الرأي الآخـر

الرأي الآخـر

 ان اختلاف الآراء واختلاف وجهات النظر وتعدد الافكار والتوجهات ظاهرة حضاريـة موجودة في كل مجتمع راقٍ ، فكل انسان يولد على الفطرة يكتسـب افكار البيئـة التي نشأ فيها سواء كانت بيئة ملتزمة ام متحررة ، قبلية ام مدنية ، متعلمـة او غير متعلمـة ، وعندمـا يكبر الانسان يبدأ برسم الطريق الفكري الذي يختاره ويؤمن به. ولا شك ان معظم مجتمعاتنـا العربية نشأت على ثقافة يسود فيها الخلاف ومخالفة كل ما يقف ضد ما نشأنا عليه من افكار وميول وتوجهـات .

في مجتمعنا العراقـي وخصوصاً ما بعد 2003  انفتح المجتمع على العالم فاصبح يرى العالم بأسره على شاشات التلفزيون وشبكة الانترنت ويستطيع التواصل مع ثقافات اخرى وايضاً سهولة السفـر كل هذه العوامل بالاضافة الى حريـة التعبير ولدَت عند الناس قناعات وافكار مختلفـة .

الا ان الظاهرة السلبيـة في هذا الشيء والتي نراها اليوم من اهم المشاكل المجتمعيـة التي تفاقمت بشكل خطير وهي عدم تقبل الرأي الآخر بل وحتى عدم تقبل الآخر ورفضه فقط لأنه يحمل فكراً مختلفاً او توجـهاً مختلفاً ، وقد يتعدى الامر في بعض الاحيان ويصل مرحلة التخويـن والتكفيـر اذا ما أبديت رأياً سلبياً في شخصيـة دينية او سياسية ، فنرى المدافعيـن يقدسون هذه الشخصيات تقديسـاً أعمى ، حتى اذا ما ارتكبت هذه الشخصيـة المقدسـة في نظر متبعيها اي خطأ فانهم يغمضون أعينهـم ويغلقون آذانهـم ويبدأ لسانهم بالتبرير السخيف وغير المقنع وذلك لكي يكذبون على أنفسهـم وعلى العالم ان هذا الشخص لا يخطئ ابداً ، والحقيقـة انه ليس هناك بشر معصوم من الخطأ حتى ان النبي محمد ” صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال: (كل ابن آدم خطاء وخير الخطائيـن التوابون).

ان التزمت في الرأي والتعصب لديـن او لمذهـب او قوميـة او شخـص او حتى لفريق رياضـي ادى الى عدم قبول الرأي الآخر او عدم تقبل الآخر حتى قبل ان يبدي رأيه. ان كل هذه الامور في مجتمعنا العراقـي أدت الى شبه انعدام لغة الحوار في الشارع والمقهى اللقاءات التلفزيونيـة حتى في اهم مفاصل الدولة مثل مجلس النواب الذي دارت تحت قبتـه أهم الملاحم الذي كان أبطالها أُناسٌ لا أعلم كيف صعدوا الى البرلمان !! .

فحري بنا ان نتعلم كيف نختلف في آرائنـا السياسيـة والدينيـة والاجتماعيـة والرياضيـة بشكل حضاري وبذلك فقط سننقذ أنفسنا من ويلات الاستبداد والجهل والتقديس الاعمى وسنرتقي بمجتمع مقتنع بؤأيه ولكنه يحترم الرأي الآخر ويحترم الآخر ويحترم عاداتـه وتقاليده وطقوسـه .

احمد وسام المفتـي

مشاركة