“إن هزيمة العنف والإرهاب والتطرف، وإزدهار الديمقراطية في التربة الخصبة لبلاد ما بين النهرين، يستلزمان خلق الظروف المناسبة في العراق والمنطقة”.
لدى تسنمه رئاسة الوزارة الأولى بعد التغيير، ومنذ اللحظات الاولى، عمل الدكتور اياد علاوي على بناء جيش قوي، باذلا جهدا إستثنائيا في تسليحه وتجهيزه بالمعدات العسكرية (المدرعات، الناقلات، الطائرات الصغيرة، والزوارق البحرية) بدعم من الدول العربية الشقيقة كالمملكة الاردنية الهاشمية وجمهورية مصر العربية والامارات العربية المتحدة، مجانا ودون مقابل، وهو ما عزز ثقة المقاتل بجيشه ومهامه، لضرب معاقل الارهاب المتمثل بتنظيم القاعدة والتصدي له بهذه الإمكانات المتواضعة، وكان ذلك رادعا للتفكير بتشكيل الميليشيات، وسببا في استتباب الامن.
وفي خطابه امام الكونغرس عام 2009 أكد علاوي على تلاقي اهداف الشعبين العراقي والامريكي في تحقيق الرخاء والاستقلال والسيادة واحترام حقوق الافراد والاقليات في العراق، مشيرا الى الاخطاء التي أُرتكبت من قبل الادارات السابقة، ومؤكدا على ضرورة المضي قُدماً لتحقيق تحالفات ستراتيجية متكافئة بين الولايات المتحدة والعراق، والعمل على عدم أحتكار السلطة وتداولها سلمياً، وبناء دولة المؤسسات، لترسيخ اسس الديمقراطية.
اليوم، ورغم تعهد الحكومات التي اعقبت وزارتنا على ضبط الامن، وخاصة في السنوات السبع الماضية، إلا ان الوضع الراهن يفضح تدهور الواقع الامني وانهياره، فلايزال الارهاب يتسيد المشهد اليومي، مترافقا بحضور ملحوظ للميليشيات المسلحة، مما يهدد حياة المدنيين والبنى التحتية، عدا العجز الواضح في التسليح والتدريب والسيطرة منذ الانسحاب الامريكي وحتى الآن.
إن ضعف الواقع المؤسسي للدولة العراقية، وإرتهانه بإرادات سياسية طائفية وفئوية، يحمل مخاطر الإنحراف بمشروع تسليح القوات المسلحة والاجهزة الأمنية ووقوع السلاح والتجهيزات في قبضة الميليشيات المسلحة، ومن ثم زيادة الوضع العام إرباكا.
إن جيشا قويا ومحترفا وقادرا على حماية السيادة الوطنية للبلاد يمثل هدفا نبيلا لجميع القوى الوطنية، الا أن زج الجيش في الشأن السياسي وضرب الخصوم السياسيين لرئيس الحكومة يبتعد بهذه المؤسسة عن وظيفتها الدستورية، ويعزز المخاوف من الأهداف الحقيقية لمفردات التسليح التي يسعى اليها رئيس الحكومة، سيما وان الأخير الذي يقف على رأس هذه المؤسسة، لم يخف رغبته في الترشح لولاية ثالثة، قافزا بمعاونة المحكمة الاتحادية على قرار مجلس النواب الموقر بعدم التمديد لولاية ثالثة.
إن الحديـــــــث عن إعـــادة ترشح السيد المــــالكي يشـــــكل ضربة موجعة لإسس الديمقراطية الهشة، ولايســـــــاعد على دعـــــم الاستقرار الذي يشكـــــل التوافق السياسي واحدا من اهم مرتكزاته، ويضع السعي المحموم لتسليح الجيش في هذا التــــــــوقيت موضع تساؤل وريبة.
هادي والي الظالمي- بغداد