الجانب الأدبي والأخلاقي
حذف الأصفار من العملة
تنبع قرارات معظم المؤسسات غير المرتبطة بوزارة والمستقلة من الصالح العام والعدالة الاجتماعية وتطابقها مع القانون ومطابقتها مع معاير النزاهة والاخلاق ولا يستثنى من ذلك البنك المركزي العراقي.
وعند التمعن في الوقت الحاضر في قرارات البنك المركزي بحذف الاصفار من العملة وطبع عملة جديدة يجب ان لا يغيب عن بالنا اخطاء طباعة العملتين السابقتين – ولو لم تكتمل استقلالية البنك المركزي انذاك.
والان عند حذف الاصفار من العملة يجب اولا ان يسأل المرء كيف وصلت هذه الكميات الكبيرة من العملة الى التداول وفقدت قيمتها؟ فقد تم طبع كميات كبيرة من العملة في زمن الدكتاتورية بدون غطاء او سند مادي ولامور سياسية وليس استثمارية وبعد ذلك جاء الاحتلال بالطبعة الاخيرة وهي اكبر من سابقتها من حيث الكمية والفئة مما ادى ان تطفر الاسعار من الدنانير الى الالاف في زمن الدكتاتورية ومن الالاف الى الملايين في زمن الاحتلال. هذا بالرغم من التحذيرات التي نشرت في جريدة الزمان بتاريخ 16/7/2003.
فنحن هنا حصرا بأدب وأخلاق ونزاهة طباعة كمية مبالغ بها من النقود وليس بزيادة الاسعار التي تعود الى عوامل اقتصادية اخرى ليس البنك المركزي مسؤول عنها جميعا (وهي تتراوح بين 1 بالمئة الى 3 بالمئة) وهي مقبولة من البنك الدولي علما ان معادل التضخم في سويسرا لا يتجاوز 0.06 بالمئة سنويا.
ان النقود تقوم بوظيفة خزن الجهود والقيمة اي ان اي شخص يقوم بعمل ويتسلم النقود والراتب يمكن ان يوفرها الى المستقبل او يضعها في البنك اي خزن اتعابه الى يوم الحاجة او شراء اتعاب غيره لذلك اي طبع بكميات كبيرة بدون سند سوف يؤدي الى سرقة هذه الجهود وانتقالها بصورة غير شرعية من الاشخاص الى مصدر طباعة النقود. وهذا مبدأ غير اخلاقي ولا نزيه. وكذلك عند الغاء الاصفار من العملة هذا معناه قد وافقت على مسح اثار هذه السرقة والابتزاز.
والخطر الاكبر هنا انه بعد حذف الاصفار وتبديل العملة تبدأ الحكومة من جديد على اجبار البنك على طبع كميات اكبر من سابقتها من النقود فيعود الوضع الى اسوأ من المربع الاول من التضخم.
ان محاولات الحكومة بتدخل في قرارات البنك المركزي التي تتمثل بالمناظرات الجارية حول عائدية قرارات البنك لمجلس الوزراء او مستقلة استقلالا تاما وتطلع الحكومة الى الاستيلاء على الاحتياطي النقدي في البنك وصعوبة ايجاد الاموال للمشاريع المهمة واختفاء مبالغ كبيرة من المال العام يدل دلالة قاطعة على ان الحكومة سوف تجبر البنك على المزيد من الطبع ومزيد من التضخم.
اما معالجة هذا الوضع فيتم بعكس العملية اي عدم طبع اي نقود وتقليل المتداول منها تدريجيا عن طريق عدم تعويض التالف منها في التداول وهنا البنك يمكن ان يقدر مقدار السحب من العملة بالرجوع الى عمليات الطبع بدون غطاء سابقا. وبذلك ندرتها هي التي سوف تسبب ارتفاع قيمتها وبعد ذلك البدأ بانزال تدريجيا مبالغ 100 دينار و50 دينار و25 دينار ومن ثم المبالغ المعدنية التي صكها البنك سابقا ولا ندري اين صار مصيرها. الى ان يتحقق المستوى والقيمة المطلوبتان بتسير الاقتصاد بدون اجحاف لمالكي النقود وهذا ايضا سيعوض الحكومة عن زيادة الرواتب لأن قيمة الدينار قد ارتفعت.
ومن الامور الاخرى التي تتعلق باداب واخلاق اصدار العملة هي ان تتبدل بمدد بعيدة جدا لتزيد ثقة الناس بها وان لا يدخل عامل التبذير بها فقد طبعت العملة العراقية الحالية في الخارج بمبلغ 150 مليون دولار باموال الشعب الذي معظمهم لا يملك لا دار ولا وظيفة وكان الاجدر ان تصرف هذه المبالغ على احتياجات البلد.
وكذلك امر اخر الذي يجب ان يتجنبه البنك اخلاقيا هو عدم وضع مدة معينة ومحددة لاستبدال العملة كما في السابق فقد خسر المواطنين ملايين الدنانير لاسيما في القرى والارياف الذين لم يسمعوا على مدة الاستبدال الا متأخرا وكذلك الطاعنين في السن هذا ايضا خسارة للمواطنين وربح للبنك هذا مرفوض اقتصاديا واخلاقيا وحتى تتعزز ثقة المواطنين والمراجعين في البنك وبعملته عليه ان يتقبل جميع العملات السابقة لانه مسؤول عنها ومصدرها. وفي الختام ننظر الى البنك بأن يتعهد ان ينظر بهذه المقترحات ويدرس مدى تأثيرها على الحياة الاقتصادية لاسيما في مجال الادخار والاستثمار الداخلي والاجنبي. وبذلك تتعزز ثقة الشعب به ويكون عاملان مساعدا للنهوض في الاقتصاد الوطني ان النقد اليوم يدخل في جميع اركان حياتنا وافعالنا وان يتفهم مع الحكومة ان عكس هذه الاجراءات سوف تضر بسمعتهم وتسبب عدم العدالة واضطرابات في المجتمع وبالديمقراطية.
عمر عطا – بغداد
/5/2012 Issue 4211 – Date 28 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4211 التاريخ 28»5»2012
AZPPPL