قصة قصيرة
الجذور
وصل عالم الآثار البريطاني الى موقع التنقيب مع ثلة من مرافقيه وعمال من القرية الصغيرة الغافية على ضفاف الفرات، راح يرسم على الارض كأنه قائد عسكري ميداني يشرح لضباطه خطة الهجوم على منضدة الرمل، أخذ يوجز لهم المهمة وقبل انصرافهم لاعمالهم تسائل إن كان هناك سؤال او توضيح، كان الشاب الضاربة بشرته في اللون المزيج بين البرتقالي والاحمر يسأل إن كان التربيع الذي يتتبعونه يخفي رفاة الهدف المنشود فكانت إجابة رئيسه بلهجة حازمة
– نعم وهذا سؤالك العاشر ماالذي دهاك بابني هل لديك معلومة تدل على اننا ضللنا هدفنا؟
– عفوا بروفيسور ولكن مجرد استفسار ليطمئن قلبي….. هذا كل ما في الامر، مشى القائد خطوات واستدار نحو اليمين وراح يعد خطواته حتى وصل الى الرقم سبعة واربعون، توقف وقد تصببت جبهته بالعرق وركز عصاه وصاح بالعمال، هنا في هذه البقعة احفروا ولاتتململوا قد يصل الحفر الى اعماق كبيرة وغادر الموقع تاركا لاحد مساعدية المسؤولية ومشددا على اخباره على الفور عن أي دليل يوحي بالوصول الى الرفاة المنشودة.
راحت المعاول تضرب الارض الرملية الهشة بايقاع متناسق وصل الحفر الى اعماق ولااثر لشيئ على الاطلاق يدل على إن المكان هو الهدف المنشود
سحنات عمال القرية متشابهة وهم منهمكون بالحفر كان المساعد يتفرس بوجوههم وهو يطالع صورة زيتية بإطار جميل ويستغرب من الشبه العجيب بين الصورة والرجال وازدادت دهشته عندما وصلت امراة في عقدها الثالث وهي تحمل اواني الماء وقصع الطعام للرجال ، إنها مطابقة بصورة مذهلة لصورته، انقضى النهار ولاشيئ في الحفرة، عاد الجميع ، كان البرفيسور ينتظر على شوك القتاد الأخبار عندما اخبره المساعد عن فشلهم في العثور على شيئ واردف: الان اقنعت تماما اننا في المكان الصحيح وقد تكون امتارا قليلة تفصلنا عن الهدف، تسائل الرئيس عن التغير المفاجئ – سيدي : لقد وقعت اليوم على الدليل وراح يحكي له عن المرأة وملامحها والشبه المذهل بينها وبين هدفهم
سحب نفسا من غليونه وانتصب واقفا وطلب رؤية المرأة على الفور، نصحه المترجم بتأجيل الموضوع الى الصباح تماشيا مع عادات السكان القرويين الذين لايسمحون في اوقات الليل بخروج نسائهم والتحدث مع الغرباء.
ما إن الصباح قد أطل فهرع مع الفريق الى الموقع وبدا العمل حثيثا حتى انتصاف النهار عندما حضرت المرأة كعادتها تصطحب معها شابة تشبه الصورة تماما، فغر الخواجة فاه واستطالت عيناه حتى اخرهما وهو يصيح
ياالهي هذه شبعاد الملكة هذه شبعاد…..
كان العمال في الحفرة يصبحون بصوت عال
ياالهي هذه المقبرة الملكية هذه جدتنا شبعاد…
فاضل الفتلاوي – بغداد