{ أب مدمن يطلب من إبنته الإستجداء لشراء الكحول
{ فتاة حامل بالشهر السادس تلجأ إلى دار المشردات
{ صغار سن يستغلون بالعمليات المسلحة والمتاجرة بالأعضاء البشرية
فندق في شارع النضال مقرّ لتوزيع المشردين بين المناطق
الجذام والقمل والإنتهاكات الجنسية تتسلل إلى أطفال الشوارع
بغداد- خولة العكيلي- نشور علي
دفعت الظروف القاسية بعض الأطفال الى الشوارع لاسيما في البلدان النامية ومنها العراق الذي امتلأت شوارعها بهم بعد انهيار المنظومة الأجتماعة نتيجة عدم غلق الملف الأمني الذي يعد احد الأسباب الرئيسة لتفاقم الحالة في البلد رغم ان هناك مصادر في الأمم المتحدة كشفت عن وجود 150 مليون طفل عبر العالم يعيشون في الشوارع قد تركوا منازلهم من جراء العنف والإدمان على المخدرات والكحول أو وفاة أحد الوالدين أو التفكك الأسري أو بحكم اندلاع الحرب أو بسبب الإنهيار الإجتماعي والإقتصادي الذي يُجبر العديد من الأطفال الذين يشعرون بالضياع على كسب لقمة عيشهم من الشارع بالبحث في القمامة والإستجداء وبيع البضاعة بالتجول في الأحياء والمدن ولاسيما في الدول النامية وبالأمكان التعرف سريعا على أطفال الشوارع من خلال هندامهم أو أنشطتهم التجارية كباعة جوالين وما يعانون من الحرمان بسبب ظروفهم الاجتماعية المتدنية لأسباب وهناك اختلاف على تعريف أطفال الشوارع حيث ان البعض يحددون طفل الشارع بأنه الطفل الذي يعيش بصورة دائمة في الشارع بلا روابط أسرية أو بروابط أسرية ضعيفة و يذهب آخرون لضم كل الأطفال العاملين في شوارع المدن لتلك الفئة.
وهذا الأختلاف في التعريف يؤدي لاختلاف كبير في تقدير الأعداد. تقسم اليونيسيف أطفال الشوارع لثلاث فئات قاطنين بالشارع وهم الأطفال الذين يعيشون في الشارع بصفة عامة بما يضمه من مبان مهجورة حدائق عامة وقرب الأماكن المقدسة وأماكن أخرى وهم أطفال يعيشون في الشارع بصورة دائمة أو شبه دائمة بلا أسر وعلاقاتهم بأسرهم الأصلية إما منقطعة أو ضعيفة جداوعاملون بالشارع: هم من أطفال يقضون ساعات طويلة يوميًا في الشارع في أعمال مختلفة غالبًا تندرج تحت البيع المتجول والتسول و أغلبهم يعودون لقضاء الليل مع أسرهم وبعض الأحيان يقضون ليلهم في الشارع وهذا الأختلاف في التعريف يؤدي لاختلاف كبير في تقدير الأعداد
(الزمان) اجرت استقصاء لعينات من اطفال الشوارع واستعانت بالمعنيين للتعرف على الظروف التي زجت بهم الى الشوارع حيث اكد مختصون في هذا المجال لـ (الزمان) على ان (أطفال الشوارع ينتمون إلى عدة فئات منهم من يعمل في الشوارع لكسب لقمة العيش ومنهم من يتخذ من الشارع ملاذاً له في النهار قبل أن يرجع في الليل إلى مجموعة تشبه الأسرة ومنهم من يعيش بشكل دائم في الشارع من دون أن يكون منتميا اسريا . لكن أياً تكن الفئة التي ينتمون إليها فهم يتعرّضون للإستغلال وللمجموعات الخارجة على القانون أو لعنف رجال الشرطة. إلا أنّ الأطفال الأكثر ضعفاً هم الذين ينامون ويعيشون في الشارع مختبئين تحت الجسور وفي الهياكل ومحطات النقل ومع أنهم قد يمارسون مهناً بسيطة كالبيع في التقاطعات وقرب السيطرات أوتلميع زجاج السيارات التي تقف في الأشارات المرورية او البيع في السوق ليتدبروا أمرهم إلا أن العديد منهم يموتون على حافة الطرقات لتعرضهم للدهس أو يقعون ضحية المخدرات وصراع العصابات والأوبئة. فمن دون توفير نوع من التعليم الأساسي والدفئ الأسري يبقى مستقبل أطفال الشوارع قاتماً وأمد حياتهم قصيراً ومخيف .لكن كيف يمكن توفير التعليم لهؤلاء الأطفال الذين يعاملون في أغلب الأحيان كمجرمين والذين يخشون المؤسسات والسلطة ؟ وهم قد يعتبرون عالم الكبار محفوفاً بالمخاطر ويفضلون العيش بمفردهم بحرية كاملة رغم تواجدهم ضمن مجاميع منظمة من قبل المستحوذين على طاقاتهم . ويقول مدير عام دائرة اصلاح الاحداث فارس الكفائي لايمكن الحد ظاهرة اطفال الشوارع لأن الأجراءات المتخذة وقتية .مؤكدا اخراج المودعين منهم بكفالة من قبل اشخاص يبتزوهم لأجل الكسب المادي . واوضح الكفائي لـ (الزمان) امس ان (دار المشردات يأوي فئة اطفال الشوارع للأعمار من 9 الى 22 سنة ويعنى بهم من خلال لجنة وطنية تشترك بها وزارات العمل والشؤون الأجتماعية والدخلية وحقوق الأنسان) ملفتاً الى ان (هناك مشاكل تواجه الدائرة عندما يأتي اقاربهم لاخراجهم بكفالة كونهم يجنون من خلالهم الاموال فضلا عن ان هناك حالات ترفض الموقوفة في دار الاصلاح البقاء لانها اعتادت على العيش في الشوارع دون قيود) مشيرا الى ان (هؤلاء الاطفال ينتمون الى اسر وعشائر ويسكنون في مناطق متفرقة من العاصمة في الحي الصناعي والشواكة وغيرها . ويتجولون في كافة الأحياء) مشيرا لى (ورود حالات الى الدائرة لا يمكن ايواؤها لانها خارج الضوابط يكون عمرها 25 عام والذي يعد خارج السن القانوني لدار المشردات ويتم ايواؤها بأستثاء خاص من صلاحية وزير العمل) مؤكدا ان (هناك حملات وطنية تنظم كل عام لكنها سرعان ماتزول ويعاود اطفال الشوارع انتشارهم من جديد) وطالب الكفائي (تفعيل عمل تلك اللجان بشكل دوري ليتم استيعاب الحالة بتهيئة كافة المستلزمات التي تمنع هؤلاء الضحايا من مزاولة الموبقات التي تضر بالتنشئة الأجتماعية)
وتعرف مدير عام ذوي الاحتياجات الخاصة والباحثة الاجتماعية الاكاديمية عبير الجلبي اطفال الشوارع بأنهم اطفال يحملون كل السلوكيات غير الصحيحة التي اخذوها من الشارع نتيجة فقدان الموجه لانه نشأ في اسرة مفككة ومجتمع لايحتضنه . وقالت الجلبي لـ(الزمان) امس انه (من ضمن الحالات المنتشرة فيما بين اطفال الشوارع الاعتداءات الجنسية والممارسات اللاخلاقية فضلاً عن فقدانه للرعاية الصحية والاسرية والتعليم بحكم وجوده بالشارع اصبح لايستحم حتى انه يتعرض للاصابة بالجذام وذات الرئة والقمل والتدرن)
واضافت (وهم يتعاطون المخدرات والكحول والتدخين والسرقة ويتعرضون الى اعتداءات غير اخلاقية من الكبار) منوهة الى انني (أجريت بحثاً لـ307 عينة من هؤلاء الاطفال وجدت ان اغلبهم معتدى عليهم جنسياً من قبل الكبار ويتواجدون في اماكن متعددة من العاصمة قسم منهم جأوا من المحافظات وهناك فندق في شارع النضال غالباً مايتخذوه مقراً لهم ويتبناهم وكيل يوزعهم على المناطق)
مشيرة الى ان (اعدادهم تتزايد من خلال جلب هولاء الاطفال لاصدقائهم لينظموا الى مجاميعهم التي تتخذ من مناطق ابو دشير والسدة والشعب مقراً لهم للعيش) واوضحت الجلبي ان (من الممكن استغلالهم من قبل اصحاب تصليح السيارات بأجر قليل ويعمل اكبر من عمرهم الذي لايتناسب مع قدراته وامكاناته) مؤكدة ان (وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ومن خلال التفتيش استطاعت ان ترصد حالات من هذا النوع واقامة دعوى قضائية عليهم خاصة ممن يعملون في معامل الطابوق رغم ان فرق التفتيش تلاقي صعوبة بالاستدلال عليهم لان ارباب العمل غالباً مايعملون على أخفائهم عن الانظار).
من جانبه قال عضو لجنة العمل والشؤون الاجتماعية علي كردي ان (هناك محورين اساسيين في هذه القضية وهي دور الدولة كونها لم تقم بأجراءات حاسمة لهذه الظاهرة رغم ان هناك تشريعات كثيرة من مجلس النواب لكن ليس هناك اي اجراء تنفيذي) واضاف ان (وزارة الداخلية مقصرة بهذا الجانب لانها رغم المخاطبات الكثيرة بهذا الشأن واخبارها بأن هناك عصابات منظمة لهولاء الاطفال لم تتخذ اي اجراء).
واشار الى ان (دور الرعاية يتم متابعتها بشكل دائم وقد وفرت لهم جميع المستلزمات من رعاية وملابس وتغذية وتعليم ولكن قلة من يقبلون عليها رغم استيعابها وتوفير الخدمات فيها وقد تم رفع المبالغ للعوائل مادون المستوى المعيشي الى 420 الف دينار بينما كان المبلغ السابق 120ديناراً فقط اما من كان لاينتمي الى عائلة فدور رعاية الايتام كفيلة بأيوائه).
الى ذلك قال المتحدث باسم وزارة الداخلية سعد معن لـ(الزمان) امس ان (هناك امراً باعتقال هؤلاء المتسولين ولكن هناك عناصر تعتبر مقصرة في وزارة الداخلية في عدم اعتقالهم).
واضاف ان (هناك مركزين في جانب الكرخ والرصافة لاتخاذ الاجراءات بقضايا المتسولين التي تحول الى قاضي التحقيق للبحث عن ذويه واستدعائه لامكانية اعادته الى المنزل وفي حالة عدم وجود ولي امر يتم ارسالهم الى دور الرعاية اما حال تورطهم بقضية يحولون الى سجن الاحداث) مؤكداً ان (هناك من استغلوا من جماعات لتجنيدهم لعمليات ارهابية وخاصة في محافظة ديالى وعمليات اخرى كالمتاجرة باعضائهم وطالب معن (بتكثيف دور الاعلام لانهاء هذه الظاهرة من خلال طرح برامج توعوية كونها ظاهرة غير حضارية) واستطاعت (الزمان) ان ترصد بعض الحالات لاطفال الشوارع وهي فتاة في الـ 20 من العمر قالت ان (والدي سكير وفاسد وهو على شجار دائم مع والدتي فقررت منذ 6 سنوات مغادرة المنزل دون العودة)
واضافت (لقد كان والدي يطلب مني ان اخرج للاستجداء وعندما ارفض يضربني ضرباً مبرحاً) مسترسلة (وعندما اجلب له النقود يصرفها في شراء الكحول وهكذا حتى وصلت مرحلة اشعر بالرعب منه فقررت ترك المنزل دون ان اعرف الى اين اذهب).
ملفتة الى انني (اعيش قرب المساجد وابيع العلك لاحصل على مايكفيني للعيش بسلام) مؤكدة ان (الحياة بحرية في الشوارع دون مشاكل اسرية هي الافضل من والد يطلب مني النقود ويسكر).
وح.ص فتاة في 17 من العمر جاءت الى دار الاحداث وهي حامل .
حيث تقول لـ(الزمان) اعيش في الشوارع منذ 10 سنوات لا أتذكر اهلي تعرفت على شاب يكبرني ب15 عاماً تزوجني بطريقة غير شرعية ثم تركني حاملاً في الشهر السادس الى جهة مجهولة حتى استطاع اهل الخير ان يأخذوا بيدي واودعوني في دار المشردات وقد ولدت طفلاً هناك لااحب ان يكون مثلي بلا اهل ومصيره مجهولاً) وتقول دنيا علي 9 سنوات (اخرج الى الشارع لبيع مناديل ورقية كي اعين والدتي واخوتي الصغار الايتام) واوضحت دنيا لـ(الزمان) ان (الظروف القاسية التي تعيشها اسرتي بعد وفاة والدي في تفجير اجرامي دعانا لترك دار الايجار والسكن في مخازن بمنطقة السيدية)
واضافت (اغادر كل يوم صباحاً واعود ليلاً واحياناً لااعود ابقى مع الصغار الذين يتخذون من الشوارع سكناً لهم)
مشيرة الى ان (الساعات المتأخرة من الليل تمنعني من العودة الى البيت واعلم ان ذلك يثير قلق والدتي لكن كله من اجل ان تحيا اسرتي التي لامعيل لها سواي لان والدتي مصابة بمرض عجز الكلية ولاتقدر على العمل فضلاً عن ان اخوتي صغار لم يبلغوا سن الدراسة).