الراعي والرعية

الراعي والرعية
التضحية والشجاعة والإيثار والعدل وحمل الآخرين على الاكتاف عندما يحتاجون إلى الحمل هي من سمات المسؤول الناجح هو لا يصانع ولا يضارع ولا يتبع المطامع هو مصلح اجتماعي ينشر العدل والفضيلة في مجتمعه ويحاسب نفسه كل يوم بما صدر ويصدر عنه من افعال فاذا كان الفعل محمودا امضاه وان كان مذموما استدركه إن امكن وانتهى عن مثله في المستقبل . إن التصفح اليومي للافعال والاعمال انما هو استظهار لتقديم الفكر قبل الفعل ليعلم به مواقع الاصابة وينتهز استدراك الخطأ فقد تعلمت الجماهير بقدرة وعيها وذكاءها مَن المسؤول الذي يقود ويوجه فيما إذا زين نفسه بالعمل وتجنب مخاطر الظن وابتعد عن المغريات والهوى على حد قول الفيلسوف الكندي (اعص الهوى واطع ما شئت) .
إن حب الشعب واسعاده ليس بالتصريحات والخطب المملة وانما بالقرب من الناس وخدمتهم وردم المسافة بينهم وبين القائد وهذا ما حدثنا عنه التاريخ حيث أصبح بعض المسؤولين والقادة كبار في نظر شعوبهم لأنهم حافظوا على تلك الشعوب وهم يقودون المسيرة حيث كانوا دائما ينظرون إلى الخلف وعدم الابتعاد عمن يقودونهم لتقليل الفجوة بينهم وبين الشعب لذلك اصبحوا كبارا ونالوا محبة الشعوب . قال عمر بن عبد العزيز الخليفة العادل لجليسه الذي كان بجنبه : (اني اخاف الله فيما تقلدت فاجابه ذلك الجليس : (لست اخاف عليك إن تخاف الله وانما اخاف عليك إن لا تخاف الله)) فلولا مخافة الله من الخليفة عمر بن عبد العزيز وعدله في امته وفي نفسه لما ذكره احد اليوم .
إن احتجاب المسؤول عن الشعب وعدم نصرة الحق وظلم الآخرين والاستخفاف بهم لهو من عوامل سقوط الملوك والاباطرة الذين حكموا في ازمان تاريخية معينة وفرطوا في حريات شعوبهم وكرامتها فقد انتهوا ونسيهم التاريخ فاذا رغب السلطان عن العدل رغبت الرعية عن طاعته ، لقد دأب بعض المسؤولين والحكام اليوم على الانهماك بمصالحهم ومصالح اتباعهم ومقربيهم دون الالتفات إلى الشعب وتلك مصيبة فالطاغية قارون الذي ملك ثروة طائلة اتصف بغروره وصلفه حيث دعاه نبي الله موسى (ع) إلى الحق وطريق العدل واجتناب الكفر ولكن دون جدوى فكانت نهايته إن خسف به الله تعالى الأرض هو وثروته وقد يعجل الله العقاب للمسؤول أو القائد أو الحاكم الظلمة في الدنيا قبل الآخرة . إننا نلاحظ بعض المسؤولين يقرأون القران صباحا ويصافحون الشيطان مساء يتكلمون كلام الصديقين لكنهم يقتلون النبيين بعضهم اطال شعر لحيته متناسيا إن الحياة شعور وليست شعرا وبعضهم يدخل على السلطان ومعه دينه ويخرج منه بلا دين كيف ؟ لانه ارضى السلطان بما يسخط الله وبعضهم سرق أموال الشعب وغادر بسلامة بجنسيته الثانية وغير سحنته للاختفاء ، هؤلاء هم من سرقوا عمري وعمرك وعمر الآخرين وخربوا البلاد واساءوا إلى العباد لم تنفعهم المواعظ حيث يقول امامنا علي (ع) : (لو فقدت شاة في الحجاز أو اليمامة لكنت مسؤولا عنها إلى يوم القيامة) .
إن التجربة التاريخية التي مر بها وطننا والأنظمة الحاكمة المتعاقبة اوضحت لنا إن المسؤولية كانت امتيازا وتسلطا وانتشارا للفساد في كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وكان ضعف الاهتمام بمؤسسات الدولة التي كانت تقودها نماذج مجردة عن المسؤولية حيث أصبحت وبسرعة مذهلة تمتلم ما لا تستحق امتلاكه من ثروة باطلة في ظروف معاناة الشعب . إن الانسياق وراء الرغبات الوضيعة بدون تعقل وحكمة واهمال الشعب يجعل المسؤول أو القائد يرتكب ما لا يليق به من الخطايا والاخطاء ولذلك فان على من يقود ويوجه يجب إن يدرك إن يوما تقضيه الروح وهي تندب موت حقوق المساكين وفقدان العدالة انبل من عمر يقضيه الانسان في التمتع في الشهوات . إن الذين وضعوا المناهج والقوانين والأنظمة تصوروا أنها تحد من الظلم وتحقيق العدل ولكنهم مع الأسف فشلوا فشلا ذريعا لأنهم خدعوا شعوبهم بتلك القوانين التي وضعوها بانفسهم ولمصلحتهم واثروا فيها ثراءً فاحشا وسلبوا المواطن ابسط حقوقه وهو العيش بكرامة وتلك هي خيانة السلطان للرعية .
لفته عباس القره غولي – ذي قار
AZPPPL

مشاركة