إمام غريب عضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية لـ ( الزمان):
القاهرة – مصطفى عمارة
اثار فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة المخاوف لدى العديد من دول المنطقة وخارجها فى ظل تصريحاته اثناء جولاته الانتخابية والتى تحمل نظرة عنصرية تجاه العرب والمسلمين وعن تاثير فوز ترامب على سياسة امريكا الخارجية تجاه دول المنطقه كان ل (الزمان) هذا الحوار مع د / امام غريب الباحث فى الصراع العربى الاسرائيلي وعضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية والذى لديه العديد من المؤلفات عن العلاقات الاسرائيلية الامريكية
رغم ان كل التوقعات كانت تشير الى تقدم هيلارى كلينتون فى انتخابات الرئاسة الا ان ترامب خالف كل التوقعات وفاز بتلك الانتخابات فماتفسيرك لذلك ؟ ارى ان الولايات المتأرجحة والتى يبلغ عددها 11 ولاية لعبت دورا كبيرا فى فوز ترامب فضلا عن تركيز ترامب على مشاكل كل الولايات المتحدة الداخلية والتى يهتم بها الامريكان كثيرا عن الشئون الخارجية كل هذا رجح كفته فى الانتخابات
وهل تعتقد ان هناك تغييرات فى سياسة امريكا الخارجية بعد فوز ترامب ؟
السياسة الامريكية لا تتاثر كثيرا بشخصية الرئيس فالسياسات الامريكية تصنعها مؤسسات وبحكم سيطرة اسرائيل على القرار الامريكى من خلال 34 منظمة وعلى راسها الايباك فضلا عن سيطرتها على وسائل الاعلام الاجنبية وكذلك وجود شخصيات صهيونية فى مراكز صنع القرار وعلى راسهم وزير الخارجية الامريكى الاسبق كيسنجر ورام ايمفويل عمدة شيكاغو تستطيع اسرائيل التاثير على السياسة الامريكية فى المنطقة
قالوا كثيرا ان ثورات الربيع العربى وماتبعها من احداث هى مؤامرة اسرائيلية امريكية على العالم العربى لإشغاله عن القضية الرئيسية وهى قضية فلسطين ؟
الربيع العربي لم يكن مؤامرة أمريكية أو إسرائيلية إنما كان محاولة من الشباب العربي الذي طالما عانى من ظلم أنظمة استمرت عقود دون أن تقدم له حلولاً لمشاكله، ولكن استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل أن تستفيد من ثورات الربيع العربي بأن تصبح القضية الفلسطينية في مرتبة متأخرة من تفكير القادة العرب، ويمكن أن نعقد مقارنة بين المساندة العربية للانتفاضة الفلسطينية العام 1987م والتجاهل الآن لما يحدث من تهويد للقدس وبناء المستوطنات، وقد استفادت إسرائيل تحديداً من ثورات الربيع العربي بأن أججت الصراع بين الدول العربية بعضها البعض، وبين أبناء القطر الواحد، ويكفي في ذلك أن نشير إلى الدور الذي لعبه الصحفي الصهيوني برنارد ليفي، خاصة في ليبيا وللأسف فقد كان موجوداً أيضاً بين الثوار في مصر في يناير 2011.
فى ظل الانقسام الفلسطينى الحالى انهم البعض حركة حماس بالضلوع فى مؤامره اسرائيليه لاعطاء اسرائيل الوقت لتهديد الضفة الغربية فى مقابل فتح حماس وطن بديل يشمل غزه وجزء من اراضى سيناء ؟
أعتقد أن إسرائيل من الذكاء بحيث لا يمكن أن تتورط في الضفة الغربية في ظل حالة السلم بينها وبين السلطة الفلسطينية في الضفة برئاسة أبو مازن، كما أن حماس مشغولة في تأمين غزة في حدود إمكاناتها المتواضعة، ضد أي هجوم أو ضربه عسكرية من جانب إسرائيل حتى أنها تقوم بإلقاء القبض على بعض الفلسطينيين المتشددين الذين يحاولون مهاجمة إسرائيل؛ لأنها تعلم جيداً أن أوراق اللعبة قد تغيرت مع وصول ترامب المتشدد إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي إمكانية وضع حماس وحركة الإخوان المسلمين الأم كونها تنظيمات راعية للإرهاب، وفكرة أن تصبح سيناء وطن بديل أعتقد إنها انتهت بسقوط حكم الإخوان في مصر.
وهل ترى ان تفريغ الشريط الحدودى فى سيناء من السكان يساهم فى تنفيذ هذا المخطط ؟
تفريغ الشريط الحدودي في سيناء من السكان قرار مصري بحت لا علاقة لحماس به، ولن يؤدي إلى عودة أفراد من حماس إلى سيناء، وإنما المقصود به أن تؤمن مصر حدودها وأن تمنع دخول أي من المتطرفين؛ مثل داعش إلى أراضيها وأن يوقف حالة الانفلات الأمني التي حدثت في سيناء إبان ثورة 25/ يناير.
وما مدى تورط اسرائيل فى العمليات الارهابيه التى تجرى فى سيناء ؟
أستبعد أن يكون هناك تورطاً إسرائيلياً في العمليات الإرهابية التي تجري في سيناء، فإسرائيل تريد أن ترى سيناء هادئةعلى حدودها؛ لأن وجود إرهابيين بسيناء سيعزز من القيام بهجمات ضد إسرائيل، ولتدليل على ذلك نتذكر أن إسرائيل هي التي قامت بخرق إتفاقية كامب ديفيد، وأنها سمحت للطائرات المصرية بأن تحلق في سماء سيناء واستخدام أسلحة ثقيلة بما يخالف شروط إتفاقية كامب ديفيد وتوزيع القوات المصرية في المناطق أ، وب، وج، من أجل القضاء على الإرهاب والذي تعلم جيداً أنها بدون تعاونها مع مصرستتضرر منه.
هل هناك كما يقولون مخطط اسرائيلى فى افريقيا وخاصة بالنسبه لملف المياه ودعمها لاثيوبيا فى سد النهضه ؟
إسرائيل وإثيوبيا وجنوب إفريقيا ثلاث دول ترى أنهم دول غير إسلامية في محيط إسلامي، فكان لابد من التعاون فيما بينهم، وكان لإسرائيل دور مهم في انفصال جنوب السودان منذ ستينيات القرن الماضي، وأيضاً تدعم إسرائيل إثيوبيا في بناء سد النهضة، والذي سيتم اكتمال بناؤه العام 2017م، ليصبح أكبر سد كهرومائي في إفريقيا بما يقلل من حصة مصر من المياه، وتولت شركة كهرباء إسرائيلية إدارة قطاع الكهرباء في إثيوبيا، كما تمت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أديس أبابا مؤخراً في الذكرى الثمانية والستين لنكبة فلسطين، والتعاون الإسرائيلي الإثيوبي يأتي بعد فشل إسرائيل للوصول لمياه النيل من أسفل النهر من مصر من خلال مشروع ترعة السلام، ولا ننس أن إسرائيل تريد تهجير يهود الفلاشا من إثيوبيا إلى أراضيها، كما تمول إثيوبيا بقيمة (200) مليون دولار لتطوير أنظمة الري فيها.
وهل تتوقعون اندلاع حرب فى السنوات القادمة حول المياه ؟
أعتقد أن الفترة المقبلة من الممكن أن تشهد حرب مياه في المنطقة خاصة في ظل حاجة إسرائيل الملحة للمياه لاستصلاح صحراء النقب، والتي تمثل ثلث مساحة إسرائيل، والتي تريد أن تقوم باستصلاح هذه الأراضي من أجل جلب مزيد من المهاجرين إليها.
هل هناك تواطؤ اسرائيلى ايرانى فى تهديد امن الوطن العربى ؟
لكل من إيران وإسرائيل أطماع في المنطقة العربية؛ إيران تريد أن تفرض التشيع، كما تريد تحويل الخليج العربي إلى خليج فارسي، وكلنا نعلم أطماع إسرائيل في المنطقة، وإن كنت أستبعد التواطئ بينهما؛ فربما حدث ذلك قبل قيام الثورة الإسلامية في 1979م، أما بعد الثورة فاعتقد أن الوضع بينهماعدائي؛ خاصة عندما دعا الرئيس الإيراني السابق إلى مؤتمر (عالم بلا صهيونية ) ومعارضة إسرائيل لامتلاك إيران سلاح نووي، ومحاولة الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية والذي تم ترجمته في حديث الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب أثناء حماته الانتخابية عن ضرورة إلغاء الاتفاق النووي مع إيران، وأيضاً صفقة الأسلحة التاريخية اليت أهداها براك أوباما إلى إسرائيل بقيمة (38) مليار دولار كان سبباً فيها الخوف من التهديد الإيراين.
وهل ترى ان ايران سوف تصبح العدو الاول للعرب خلال المرحله القادمه ويتراجع اهتمامهم بالخطر الاسرائيلى ؟
لا أعتقد أن تصبح إيران العدو الأول للعرب، وإنما ستظل إسرائيل عدو العرب والمسلمين في المقام الأول، وإيران من الممكن أن تصبح سنداً لنا كدول عربية في مواجهة إسرائيل ولا ينبغي أن نغفل أن الأسلحة التي كانت توجه إلى إسرائيل من حزب الله وحماس هي أسلحة وصواريخ إيرانية الصنع مثل أريحا 1، وأريحا 2، وأن إيران ودول إسلامية أخرى من الممكن أن تكون سنداً لنا في مواجهة إسرائيل، وهنا استشهد بنموذج من التاريخ وهي شخصية صلاح الدين الأيوبي، وهو الذي قام بواحد من أكبر الانتصارات وهو تحرير بيت المقدس بعد معركة حطين العام 1187م، لم يكن عربياً وإنما كان مسلم كردي، فلماذا لا نستبعد خروج رجل آخر مثل صلاح الدين من إيران أو كازخستان أو أي دولة إسلامية.
وما هى رؤيتك لعودة روسيا بثقلها الى المنطقه ؟ وهل يمكن ان تحدث عودتها توازنا فى القوى كما حدث فى مرحلة الستينات ؟
روسيا الآن تعود بقوة كقوة دولية، خاصة في ظل صفقات الأسلحة التي تقوم بها لبلدان مثل مصر، وفي ظل الدور الكبير الذي تقوم به لمساندة بشار الأسد، والذي حال دون سقوطه إلى الآن، إلا أن هذه العودة القوية لروسيا لا تعني العودة بقوة إلى فترة الستينات من القرن الماضي، فيما عرف باسم الحرب الباردة، أو العالم ثنائي القطبية بينها زبين الولايات المتحدة الأمريكية، بينما يمكن أن تشهد السنوات القادمة ظهور قوى مثل الصين والتي لن ترض أن تصبح رائدة في الاقتصاد فقط على مستوى العالم، ولربما تسع أيضاً إلى الريادة العسكرية.
وهل تتوقعون ان تشهد السنوات القادمه تطبيقا بين دول الخليج وعلى راسها السعودية مع اسرائيل ؟
المملكة العربية السعودية لن تقوم بالتطبيع مع إسرائيل؛ وذلك لكونها بلد الحرمين الشريفين، وإن كان ذلك لا يمنع من القيام باتصالات سرية بين الدولتين خاصة في ظل تقارب المملكة مع حركة حماس، ومساعدة خالد مشعل، وربما تأتي المباحثات السرية في محاولة لتفادي ضربات من الممكن أن توجه من إسرائيل لقطاع غزة.
فى النهايه هل ترى ان انهيار العراق وتفكيك سوريا وانكفاء مصر على مشاكلها الداخليه سوف يقضى على احتمالات الصراع المسلح بين اسرائيل والعرب خلال السنوات القادمه
انهيار العراق وسوريا يأتي ضمن مخطط المؤرخ اليهودي برنارد لويس، والذي طرح إمكانية تقسيم الدول العربية ثانية فيما سمي بسايكس بيكو 2، مما قد يؤثر بالسلب على القضية الفلسطينية، أما بالنسبة لمصر فالوضع مختلف؛ فقد كانت وستظل القضية الفلسطينية هي القضية الأولى بالنسبة لمصر، حتى وإن أولت اهتماماً بالشأن الداخلي إلا أنها سرعان ما تلتفت إلى القضية الفلسطينية حتى في أوج الأزمات إبان ثورة الخامس والعشرين من يناير كانت مصر تقوم بالمصالحة بين حركتي فتح وحماس .