوطني العراقي. وبعد ذلك عرض فلم وثائقي عن تاريخ حركة الوفاق الوطني العراقي وعن نضالات الزعيم علاوي التي اختزل فيها كل بطولات وتضحيات العراقيين ونضالهم الوطني والديمقراطي بشخص الزعيم. ثم تلا الامين المساعد فقرات موجزة عن نظام الحزب وبرنامجه وطلب التصويت على المرشح الوحيد لمنصب الامين العام لحزب الوفاق الوطني العراقي الدكتور اياد علاوي وجاء التصويت بالاجماع وبمشاهدة الهيئة المستقلة للانتخابات التي كانت حاضرة المؤتمر، وطلب الامين المساعد من الدكتور اياد علاوي بالتفضل لتوجيه كلمته بعد ان هنأه وأشاد بدوره النضالي وبطولاته وسرد علاوي من خلال كلمته بطولاته وتصديه للدكتاتورية، وهذه المرة ادعى بأنه تصدى للدكتاتورية منذ عام 1975 ولم يذكر انه قبل هذا التاريخ كان عضواً نشطاً في حزب البعث، واكمل دراسته في لندن على نفقة الدولة العراقية والنظام البعثي القائم انذاك، وكان ايضاً متابعاً لفرع الاتحاد الوطني لطلبة العراق في المملكه المتحده وايرلندا وانه انقطع عن حزب البعث بعد أن اصدر الحزب تعميم داخلي يحذر فيه منتسبيه من التردد على السفارات الاجنبية واقامة علاقات معها وفي حالة عدم الالتزام في ذلك تكون العقوبات الصارمة (الاعدام)
ولم يذكر الزعيم علاوي في كلمته شيئا عن مؤتمرات المعارضة في لندن وصلاح الدين والتي حضرها وكان مندوباً بارزاً فيها حيث رسمت فيها خارطة خراب العراق وأعد لجريمة احتلاله.
معان حقيقية
ولا اريد ان اطيل في هذا الموضوع وانما الذي دفعني لكتابة هذا المقال لكي اوجز المعاني الحقيقيه لكل من المفاهيم والمفردات ذات المعنى السياسي والقيادي للزعامة وحتى لانظلم الرجل او نضيع عليه فرحته بل نترك الحكم له بعد أن يطلع على هذه المقالة
1- ماذا تعني الزعامة: ورد في القران الكريم الكثير من المفردات اللغوية ذات المعنى السياسي والقيادي سواء مايتعلق بالزعامة والحاكم، مثل وال وأمام وخليفة وحاكم وزعيم ، وسيد، وملك، وشيخ وهذه المفردات تتحدث عن اشكال السلطة والزعامة في المجتمعين البدوي والحضري ومايهمنا اليوم هو أن مفهوم الزعامة ابتعد عن الحدود والمبادئ التي ارادها الله سبحانه وتعالى ان تكون قاعدة اساسية من قواعد الحكم بين الخالق والمخلوق، فالزعامة ليست ثوباً يلبسه الناس متى ارادوا ولاتاجاً يضعونه على رأس من احبوه او اختاروه وانما هي بما تأتي به الاقدار وتتمخض عنه الاجيال عبر النضال والمعانات والخلق من جهة، واعتقاد الشعب بفرد مؤهل للزعامة والقيادة ينقل الشعب من الوضع السيء الى الوضع الذي يتطلع اليه من جهة اخرى، من هنا يلتف الشعب حول شخصية قيادية يجد فيها العون للوصول الى اهدافه، لذلك فالزعامة ليست من الامور الاعتبارية كما نراها اليوم، فيقال زيد (زعيم) القائمة الفلانية، وهذا زعيم الحزب (الفلاني) وذاك زعيم الكتلة (الفلانية) وانما هي من خوارق العاده ولابد لظهورها من أسباب غير اعتيادية. فقد تكون صفاتها اللازمة كامنة في بعض ابناء الامة فلا تظهر الا خلال حوادث تفوق المعتاد وفي ظروف الدهر ونوازل الايام كما الحوادث التي ظهرت في زعامة أتاتورك في الامة التركية وزعامة هتلر في الامة الالمانية وغاندي في الامة الهندية، وستالين في الامة الروسية وجمال عبد الناصر في الامة العربية. في الوقت الذي يشير فيه التاريخ بأنه ليس من الممكن عادة ان تتسع امه من الامم مهما كبرت لغير زعيم واحد في جيل واحد، والا لما كان للزعامه قدر اعلى من قدر اي منصب من مناصب الدوله التي نالها الناس بسهوله في مثل هذه الايام. وعلى مستوى امم العالم ثمة صفات مهمة تستوجب وجودها في مفهوم الزعامة كي يلتف الناس حول شخصية زعيم يجدون فيها صورة البطل او القائد السياسي الذي يستمد منه القوة ويؤمنون به لانه ملزم أخلاقياً وانسانياً وعملياً ببلوغ مايتطلع اليه ابناء الامة من اجل الانتصار. هذا الزعيم السياسي او الوطني او القومي او الديني يهدف الى صنع مستقبل الامة والانتقال بها من الوضع السيء الى وضع افضل تتطلع اليه الجماهير. لذلك ارى ان بطل (الانقاذ) الوطني هو الانسان الذي ينتقل بنفسه كفرد الى الوطن وبالوطن الى الامة وبحزبه كحزب الى مجموع الامة كشعب، وبتطلعاته كانسان الى بناء فاعل لتطلعات الامه وهذا لايكون الا عندما يكون القائد رمزاً لصفات الصدق والنزاهة والشجاعة والكمال الخلقي والعقلي والنفسي، وان يكون الزعيم المطاع الذي يمتلك أرادة تتحول فيها الكلمة الى فعل والخيال الى واقع وسلوك عملي. وان يكون الناصح المرشد الى طريق الارشاد وأن يمتلك رصيداً من الامكانيات القياديه وابداعات الزعامة واتخاذ القرارات الهادئة الهادفة، مرناً يجيد فن (التكتيك) وحازماً اشد الحزم في الاوقات المناسبة.
اننا في العراق نتطلع الى بطل (الانقاذ) فهناك انسان كامل وهناك أرقى منقذ يقدسه الجميع فمتى يظهر للعراق (زعيم) لمجموع الامة؟ ومتى يدرك زعماء السياسة في العراق، فرسان (مؤتمر لندن وصلاح الدين) الذين قدموا الى العراق مع دبابات الاحتلال الاميركي عام 2003 ذلك؟
والامر متروك للامة والشعب؟
2- مناقشة هل توافرت الشروط الموضوعي] والضوابط التنظيمية في حزب الوفاق الوطني العراقي؟ ولكي يعرف القارئ الكريم اهمية ان تتحول التلقائية الحزبية الى واقعية حزبية يجب ان يتوفر دليل نظري (وجود ايدلوجية) تمثل التصور الشامل لاهدافه ومبادئه اولا. وتحديد البنية التنظيمية والسياق النظري والتطبيقي للحزب ثانياً. والوجود الجماهيري الذي يعتبر شرطاً رئيسياً لوجود ذلك الدليل الذي يحدد الدور الاساسي في استيعاب ميادين تلك النظرية واهدافها. غير ان هذا الوجود الجماهيري يتحول الى فوضى واطياف سياسية متناقضة تتفجر من خلالها المصالح الشخصية والتنافس السلبي اذا لم توجد امكانيات وقيادات ذات وعي تتفاعل مع المشاريع والبرامج والمواثيق. ثالثاً: الشكل التنظيمي الذي ينقل الاطار النظري الى المضمون التطبيقي بعيداً عن الاخطار والمصلحة الشخصية والاستفزاز السياسي الحزبي الذي يؤدي الى رد فعل قوي يقود الى العدوان على الاخرين، وهذا لايتم الا من خلال التفاعل الجدلي الجاد والايمان المطلق ببرامج تلك الاحزاب والمنظمات والحركات التي تطالب بحقوق الشعب والتي اهمها حق الديمقراطية.
من خلال ملاحظات بعض الاخوة في حزب الوفاق الوطني العراقي والتي اكدت على اكتساب هذه الشروط الموضوعية والروابط التنظيمية التي ذكرناها في ماتقدم تأكد بأنها متوافرة من الناحية الصورية، وان ماشاهدته ان هناك تناقضا وخلطا بين أعتماد الصيغ الثورية (الرديكالية) والصيغ اللبريالية. فالحزب يخضع لاجتهادات فردية تتطلع الى التسلط والفردية والاستبداد في قيادة الحزب والجماهير وهذا حصل فعلاً في عملية انتخاب امين العام والامانة العامة فالانتخابات جاءت مثيلة لانتخابات الاحزاب الشيوعية لقياداتها المركزية حيث تحدد الاسماء مسبقاً وتطرح في المؤتمر ويجري التصويت عليها دون مناقشة او كتشكيل مجالس ادارة الشركات التجارية. وقد اعتمد الحزب على حوارات رسمها الامين العام مع غياب الممارسات الديمقراطية واعتماد الشكلية الحزبية مع غياب الممارسات الديمقراطية التي ادت الى فشل العلاقات الاجتماعية وسيطرة الخوف والرعب على الاخرين بغياب الديمقراطية الفاعلة التي تعمل على عدم مصادرة حقوق الاخرين ومشاركاتهم الايجابية في العمل السياسي البناء الاجتماعي والاستقرار الامني بعيداً عن العنف والتسلط والاضطهاد وتهميش الاخرين وهذا ادى الى ظهور (دكتاتورية جديدة) التي لاتختلف عن الدكتاتورية التي حاربها حزب الوفاق الوطني العراقي. وقد استغلت هذه الدكتاتورية الجديدة ظروف الناس واحتماءهم بحركة الوفاق من شدة وقسوة قوانين الاجتثاث والتمهيش، ولذلك كان تعاملها مع القاعده قسريا وتسلطيا وفوقيا بحيث لايستطيع اي منتسب ان يقابل الامين العام ولو حصل ذلك سيمر بعدة مكاتب واجراءات امنيه لا أول لها ولا أخر وكذلك في الاجتماعات والمؤتمرات لاكلمة ولارأي ولانقاش ولا حوار ومن يخرج عن هذه الطاعة يكون مصيره الاجتثاث. فشتان بين الزعامة الحقيقية والزعيم.
قال رسول الله محمد (ص) (رحم الله امرأ عرف قدر نفسه)
اصحاب الشأن
ان كل ماورد في المقال يعد تعبيرا عن وجهة نظري ليستفاد منها اصحاب الشأن والاخرين من الناس وهذه هي الديمقراطية. وارجو ان يتذكر الدكتور علاوي بأنه ليس اكثر وطنية من الحاضرين وكل العراقيين وطنيين حقيقيين وعليه ان يعود الى حقيقته ويبتعد عن التعالي والغرور وينفتح على الناس في حزبه والجماهير. ويغادر المكاتب المغلقة والمحصنة ويشارك الناس في الشارع وينتقل بنفسه كفرد الى الوطن وبحزبه كحزب الى مجموع الامة كشعب لكي يكون رمزاً لصفات الصدق والنزاهة والشجاعة والكمال الخلقي والعقلي والنفسي