الرسالة التي أعيد توجيهها

الرسالة التي أعيد توجيهها
كان العراق يعاني من حالة الفقر المدقع في العهد الملكي بسبب قلة ايرادات الدولة التي يحصل عليها من فتات ايرادات النفط وتصدير التمور والشعير وغيرها وكانت بعض الاسر تقتسم المساكن البسيطة لاكثر من عائلة وبعد قيام ثورة تموز 1958 اصبحت ميزانية العراق 100 مليون دينار بعد ان كانت 50 مليون في العهد الملكي وقد اولى الزعيم عبد الكريم قاسم مسألة الاسكان اهمية بالغة فشرع في بناء مدينة الثورة مدينة الصدر حاليا ووزعت على سكان صرائف الصفيح التي كانت تحيط بغداد كالشاكرية والوشاش وعلي الصالح وغيرها وبنى دور منطقة الاسكان وزعت على الارامل والفقراء والدور السود التي طليت من الخارج بالاسمنت فسميت كذلك لميلان المظهر الخارجي للاسود ووزعت على نواب الضباط وفي بغداد الجديدة انشأت الف دار وزعت كذلك على نواب الضباط والمراتب كما بنى حي اليرموك وزيونه لضباط الجيش وفي الكرخ مدينة الشرطة الاولى التي وزعت على ضباط الشرطة كما تم توزيع الاراضي في السيدية والدورة وحي تونس الذي تميز بمساحات الارض الكبيرة التي تراوحت بين 600- 800 متر ونشطت النقابات المهنية كنقابة المعلمين والمحامين والمهندسين والعمال باصنافهم كعمال النسيج والكهرباء والميكانيك ومنتسبي مؤسسات الدولة كافة وتوجهت الى امانة العاصمة والادارات المحلية للحصول على الاراضي وفرزها وتوزيعها على منتسبيها بأسعار رمزية فكانت الاحياء الجديدة : الجامعة والخضراء واليرموك والمامون والعدل والعامرية وزيونة وجميلة التي سميت باسم المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد والقادسية والاندلس واحياء الدورة والسيدية والشعب والشعلة ونشطت حركة البناء بشكل غير اعتيادي علما ان اسعار الطابوق كانت بحدود 10 دنانير والاسمنت بسعر7-8 دنانير في فترة الستينيات والسبعينات من القرن الماضي ويجهز الاسمنت والتأسيسات الصحية من الؤسسات الحكومية باسعار مناسبة وتمكن الكثير من ابناء الطبقة الفقيرة والمتوسطة الحصول على مساكن امست حلما لمن يعيش في الوقت الحاضر وقد استمرت حركة العمران حتى في ظروف الحرب وبشكل خاص للعسكرين واسر الشهداء حيث تمنح الارض لهم مع قروض ميسرة ومنح مادية اما بعد الحرب فقد جرى عكس ذلك فقد تردى الوضع الاقتصادي بسبب توجه الدولة الى الطبع المحلي للدينار وبكميات هائلة حطت من قيمته المادية وبناء مشاريع غير ذات جدوى اقتصادية كالقصور الرئاسية والجوامع وجسر الطابقين وماشابه وتفشى
الفساد الاداري نتيجة ثبات الرواتب وزيادة اسعار السلع الاستهلاكية والخدمية وجنحت اسعار الاراضي والدور الى الارتفاع نتيجة توقف توزيع الاراضي وارتفاع اسعار المواد الانشائية ونزوح واسع من المحافظات الى العاصمة طلبا للعمل والسكن كون الخدمات والحياة افضل من المحافظات وبعد 2003 عمد الكثير من المواطنين المالكين وغير المالكين الى الاستيلاء على اراضي تعود للدولة وبنوا عليها ( ما يسمى مساكن ) لفرض الامر الواقع على الدولة تحت غطاء الحرية والقسم الاخر استولى على مباني وهياكل لم يكتمل بناؤها بحجة عدم امتلاكهم لدور سكنية ومع توقف توزيع الاراضي او انشاء مشاريع سكنية منذ ا لاحتلال ولحد الان تفاقمت ازمة السكن اسوة بالازمات الاخرى التي انشغل عنها السياسيون لان ما يهمهم هو ما يتحقق لهم وحواشيهم من مكاسب وامتيازات وتوجت تلك المدة أعمال الميليشيات الطائفية التي هجرت المواطنين من مساكنهم واضطرت تلك الاسر الى بيع مساكنها بأسعار بخسة وبالتزامن مع ذلك ارتفعت الايجارات بوتائر تصاعدية ارهقت المواطن ومع مادخل من اوجه الصرف الاخرى كاجور الكهرباء والماء المعبأ والموبايل والانترنيت والعلاج نتيجة الاصابات المرضية التي شملت نسبة عالية من المواطنين وقد تضرر بشكل خاص اصحاب المهن والحرفين الذين لا يمتلكون دار للسكن ومحلات عملهم بالايجار ويدفعون اجور مولدة الكهرباء والضرائب والرسوم الاخرى مما عرض الكثير منهم الى الخسائر والاضرار المتلاحقة بسبب الظرف الامني وعدم الاستقرار لذا اصبح من الضروري ان تتوجه الجهات المعنية وفي مقدمتها مجلس الوزراء ووزارتي الاسكان والمالية وامانة العاصمة والادارات المحلية في المحافظات والاتحاد التعاوني (الاسكاني ) بالعمل على ايجاد الحلول العملية والسريعة لمشكلة السكن والتخفيف من وطئتها وهذه بعض المقترحات المتواضعة التي ربما تساهم في حل لهذه المسالة :
1- اصدار قانون للايجار يحدد نسب الايجار للدور ومحلات العمل وفق النسبة المئوية لقيمة العقار على ان يعاد النظر فيها كل 5 سنوات بناء ا على طلب احد الطرفين وتتولى ذلك الدوائر الضريبية وسيساعد هذا الاجراء في ثبات اسعار المواد الاستهلاكية والخدمية والتي تجنح الى الارتفاع بسبب الزيادات التي يفرضها (المؤجر ) على (المستاجر) بسبب القانون الحالي للايجار والذي اباح له الزيادة متى شاء وسيصب هذا القانون في مصلحة الدولة بالحصول على الضرائب التي يتلاعب بها الان الفساد الاداري
2- التوقف عن التوزيع العشوائي للاراضي والبناء العشوائي في المناطق الحديثة الانشاء وقيام مشاريع السكن الجماعي سواء البناء العمودي او الافقي وبيعها نقدا او بالتقسيط المناسب لمداخيل المواطنين وتكون على مستويات مختلفة
3-بناء مجمعات سكنية عمودية او افقية بمساحات معقولة وترك مساحات للحدائق الداخلية والخارجية وانشاء الملاعب والمولات والاسواق الكبيرة التي تحتوي على محلات تغطي حاجة الحي السكني والخدمات الملحقة كالمستوصف ومخفر الشرطة وغيرها
4- بناء مساكن ذات مواصفات بسيطة في انحاء العراق وحسب نسب العوائل المعدمة لاتباع ولا تشترى لاسكان العوائل المعدمة ولايحق لشاغلها التصرف بها كالبيع والايجار وتخصص للغير في حالة استغناء الشاغل عنها
5- طبع كراريس لتصاميم مساكن وشقق اقتصادية وتوزيعها على المواطنين الراغبين في انشاء مساكن خاصة او مشاريع كبرى وحسب مساحة الارض والتي لاتتجاوز 300متر للمسكن المنفرد
5- انشاء اسواق شعبية مناطقية حديثة في الاحياء القائمة وتوزيعها غلى الراغبين وازالة التجاوزات الواقعة في الاسواق العامة والشوارع والارصفة من قبل اصحاب البسطيات والتي شوهدت المعالم الحضارية والاستغلال اللاقانوي للمال العام
6- تشجيع الاستثمار المحلي والخارجي في مجال الاسكان وتقديم التسهيلات والامتيازات التي تشجع الاستثمار في هذا المجال
7- انشاء معامل البناء الجاهز لاقامة مشاريع السكن ضمن هذا السياق
8-انشاء معامل المواد الانشائية كالاسمنت والطابوق والثرمستن واالبلوك وغبرها من مستلزمات البناء
9- البحث عن الوسائل الحديثة في البناء والتصميم ذات الجدوى الاقتصادية والفنية
10- تقليص القروض الفردية وتوجيهها نحو المشاريع الاسكانية 11- اقامة شركات البناء المساهمة بين الدولة والمواطنين لاقامة المشاريع السكنية وتكون الافضلية في التوزيع للمساهمين اولا
12- اصدار تشريع يضمن حق العائلة العراقية في امتلاك قطعة ارض او شقة او دار سكنية ولايجوز لمنتسبي الدولة التملك من الدولة في حالة امتلاكه لما مر ذكره ويعتبر الزوج او الزوجة حالة واحدة في التملك وتسترد الاراضي والمنشات التي منحت الى مسؤولي النظام السابق والحالي بدون حق قانوني ( الهبات ) بما فيها اعضاء المجالس البلدية والبرلمان واقامة المشاريع ذات النفع العام عليها كالمؤسسات الطبية والتعليمية والمرافق السياحية كالفنادق والكازينوهات ومدن الالعاب وندعوا
من حصل على مثل هذا الامتياز المبادرة الى اعادته الى الدولة ونذكر عسى ان تنفع الذكرى انه لابد وان يأتي اليوم الذي يسأل فيه من امتلك بدون وجه حق (من اين لك هذا).
خالد العاني – بغداد
/6/2012 Issue 4229 – Date 19 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4229 التاريخ 19»6»2012
AZPPPL

مشاركة