الجولة الأخيرة للشعوب – عدنان عودة الطائي

الجولة الأخيرة للشعوب – عدنان عودة الطائي

تحولت الكثير من الوحدات السياسية التي نسميها الدول اليوم والتي أخذت بالتشكل خلال القرن السابع عشر بعد ان تخلص الكثير منها من سيطرة واستعمار الدول التي كانت تهيمن على المشهد السياسي العالمي كالبرتغال واسبانيا ومن ثم فرنسا وبريطانيا وتبعتها ايطاليا والمانيا ثم أمريكا والإتحاد السوفيتي وان اختلفت صور الاستعمار والاستحواذ لهذه الدول على الدول الناشئة من احتلال عسكري مباشر وتبعية اقتصادية او نفوذ جيوستراتيجي او خدمات الحاكم العميل المهم ان تكون هذه الدول اي الدول النافذة القوية مستمرة بفرض ارادتها وسيطرتها على دول أخرى وان اختلفت الظروف التي يمر بها العالم والتي عصفت بمناطق منه واسهمت بتغير جغرافية هذه المناطق وخدودها السياسية…

فلم يتوقف الحال بتمزيق التكتلات السياسية والتحالفات بين الدول بمختلف مسميات هذه التجمعات بل اسهمت هذه التغيرات بتمزيق ذات الدول واقصد الدول المهيمنة على دول العالم الاخرى….

فمصير الدولة العثمانية والرومانية ذهب باتجاه الافول والانتهاء بعد ان وصل الحال بهذه الدول الكبيرة الى الوهن والضعف وهذا مايلازم منطق الجغرافية السياسية للدول بكونها تولد وتنشأ وتقوى لتضعف ثم تموت لتتمزق وهذا ماحصل للدولة السوفيتية والامة اليوغسلافية وان كانت يوغسلافيا لم تكن بحضوة الدول الكبرى حتى تسيطر على دول اخرى وجاء ذكرها بكونها كانت دولة فاعلة في خاصرة اوربا وتتزعم دول البلقان…

لكن ماهو السبب في حصول هذه التغيرات الهائلة لهذه الدول بحيث تنهار رغم وجود مايمكنها من الاستمرارية؟؟؟

انها ارادة الشعوب ياسادة ياكرام التي هي أقوى من اي فعل فاعل وهي الفاعل الوحيد الذي يحدث هذه التغريدات الكبيرة والتي تحصل على مراحل نحو التخلص  او مفاجئة عندما تصل الظروف التي يعيشها هذا الشعب او ذاك على المحك وتصير الامور متجه نحو التغير…

فالثورة البلشفية التي حصلت عام  1917 والتي انهت حكم القيصر نيكولاي الثاني وشرع بقيام جمهورية السوفيت الشيوعية التي لم تتماشى مع تطلعات الشعب او رغم رسوخها سبعون عاما وان كانت عمالة غورباتشوف قد عجلت بتمزيق هذه الدولة العرمرم بكل المقاييس… وهنا كانت ارادة الشعوب بادية في انهاء هذه الحكومة والتي هيمنت على الكثير من دول العالم الغنية والفقيرة عندما شرعت بربطها ضمن فلكها الايديولوجي حتى وصلت هذه الهيمنة اقاصي العالم ولمشارف كوبا والارجنتين وشيلي…

وهكذا حصل مع الشعب الفرنسي يوم اسقط الباستيل ولينهي حكم الدكتاتور نابليون وليهذب سلوك فرنسا الاستعماري والذي كان باوضح صوره عندما نادى ديغول بضرورة احترام حقوق الشعوب واستقلال دولها لتبقى مقولته الشهيرة الابرز في هذا السياق عندما قال الجزائر جزائرية بعد اصرار الحكومات الفرنسية بان الجزائر فرنيسة ويجب ان تبقى…. انها ارادة الشعوب التي ضبطت سلوك رئيسها…

انتزاع حكم

وهكذا حال مصر عندما انتزع شعبها الحكم من مبارك الذي افسد وبعدها انهت حكم الاخوان الذي اراد لشعبها الدخول بالنفق المظلم وتجارب دول أخرى كتجربة شعب اوغندا الفقير ضد دكتاتوره المستبد عيدي امين والشعب الروماني ضد جلاده شاوشيسكو و.. و.. و..

وقد يحصل ان قوة خارجية تسهم بالتخلص من هذا المستبد اي الحاكم او الحكومة الباغية لتتوافق مع تطلعات الشعب المقهور لتبقى الدولة مستمرة كما حصل عندما زخف جيش اريتريا مع شعب اثيوبيا لتتخلص من حاكمها المجرم منغستو هيلا مريام  1991 ولتستمر اثيوبيا بشعبها وينزوي الحاكم وهكذا الحال مع شعب العراق الذي دخلته امريكا لتتوافق مصلحة شعبه مع ماتريد امريكا وليسقط نظام صدام حسين ليستمر العراق شعبا وارضا كدولة وهكذا حال السوفيت عدما تلاقت مصلحتهم باحتلال افغانستان  1979 مع رغبات الشعب الافغاني بالتخلص من الدكتاتور حفيظ الله امين لتبقي افغانستان بشعبها مستمرة بعنوان دولة…

وقد يحصل العكس عندما تقوم دول بالتدخل لحماية نظام الحكم وبالضد من شعوب هذه الدول متناسين ان للشعوب القول الفصل بل هذه الشعوب هي من تقرر مصيرها وتجربة المجر (هنكاريا)  1956 عندما اراد الشعب التخلص من حاكمها الذي وهب الدولة للسوفيت بالارتباط الايديولوجي فدخلت قوات الجيش الاحمر لتمنع تحرر المجريين من هذه الهيمنة متناسين ان الوقت لايرحم حالات الشذوذ في السيطرة على مقدرات الدول وهذا ماحصل عندما تحررت هنكاريا من شرنقتها الشيوعية عام  1991 وصار شعبها حرا…وهكذا حال الشعب البوهيمي في تشيكوسلوفاكيا عام 1968 عندما قرر الشعب التحرر من هذه الهيمنة فباغتهم السوفيت كما حصل مع جارتهم هنكاريا لكن الوقت حفظ لشعب تشيكوسلوفاكيا تطلعاته العام  1991 لتبقى استمرارية هذه الدولة بل احترم شعبها التعدد القومي وهكذا راح السلوفاك في دولة والجيك في دولة لضرورة احترام ارادة الشعوب…

وتجربة الصين عندما اقتحمت كوريا التي اراد شعبها التحرر من استبداد عائلة كيم ايل سونغ عام 1950….

وماحصل ويحصل في العراق الان هو التحضير نحو التخلص مما حصل بعد احتلال امريكي بغيض وأداء حكومي انحدر بالبلاد وشعبها نحو الحضيض…

ويقينا ان العراقيين سيستفيقون يوما وقد نال العراق التخلص من هذه الحكومات وادائها الفاشل بل الاستقلال من كل اشكال النفوذ ومسمياته لتستمر الدولة العراقية ارضا موحدة وشعب واحد وان تعددت فيه الاقوام والعرقيات والاديان والمذاهب والتي سيزداد تماسكها بصهرها في بوتقة العراق الامة…

{ اكاديمي عراقي

مشاركة