الدائرة
مرت الذكرى كشريط سينمائي امام عينيها فور استيقاظها من النوم بالرغم من قصرمدته، بدا كأنه سبات ابدي لجسد انهكه الالم ،الا ان شريطاً من ذكريات مؤلمة شابت منها السنون ولم يتبقَ سوى خيوطاً بيض زينت تاج رأسها الهرم وخطوط حفرت اخاديد عميقة تجري منها انهراً من دموع محت اثار وجهها ، ابت ان تفارقها حتى في منامها .
هنا على هذا السرير تصارع الموت البطيء على فراش من جمر مشتعل تذكرت وجه امها وانهمرت ادمع الحسرةِ والمرارة، جرت في اخاديدها كأنهر فاضت من العبرات ونادت بحرقةِ علها تسمع انينها وهي بين ايدي الرحمن “أسفة يااماه، ليتك تعودي لتسامحيني”. شقت ابتسامة ساخرة وحزينة في ان معاً وسط اهتياج مشاعرها كأنها تعرف نهايتها وقد دارت الايام وذاقت من كاس سقته لامها من قبل .
الان ادركت على سرير الحزن مافعلته بوالدتها كما فعلوا فلذات اكبادها بها ،مرت امامها صورهم وهم يرمونها على رصيف الزمن لتنتظر وقوف قطار العمر على محطة مجهولة ، فكرت “كما تدين تدان” بكت بحرقة وهي تتقلب على لهيب الذكرى وتتمنى ولو للحظة ان يعود الزمن لتضم جسد والدتها الهرم الى صدرها وتبكي نفسها تارة وتبكيها تارة اخرى أي اثم وخطأ جسيم اقترفته يداها ، ليتها تضمها للحظة علها تجد نفسها الضائعة في ذاك الحضن المنسي.
تذكرت ابناءها الثلاثة واخذت الهاتف لاهثة يجب ان احذرهم واقل لهم لاتفعلوا كما فعلت من قبلكم …. يجب ان اتصل
رفعت سماعة الهاتف ، رن الهاتف الاول والثاني ثم الثالث .. لامجيب
لاصوت سوى دقات الساعة تعلن عن صمت ابدي وجسد ملقى لم يعد يسمع الطرف الاخر ينادي “الو ..الو ..من هناك”
اسراء احمد عبد
AZPPPL