الذكاء الاصطناعي أداة اختراق لقراصنة الإنترنت

باريس‭ (‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭) – ‬باتت‭ ‬الهجمات‭ ‬المعلوماتية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬حكرا‭ ‬على‭ ‬المتخصصين،‭ ‬قابلة‭ ‬للتنفيذ‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬أو‭ ‬متاحة‭ ‬للمبتدئين،‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تسخير‭ ‬روبوتات‭ ‬الدردشة‭ ‬لغايات‭ ‬غير‭ ‬وظيفتها‭ ‬الأصلية،‭ ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬مخاوف‭ ‬من‭ ‬تحوّل‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬أداة‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬القراصنة‭.‬

تُشير‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬التي‭ ‬تُعرف‭ ‬باسم‭ “‬فايب‭ ‬هاكينغ‭” – ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ “‬فايب‭ ‬كودينغ‭” ‬أي‭ ‬إنشاء‭ ‬كود‭ ‬برمجي‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬مستخدمين‭ ‬غير‭ ‬مُلِمّين‭ – ‬إلى‭ “‬تطوّر‭ ‬مُقلق‭ ‬في‭ ‬الجرائم‭ ‬الإلكترونية‭ ‬التي‭ ‬تتم‭ ‬بمساعدة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬بحسب‭ ‬شركة‭ “‬أنثروبيك‭” ‬الأميركية‭. ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬نُشر‭ ‬الأربعاء،‭ ‬أعلنت‭ ‬الشركة‭ ‬المُنافسة‭ ‬لـ‭”‬أوبن‭ ‬ايه‭ ‬آي‭” ‬مُبتكرة‭ ‬أداة‭ “‬تشات‭ ‬جي‭ ‬بي‭ ‬تي‭”‬،‭ ‬أنّ‭ “‬مجرما‭ ‬إلكترونيا‭ ‬استخدم‭ ‬أداة‭  ‬كلود‭ ‬كود‭  ‬لتنفيذ‭ ‬عملية‭ ‬ابتزاز‭ ‬بالبيانات‭ ‬واسعة‭ ‬النطاق‭”.‬

وبالتالي،‭ ‬استُغلّ‭ ‬روبوت‭ ‬الدردشة‭ “‬كلود‭ ‬كود‭”‬،‭ ‬المُتخصص‭ ‬في‭ ‬الكود‭ ‬البرمجي،‭ ‬لتنفيذ‭ ‬هجمات‭ “‬يُحتمل‭” ‬أن‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬17‭ ‬مؤسسة‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬شهر‭.‬

الأداة‭ ‬التي‭ ‬استُخدمت‭ ‬لإنشاء‭ ‬برامج‭ ‬ضارة،‭ ‬أتاحت‭ ‬للمهاجم‭ ‬جمع‭ ‬بيانات‭ ‬شخصية‭ ‬وطبية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬معلومات‭ ‬عن‭ ‬عمليات‭ ‬تسجيل‭ ‬الدخول،‭ ‬ثم‭ ‬تصنيفها‭ ‬وإرسال‭ ‬طلبات‭ ‬فدية‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬500‭ ‬ألف‭ ‬دولار‭.‬

لم‭ ‬تمنع‭ “‬إجراءات‭ ‬السلامة‭ ‬المتطورة‭” ‬التي‭ ‬تزعم‭ “‬أنثروبيك‭” ‬تطبيقها‭ ‬من‭ ‬حدوث‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭. ‬ليس‭ ‬ما‭ ‬حصل‭ ‬مع‭ “‬أنثروبيك‭” ‬استثنائيا،‭ ‬بل‭ ‬يعكس‭ ‬المخاوف‭ ‬التي‭ ‬تهز‭ ‬قطاع‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬منذ‭ ‬الانتشار‭ ‬الواسع‭ ‬لأدوات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬التوليدية‭. ‬في‭ ‬حديث‭ ‬إلى‭ ‬وكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس،‭ ‬يقول‭ ‬رودريغ‭ ‬لو‭ ‬بايون،‭ ‬رئيس‭ ‬مركز‭ ‬التنبيه‭ ‬والاستجابة‭ ‬للهجمات‭ ‬الحاسوبية‭ ‬التابع‭ ‬لشركة‭ “‬أورانج‭ ‬سايبرديفينس‭”‬،‭ ‬إنّ‭ “‬المجرمين‭ ‬الإلكترونيين‭ ‬يستخدمون‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬اليوم‭ ‬بنفس‭ ‬القدر‭ ‬الذي‭ ‬يستعمله‭ ‬باقي‭ ‬المستخدمين‭”. ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬نُشر‭ ‬في‭ ‬حزيران‭/‬يونيو،‭ ‬أشارت‭ “‬اوبن‭ ‬ايه‭ ‬آي‭” ‬إلى‭ ‬أنّ‭ “‬تشات‭ ‬جي‭ ‬بي‭ ‬تي‭” ‬ساعد‭ ‬أحد‭ ‬المستخدمين‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬برمجيات‭ ‬ضارة‭.‬

مع‭ ‬أنّ‭ ‬النماذج‭ ‬مُصممة‭ ‬لمنع‭ ‬استغلال‭ ‬قدراتها‭ ‬لتغذية‭ ‬أنشطة‭ ‬غير‭ ‬قانونية،‭ ‬ثمة‭ ‬تقنيات‭ “‬تتيح‭ ‬للمستخدم‭ ‬تجاوز‭ ‬ضمانات‭ ‬نماذج‭ ‬اللغة‭ ‬الرئيسية‭ ‬بحيث‭ ‬تُنتج‭ ‬محتوى‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬لها‭ ‬إنتاجه‭”‬،‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يقول‭ ‬الخبير‭ ‬فيتالي‭ ‬سيمونوفيتش‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭.‬

في‭ ‬آذار‭/‬مارس،‭ ‬أعلن‭ ‬هذا‭ ‬الباحث‭ ‬الذي‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬شركة‭ “‬كاتو‭ ‬نتوورك‭” ‬الإسرائيلية‭ ‬للأمن‭ ‬السيبراني،‭ ‬عن‭ ‬اكتشافه‭ ‬نهجا‭ ‬جديدا‭ ‬يتيح‭ ‬للأفراد‭ ‬عديمي‭ ‬الخبرة‭ ‬إنشاء‭ ‬برامج‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬سرقة‭ ‬كلمات‭ ‬المرور‭. ‬يتمثل‭ ‬أسلوبه‭ ‬الذي‭ ‬أطلق‭ ‬عليه‭ ‬اسم‭ “‬العالم‭ ‬الغامر‭”‬،‭ ‬في‭ ‬وصف‭ ‬عالم‭ ‬خيالي‭ ‬لروبوت‭ ‬محادثة،‭ ‬حيث‭ “‬يُعدّ‭ ‬إنشاء‭ ‬البرمجيات‭ ‬الخبيثة‭ ‬فنّا‭”‬،‭ ‬والطلب‭ ‬من‭ ‬النموذج‭ ‬تجسيد‭ ‬إحدى‭ ‬الشخصيات‭. ‬يوضح‭ ‬سيمونوفيتش‭ ‬الذي‭ ‬فشل‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ “‬جيميناي‭” (‬من‭ ‬غوغل‭) ‬و‭”‬كلود‭” (‬من‭ ‬أنثروبيك‭)‬،‭ ‬لكنه‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬توليد‭ ‬برمجيات‭ ‬ضارة‭ ‬في‭ “‬تشات‭ ‬جي‭ ‬بي‭ ‬تي‭” ‬و‭”‬كوبايلت‭” (‬من‭ ‬مايكروسوفت‭) “‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬طريقتي‭ ‬لاختبار‭ ‬حدود‭ ‬النماذج‭ ‬اللغوية‭ ‬الحالية‭”.‬

ويضيف‭ ‬ان‭ “‬ارتفاع‭ ‬التهديدات‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬جهات‭ ‬عديمة‭ ‬الخبرة‭ ‬سيمثل‭ ‬خطرا‭ ‬متزايدا‭ ‬على‭ ‬المنظمات‭”. ‬يرى‭ ‬رودريغ‭ ‬لو‭ ‬بايون‭ ‬أن‭ ‬الخطر‭ ‬المباشر‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ “‬ارتفاع‭ ‬عدد‭ ‬الضحايا‭” ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬رؤية‭ ‬الجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬الضارة‭ ‬تتزايد،‭ ‬خصوصا‭ ‬وأننا‭ “‬لن‭ ‬نمتلك‭ ‬برمجيات‭ ‬معقدة‭ ‬جدا‭ ‬تُنشأ‭ ‬مباشرة‭ ‬بواسطة‭ ‬روبوتات‭ ‬المحادثة‭”. ‬أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬أمن‭ ‬نماذج‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬فيتعين‭ ‬تعزيزه‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭. ‬ويقول‭ ‬لو‭ ‬بايون‭ ‬إنّ‭ “‬الناشرين‭ ‬يحللون‭ ‬حاليا‭ ‬الاستخدامات‭” ‬بهدف‭ “‬تعزيز‭ ‬إمكانية‭ ‬الكشف‭ ‬بشكل‭ ‬أفضل‭ ‬عن‭ ‬الاستخدامات‭ ‬الضارة‭”.‬

مشاركة