الربيع العربي والجزائر

الربيع العربي والجزائر
وليد كاصد الزيدي
صوّت اكثر من تسعة ملايين ناخب جزائري من بين اكثر من عشرين مليون ناخب مسجل في البلاد في الانتخابات التي جرت يوم الخميس المصادف في العاشر من مايو الجاري، في مراكز اقتراع بلغ عددها 48 ألفا و546 في 48 ولاية، لانتخاب 462 عضواً في المجلس التشريعي الجزائري من بين 24 ألفا و916 مرشحاً يمثلون 44 حزباً و186 قائمة مستقلة. وقد ارتفع عدد المقاعد في هذه الانتخابات نتيجة لارتفاع عدد السكان، مقارنة بما كانت عليه في الانتخابات الماضية، فيما بلغ عدد المصوتين في الخارج من الجاليات الجزائرية ما يقارب المليون ناخب.
وكما هو متوقع، فقد فاز جبهة التحرير الوطني بـ 220 من مجموع الـ 462 مقعدا في الجمعية الوطنية الجزائرية ــ حيث شكلّ أكبر تكتل فائز في أغلب الولايات ــ يليه تكتل الجزائر الخضراء والذي يمثل الاسلاميين المعتدلين، في حين تراجع الاسلاميون الى المركز الثالث بـ 66 مقعداً، وذلك وفقاً للنتائج الرسمية الأولية للانتخابات التي اعلنت يوم الخميس.
وقد دعت فيه جبهة الإنقاذ الإسلامية ــ المحظورة والمستبعدة من المشاركة في الانتخابات ــ الجزائريين إلى عدم المشاركة، وهي التي فازت باغلبية المقاعد في انتخابات عام 1991.
جبهة التحرير الوطني التي تقدمت بعدد المقاعد الفائزة، دعت الى انشاء تحالفات سياسية في البرلمان، بناء على تقارب وجهات النظر وبدعم مؤسسات المجتمع التي تدافع عن الأحزاب، في حين قال أمينها العام عبد العزيز بلخادم، ان هذا الفوز هو رد جبهة التحرير الوطني على الذين راهنوا على اختفاء الجبهة عن الساحة السياسية .
وفي الوقت الذي ندد الاسلاميون الجزائريون من جانبهم بهذه الانتخابات، بالقول ان اعلان نتائج التصويت بشكلٍ رسمي قد يعرض امن البلاد الى الخطر، وانهم يرفضون نتائجها كون الاجراءات الانتخابية كانت قد حابت مرشحي الحكومة،
وبحسب ما ذكرت صحيفة اللوموند الفرنسية في عددها الصادر يوم الجمعة الحادي عشر من مايو الجاري على لسان برنار فاليرو، المتحدث باسم وزارة الخارجية، ودون التعليق على اية اتهامات، فقد رحبت فرنسا يوم الجمعة بالانتخابات، وقالت انها جرت عموما بسلام ودون حوادث تذكر. ورحبت بشكلٍ أكبر باجراءات الشفافية التي مُنحت لبعثة مراقبة الاتحاد الأوربي، وهي تنتظر النتائج النهائية التي ستصدر عن لجنة الانتخابات .
في حين اشار رئيس بعثة المراقبين في الاتحاد الأوربي التي ضمت 120 مراقباً، الى أن الانتخابات جرت بشكل اعتيادي، وانه لم تحدث تجاوزات تستحق الذكر، وأن الجزائريين ادلوا بأصواتهم بكل حرية.
يُذكر ان الحكومة الجزائرية عملت على اتخاذ اجراءات وخطوات تضفي مزيداً من المصداقية والشفافية على الانتخابات، وذلك بإنشاء لجنة للانتخابات لادارة العملية الانتخابية بدلاً من ادارتها من قبل وزارة الداخلية، والسماح باشراف قضائي، وبمراقبة دولية على الانتخابات وتقديم تقارير بشانها، فضلاً عن منع أجهزة الدولة من تقديم اي دعم للمرشحين الحكوميين. وهي بهذه الاجراءات تتطلع الى انشاء برلمان قوي، والى عكس صورة تحاكي فيها الجزائر الانتخابات التي جرت في عددٍ من البلدان العربية التي شهدت مؤخراً ما سميّ بـ الربيع العربي ، ربما لكي تتجنب مرور هذا الربيع على اراضيها، كما حصل في بلدان مجاورة لها. فهل ستكون هذه الانتخابات فعلاً جدار الصد الذي سيمنع حدوت ثورة في هذا البلد الذي كل شيء فيه مهيئ لحدوثها بعد أن مرّ بصراع سياسي داخلي منذ ما يزيد عن عقدين من الزمن ولم يزل يئن تحت وطأته.
متخصص في شؤون الانتخابات
/5/2012 Issue 4201 – Date 16 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4201 التاريخ 16»5»2012
AZP07