
فاتح عبدالسلام
لا أعرف إنْ كان جادًا أو ساخراً أو غافلاً أو ناسياً أو مناوراً حاذقاً، وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد، وهو يعلن، من كلّ عقله وبملء فمه، انّ اجتماع النَقب الذي ضمَّ دولاً عربية مطبّعة مع تل ابيب، كان رسالة ردع لإيران.
يبدو انه يغيب عن الضليعين في السياسة بالمنطقة كيف تفكر ايران، وكيف تتصرف، وما الذي يضيرها، وما الذي لا تعير له أهمية؟
كلام الوزير الإسرائيلي يوحي بأنّ دولاً عربية محددة تتخندق في خنادق المعركة التي تقول إسرائيل انها مفتوحة لديها مع البرنامج النووي الإيراني وانّها تختلف مع واشنطن في تصريف امورها بشأنه حين اتجهت ادارة الرئيس جو بايدن الى العمل على توقيع الاتفاق النووي الوشيك، وغير المرضي عنه من قبل الإسرائيليين، الذين فهموا بوضوح أيضاً انه ليس هناك لدى واشنطن بديل سوى المفاوضات مع إيران، وهو بحد ذاته في حسابات الإيرانيين انتصار معنوي مادي ليس له مثيل في المدى المنظور.
إسرائيل من خلال جميع تصريحات مسؤوليها، تبدو غير متوافقة مع الامريكان بوجهات النظر على قرارات موحدة إزاء إيران، حتى في الخيار العسكري الذي كانت الحكومة الإسرائيلية السابقة تلوح به، فما عسى ان تضيف لقوة إسرائيل مواقف عربية أكثر من الموقف الأمريكي ذاته، المعني بالأمر.
العرب اليوم، بعد نهاية الحقبة العراقية المعروفة للأبد، هم في أكثر المراحل التاريخية حذرا في ابداء العداء لإيران تحت أي ظرف او دعوة او سبب، بل لعل اغلبهم لا يمتلكون سببا واحدا للتخندق ضد ايران، وهم الذين يقيمون معها علاقات طبيعية ويفصلهم عنها حدود بحرية مفتوحة ليس أكثر. 
مهما يحاول المراقب ان يحيط بمعنى ان يكون لقاء النقب القريب من المفاعل النووي في ديمونا، رسالة ردع لطهران، فإنه يحيل نفسه من وعي منه الى التفكر في اعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بينيت اصابته بفايروس كوفيد عقب ذلك اللقاء التاريخي في النقب، وهو الذي تلقى الجرعات الكاملة من اللقاح، وضيوفه أيضا كانوا قد تلقحوا، فمن اين جاءت العدوى. العلاقة جدلية بين ان نعرف كيف كان الاجتماع رسالة ردع لإحدى القوى الأكبر في الإقليم الساخن، وبين ان نخمن من وراء إصابة بينين بكورونا. وإذا فشلنا في فك العلاقة، نكون أيضاً قد توصلنا الى مقتربات فهم رسالة الردع النَقبية.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية
 
            


















