الخيانة تقود إلى الهاوية
بعد أن إنتهى أبرهة الحبشي من بناء القليس أراد أن يحول قبلة العرب من الكعبة في مكة المكرمة إلى القليس في صنعاء ليحجوا إليه ، فجهز جيشاً جراراً فيه فيلة كبيرة ليغزو مكة المكرمة ويهدم الكعبة وكان أبو رغال هو دليل أبرهة الحبشي إلى مكة المكرمة ، وكان ذلك في نفس العام الذي ولد فيه النبي محمد (ص) وسمي عام الفيل ، ويشار إلى أبي رغال في كتب التاريخ العربي بإحتقار وإزدراء لأنه لم يعرف عن العرب في ذلك الحين من يخون قومه مقابل أجر معلوم ، ويطلق لقب أبو رغال اليوم على كل من خان قومه لمصلحته الخاصة وفي مقدمتهم الساسة المزورون والفاسدون .
وأخيراشف المستور وظهرت أوراق الساسة بعد ان سقطت ورقة التوت وبانت النوايا الحقيقية لتدمير العراق بدعم غربي وعربي وبعض دول الجوار .
وليس من الغريب أن ينحرف هذا السياسي أو تلك الكتلة عن مسارها الوطني وشعاراتها المعلنة وتقع أسيرة لأجندات خارجية وحسابات داخلية ضيقة فكل شخص أو جماعة تحاسب بحجم أهدافها وحجمها وموقعها في العملية السياسية ومعنى ذلك أن هناك مستويات معينة في المناصب والمواقع وجماعات وكتلاً بعينها يجب أن تكون في المكان الأمين البعيد عن الشبهات مهما كان مصدرها حيث تعد هذه النخب بمثابة الميزان الذي تقاس من خلاله وطنية الآخرين وبالإقتراب منهم يجد الناس أنهم إقتربوا من كل الثوابت الوطنية والأخلاقية وإبتعدوا عن الصفقات السياسية والمليارية لأنهم يمثلون مثالية المبادئ وعظمة الإلتزام بميثاق الشرف مع الوطن والمواطن وأساسه النضال من أجل وحدة العراق وسلامة أراضيه وكل محرماته الأخرى والسعي لرفاهية الشعب وسعادته في ظل وطن آمن ومستقر .
هذه هي الفرضيات ولكن المعادلات السياسية التي إنكشفت مؤخراً بعد الإنتخابات أكدت لنا بما لا يقبل الشك بأن عدداً كبيراً من الشخصيات القيادية في هذه البلاد قد خانوا الأمانة وباعوا العراق وإشتروا الطائفية وفضلوا مصالحهم الشخصية على مصالح العباد ولهذا لم يعد غريباً أو عجيباً أن نرى شخصية إئتمنها الشعب العراقي ليكون رجلاً أصيلاً في خدمة العراق وليس عراباً لطائفة معينة مدفوعة الثمن من أجل نهب وتدمير العراق .
حين سمعنا تصريحات بعض النواب في أول جلسة للبرلمان بعد سقوط النظام وهم يعلنون إنتماءهم للعراق وليس لأحزاب البلاد ومعنى ذلك أنهم يمثلون الوطن وليس القائمة السياسية حينها إنبرت كل الأقلام لإمتداح وطنيتهم وكنت أنا واحداً من الذين إنطلت عليهم اللعبة فدبجت مقالاً طويلاً يشيد بهذه الوطنية الكبيرة ولم نكن نعلم أو نسيء الظن بالآخرين ونتوقع أن يسقط البعض في هذا المستنقع الطائفي وهذه الخيانة التاريخية التي لا تنظفها كل مياه الأرض وأمطار السماء .
ولعل البعض من بين هؤلاء المتبجحين مجموعة كبيرة ضمتهم بعض الأحزاب والكتل التي تعمل ضد وحدة العراق وظهر أن البعض منهم كان يتاجر بالوزارات ويشتري ويبيع فيها بعشرات المليارات وكأن الوطن قد تحول إلى مزاد بيد تجار من صنيعة الأوغاد والمخربين والفاسدين
أقولها وبمرارة : نحن لا نعرف سر هذا الصمت على ما يجري الآن فهل هو هذا الصمت الذي يسبق العاصفة وإندلاع البركان أم أنه – لا سمح الله – غيرة العراقيين ووطنيتهم قد تلاشت أمام فعل الجبناء ومؤامرات الأعداء
والخيانة ليست بين السياسيين والحلفاء وإنما بين بعض الأقارب والأصدقاء ، حيث كشف الزمان شخص يدعي الوطنية والمحبة والإلتزام بأنه حاقد ومنافق وجبان ونسى المال والطعام والملابس والسكائر والمنام وكما قلت للساسة أقول له : الخيانة تقود للهاوية .
فراس الغضبان الحمداني