شريكان صادقان يتكاتفان للتنمية
الذكرى 65 لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الصين والعراق – شيوي تشون
يصادف هذا العام الذكرى الـ65 لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الصين والعراق. على مدى السنوات الـ65 الماضية، تتطور العلاقات الصينية العراقية باستمرار ويتعمق التعاون العملي في كافة المجالات باطراد. في عام 2015 انضم العراق بشكل رسمي إلى عائلة التعاون في بناء “الحزام والطريق” بعد توقيع وثيقة التعاون بهذا الصدد مع الصين، الأمر الذي ضخ طاقة قوية في توسيع التعاون الثنائي وأدخل التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين إلى المسار السريع.
تعد الصين أكبر شريك تجاري للعراق وأكبر مشتر لنفطه، والمنتجات الميكانيكية والكهربائية والسلع الاستهلاكية اليومية الصينية تتمتع بجودة عالية وسعر منخفض تلاقي إقبالا واسعا في السوق العراقية. في السنوات الثلاث الماضية، ازداد حجم التبادل التجاري بين البلدين على الرغم من تداعيات جائحة كورونا المستجد، ليسجل رقما قياسيا في عام 2022 بمقدار 53.37 مليار دولار أمريكي، بزيادة قدرها 43 بالمئة على أساس سنوي. في المقابل، يعد العراق ثالث أكبر مورد نفط للصين. في عام 2022 استوردت الصين أكثر من 55 مليون طن من النفط الخام من العراق.
إن التعاون النفطي “صابورة” للتعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والعراق، إذ تتركز استثمارات الصين في العراق بصفته أكبر وجهة استثمار للصين في المنطقة العربية، في مجال النفط. خلال الـ20 السنوات المنصرمة، قدمت الشركات النفطية الصينية بتقنياتها الناضجة وخبراتها الغنية وإدارتها المتقدمة، مساهمات كبيرة في تطوير صناعة النفط في العراق بعد عام 2003. مثلا، حقل الأحدب الذي تشارك في تطويره شركات صينية هو أول مشروع تعاوني دولي للنفط في العراق بعد عام 2003 كما أنه أول مشروع دخل حيز الإنتاج وحقق ذروة الإنتاج وفق العقد في العراق بعد عام 2003. وفي حقل الحلفاية، أنشأت شركة بتروتشاينا في عام 2014 أول خط أنابيب استراتيجي للتصدير في العراق، مما حل مشكلة عنق الزجاجة التي كانت تواجه هذا الحقل في مجال التصدير. وحققت شركة بتروتشاينا ذروة الإنتاج في عام 2018 بمقدار 400 ألف برميل يوميا.
تشارك الشركات الصينية بنشاط في المجال المعيشي والخدمي في العراق، وهي القوة الرئيسية في إنشاء محطات الكهرباء في العراق، إذ تتجاوز القدرة المركبة لمحطات الكهرباء التي أنشأتها الشركات الصينية 6200 ميجاوات. ومن بينها محطة واسط الحرارية التي أنشأتها شركة شانغهاي للكهرباء، وهي أول مشروع محطة كهرباء كبيرة في العراق بعد عام 2003 توفر 70 بالمئة من إمداد الكهرباء لبغداد و30 بالمئة من إمداد الكهرباء للعراق كله عند وقت الذروة. في السنتين الأخيرتين، أُنجزت محطات كهرباء الرميلة وميسان والبصرة التي أنشأتها شركات صينية ودخلت حيز التشغيل على التوالي، مما خفف من نقص إمدادات الكهرباء في العراق. كما أن الشركات الصينية نفذت عددا من مشاريع الصرف الصحي في محافظات واسط وميسان والبصرة وبابل وغيرها، حيث تلعب دورا مهما في تحسين البيئة المحلية وضمان معيشة الشعب. في الوقت الحالي، تشارك الشركات الصينية في تنفيذ مشاريع المدارس والمطارات وغيرها، فهناك آفاق رحبة للتعاون بين البلدين في مجال البنية التحتية.
مكافحة الجائحة
كانت الصين والعراق تتساندان لبعضهما البعض لمكافحة الجائحة. في عام 2020 وعندما كانت الصين في ظروف صعبة لمكافحة الجائحة، بعث قادة العراق رسالة تعاطف إلى قادة الصين يعبرون فيها عن دعم بلاده الثابت للشعب الصيني لمكافحة الجائحة، وقام الشخصيات من مختلف الأوساط العراقية بصورة عفوية بجمع المواد الوقائية مثل الكمامات والأزياء الواقية والكفوف، للمساهمة في المعركة الصينية ضد الجائحة. بعد حدوث الوباء في العراق، أرسل الجانب الصيني فريق الخبراء المتخصصين بمكافحة الوباء إلى العراق في اللحظة الأولى لمشاركة الخبرات الوقائية مع الجانب العراقي، ودرب أكثر من 1000 كادر طبي عراقي عامل في جبهة مكافحة الجائحة، وساعد العراق على إنشاء مختبر PCR وتنصيب جهاز المفراس. كما تبرع الجانب الصيني للجانب العراقي بكمية كبيرة من المواد الوقائية مثل الكمامات والأزياء الواقية. إضافة إلى ذلك، تبرعت الصين للعراق بـ1.75 مليون جرعة من اللقاح على 4 دفعات رغم نقص إمداداته داخل الصين، وهي أول دولة في العالم وفرت اللقاح للعراق. حقق التعاون بين الصين والعراق في مكافحة الجائحة نتائج مثمرة ومتجذرة بعمق في قلوب الناس، مما جعل الصداقة بين الشعبين أقوى.
تقدم الحكومة الصينية بنشاط المساعدات الإنسانية للعراق. منذ عام 2003 منحت الحكومة الصينية دفعات من المساعدات المادية للعراق بما فيها المعدات الطبية والمعدات الميكانيكية المدنية والمستلزمات اليومية، الأمر الذي لعب دورًا إيجابيًا في مساعدة العراق على إعادة الإعمار وتحسين معيشة الشعب. في نهاية عام 2022 منحت الحكومة الصينية دفعة من المساعدات الإنسانية بقيمة 40 مليون يوان صيني لوزارة الهجرة والمهجرين العراقية، دعما للجانب العراقي في إعادة توطين النازحين. مستقبلا، ستواصل الصين تقديم المساعدات المادية التي تمس الحاجة إليها للعراق ضمن إمكانها.
في أكتوبر العام الماضي، انعقد المؤتمر الوطني العشرون للحزب الشيوعي الصيني بنجاح، حيث تم تحديد إنجاز بناء دولة اشتراكية حديثة قوية على نحو شامل وتحقيق هدف الكفاح الواجب إنجازه عند حلول الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، ودفع النهضة العظيمة للأمة الصينية على نحو شامل بالتحديث الصيني النمط كالمهمة المحورية للحزب الشيوعي الصيني. في ديسمبر العام الماضي، انعقدت القمة الصينية العربية الأولى في الرياض بنجاح، والتقى الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال القمة برئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، مما حدد الاتجاه لتنمية العلاقات الثنائية. في المرحلة المقبلة، تحرص الصين على العمل مع العراق على مواصلة تعميق الوئام بين الاستراتيجيات التنموية بين البلدين، والتكاتف على تطبيق مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية.
ودفع التعاون في بناء “الحزام والطريق” بجودة عالية. كما سيواصل الجانب الصيني دعم الجانب العراقي في إعادة الإعمار الاقتصادي، ومساعدته على إعادة الصناعة وتحسين معيشة الشعب وتحقيق التنمية المستدامة، مستعدا لبذل جهود مشتركة معه لحسن تنفيذ كافة نتائج القمة الصينية العربية الأولى. إننا لعلى يقين بأنه بقيادة مبادرة الحزام والطريق وغيرها من المبادرات المهمة، يتمكن البلدان الصين والعراق بالتأكيد من خلق فرص تنموية وزخم تنموي جديدين باستمرار، وتحقيق الاستقرار والاستدامة للتعاون العملي بينهما في كافة المجالات، بما يخدم مصلحة البلدين وشعبيهما بشكل أفضل.
{ مستشار سفارة جمهورية الصين الشعبية لدى جمهورية العراق