
بيروت – الزمان
رأى الرئيس اللبناني جوزاف عون الأحد أن سحب ترسانة حزب الله العسكرية موضوع «حسّاس» يبقى تحقيقه رهن توافر «الظروف» الملائمة، بينما أعلنت وزارة الصحة مقتل شخصين في سلسلة ضربات جوية شنّتها إسرائيل التي أكدت «القضاء» على عنصر في الحزب.
فيما أعلن الجيش اللبناني الأحد مقتل ثلاثة عسكريين نتيجة انفجار ذخائر أثناء نقلها في جنوب البلاد، بعد نحو أسبوع على مقتل جندي بانفجار «جسم مشبوه» في المنطقة التي شهدت حربا بين إسرائيل وحزب الله.
وقال الجيش في بيان «استشهد ضابط وعسكريان في الجيش وأصيب عدد من المواطنين نتيجة انفجار ذخائر أثناء نقلها داخل آلية عسكرية، وذلك في منطقة بريقع-النبطية»، على مسافة نحو 20 كيلومترا من الحدود مع إسرائيل. وأشار الى أنه فتح «التحقيقات اللازمة لكشف ملابسات الحادثة». شاهد مراسل لوكالة فرانس برس في بريقع عددا من السيارات المحترقة على طريق قطعها الجيش وفرض طوقا أمنيا في محيطها. كما أصيبت محال ومبانٍ مجاورة ببعض الأضرار جراء الانفجار.
وأعلنت الرئاسة اللبنانية أن الرئيس جوزاف عون قدم لقائد الجيش رودولف هيكل التعازي بالعسكريين «الذين سقطوا في أثناء… إبعاد الخطر عن المواطنين وسكان القرى الجنوبية».
كما عزّى رئيس الوزراء نواف سلام بالعسكريين «الذين بدمائهم وبجهود رفاقهم يحمون البلاد ويصونون وحدتها». واكتسب النقاش بشأن تفكيك ترسانة الحزب المدعوم من إيران و»حصر السلاح بيد الدولة» زخما في الآونة الأخيرة مع تصاعد الضغوط الأميركية على السلطات اللبنانية، والخسائر الفادحة التي تكبّدها التنظيم خلال مواجهة مع الدولة العبرية استمرت أكثر من عام. وعلى رغم سريان وقف لإطلاق النار بين الجانبين منذ 27 تشرين الثاني/نوفمبر، تواصل إسرائيل شنّ ضربات تؤكد أنها تستهدف عناصر في حزب الله أو «بنى تحتية» عائدة له. من جهتها، تطالب بيروت الدولة العبرية باستكمال انسحابها، بموجب الاتفاق، من مناطق جنوبية توغلت إليها خلال الحرب.
وقال عون للصحافيين الأحد إن «حصر السلاح (بيد الدولة) تحدثنا به… وسننفّذه، لكن علينا أن ننتظر ظروفه».
أضاف «القرار اتخذ لكن الظروف هي التي تسمح لنا بكيفية التنفيذ»، مشدّدا على ضرورة معالجته «بروية ومسؤولية لأن هذا الموضوع حسّاس ودقيق وأساسي للحفاظ على السلم الأهلي».
ورأى عون الذي انتخب رئيسا في كانون الثاني/يناير بدعم من الولايات المتحدة، أن «أي موضوع خلافي في الداخل اللبناني لا يُقارب إلا بالتحاور والتواصل في منطق تصالحي غير تصادمي، وإلا سنأخذ لبنان إلى الخراب».
وخلال زيارتها لبنان في نيسان/أبريل، قالت نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس إن واشنطن تواصل الضغط على الحكومة «من أجل التطبيق الكامل لوقف الأعمال العدائية، بما يشمل نزع سلاح حزب الله وكافة الميليشيات»، مشيرة إلى أن ذلك يجب أن يتم «في أقرب وقت ممكن».
إلا أن الأمين العام للحزب نعيم قاسم الذي يدين بولاية الفقيه الإيرانية شدد الجمعة على عدم السماح «لأحد أن ينزع سلاح حزب الله أو ينزع سلاح المقاومة»، مؤكدا في المقابل استعداد الحزب لحوار بشأن «الاستراتيجية الدفاعية» اللبنانية، شرط انسحاب اسرائيل من الجنوب ومباشرة الدولة عملية إعادة إعمار ما دمّرته الحرب.
ورأى أن الحوار لا يمكن أن يجرى «تحت ضغط الاحتلال وعدوان الاحتلال».
نصّ اتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرم بوساطة أميركية، على انسحاب مقاتلي حزب الله من المنطقة الحدودية الواقعة جنوب نهر الليطاني (على مسافة نحو 30 كلم من الحدود)، وتفكيك بناه العسكرية فيها، في مقابل تعزيز الجيش وقوة الأمم المتحدة الموقتة (يونيفيل) انتشارهما قرب الحدود مع اسرائيل.
وكان من المفترض بموجب الاتفاق أن تسحب إسرائيل كل قواتها من جنوب لبنان. لكن الدولة العبرية أبقت وجودها العسكري في خمس مرتفعات تعتبرها «استراتيجية» وتتيح لها الإشراف على جانبي الحدود. كما تشنّ ضربات شبه يومية ضد ما تقول إنها أهداف عسكرية أو عناصر من الحزب.
وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية الأحد «سقوط شهيد وجريحين» جراء ضربة «شنها العدو الإسرائيلي على سيارة في بلدة كوثرية السياد»، بينما قتل شخص آخر في غارة على «منزل في بلدة حولا».
وأكد الجيش الإسرائيلي من جهته أنه قضى في ضربة بجنوب لبنان «على الإرهابي المدعو حسين علي نصر»، مشيرا الى أنه كان نائب قائد وحدة عملَ على «تهريب وسائل قتالية وأموال إلى داخل لبنان لإعمار قدرات حزب الله العسكرية».
ولم يحدد الجيش مكان الاستهداف.
وتؤكد الدولة العبرية أنها لن تسمح للحزب بالعمل على ترميم قدراته بعد الحرب التي مني خلالها بخسائر قاسية.
إلى ذلك، أفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية أن الطيران الحربي الإسرائيلي شنّ سلسلة من الغارات الجوية على مناطق جبلية في جنوب لبنان، منها جبل الرفيع ومرتفعات إقليم التفاح، وجبل صافي قرب جزين.
وأكدت الرئاسة اللبنانية في بيان أن عون تابع «تطوّر الاعتداءات الاسرائيلية على عدد من القرى الجنوبية بعد ظهر اليوم» مع قائد الجيش رودولف هيكل.
ويطالب لبنان المجتمع الدولي بالضغط على اسرائيل لوقف هجماتها والانسحاب من خمسة مرتفعات أبقت قواتها فيها بعد انقضاء مهلة انسحابها في 18 شباط/فبراير بموجب الاتفاق.
وشدد عون الأحد على أن اللبنانيين لا «يريدون الحرب، باتوا غير قادرين على تحمّل الحرب أو سماع لغة الحرب»، مؤكدا أن القوات المسلحة يجب أن تكون «المسؤولة الوحيدة عن حمل السلاح والدفاع عن سيادة واستقلال لبنان».
إلى ذلك، أعلن الجيش اللبناني الأحد توقيف أشخاص كانوا يعدون «لعملية جديدة لإطلاق صواريخ» نحو إسرائيل.
وأضاف في بيان أن قواته دهمت «شقة في منطقة صيدا-الزهراني وضبطت عددا من الصواريخ بالإضافة إلى منصات الإطلاق المخصصة لها، وأوقفت عدة أشخاص متورطين في العملية».
واعتبر رئيس الوزراء نواف سلام في بيان أن ما قام به الجيش يؤكد «أن الحكومة ماضية في تنفيذ ما ورد في بيانها الوزاري لجهة بسط سيادتها الكاملة على أراضيها».
وكان الجيش أعلن الأربعاء توقيف ضالعين في عمليتي إطلاق صواريخ في آذار/مارس. ولم تتبنّ أي جهة العمليتين، ونفى حزب الله أي علاقة له.
وفي حين لم يحدد الجيش انتماء الموقوفين، أفاد مصدر أمني الأربعاء عن توقيف ثلاثة منتمين الى حركة حماس التي سبق لها أن أعلنت مسؤوليتها عن إطلاق صواريخ من لبنان خلال الحرب.


















