الجامعة العربية لا جديد من جديد
منذ اواسط اربعينات القرن الماضي مضت هذه المؤسسة القومية مع الزمن متأرجحة بين الثبات والانجاز والضعف والهوان ، كان الهدف من الاجتماع التأسيسي الاول اعادة تأهيل الضمير العربي بعد اجتياح الدول الاستعمارية وفرض الوصاية على اغلب الدول العربية وما اصاب المصير القومي في فترة الثلاثينات من تفكك واضمحلال للمقومات النهضوية كافة ، ولكن الجامعة العربية استطاعت عبور الحواجز ولملمة جزئيات الجراح والمضي قدما كمنظمة اقليمية تخضع بالضرورة الى احكام ومبادئ القانون الدولي العام باعتبارها اتفاقية جماعية بين دول عدة موثق ميثاقها لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة ومعترف بها وأصبح لها حضور في العلاقات الدولية والمنظمات المتخصصة ، لقد انشأت هيئات ومنظمات عربية خاضعة الى مشيئتها كمجلس الدفاع المشترك وهيئة النقل البحري والمنظمة الاقتصادية واتحادات العمال والبرلمانيين والمحامين والمهندسين والأطباء والرياضة وغيرها العديد .
نعم انه انجاز يحسب لها ولميثاقها الذي نص في مواده الاولى والثانية والخامسة والثامنة حماية الحدود السيادية للدول الاعضاء واستقلالها السياسي ، في فلسفة القانون الدولي حماية الاستقلال السيادي من التهديدات الداخلية والخارجية يعني التدخل بالشأن الداخلي لأية دولة تتعرض للتهديد من احتمال الحرب الاهلية او التقسيم كما هو الحال في شؤون سوريا وليبيا والعراق واليمن ، فهي لم تحرك ساكنا في التهديدات هــــــــذه التي تعرضت اليها الدول الانف ذكرها ، ففي العراق نشبت حرب طائفية مدعمة من دول الجوار راح ضحيتها اكثر من مليوني عراقي وبات هذا البلد على شفى الحرب الاهلية لولا غيرت ابنائه الغـــــيارى النجباء الذين حالوا دون ذلك بالرغم من انه مازال مهددا بالتقسيم لا سمح الله ؟ واجتازت ليبيا واليمن الامتحان الاصعب في مسيرة العمل القومي .
الا ان الوضع السوري يخيم بضلاله على الجامعة العربية في ظل المجازر الدموية التي يرتكبها النظام بحق الشعب السوري الشقيق يوميا بالمئات واعتقال الآلف وتشريد مئات الالاف المدعم من الثالوث الايراني الروسي الصيني بكماشة ميليشيات حزب الله اللبناني مع كل هذا والجامعة العربية تكتفي بالبيانات والخطابات والتصريحات البراقة وأحيانا لا هذا ولا ذاك بل تلتزم الصمت كما هو حالها اليوم بما يجري من مجازر وتهديد لوحدة الاستقلال السياسي والسيادي السوري والتدخلات الخارجية بل ذهبت تستجدي الحلول من الفيتو الصيني الروسي .
اذاً ما قيمة بنود الميثاق وما هو مسوغ وجودها اصلا ؟
صحيح سوف يكون العراق اول المتضررين من عدم وجودها باعتباره احد المؤسسين وليست جزء من الامة العربية حسبما نصت المادة الثالثة من الدستور العراقي (الرجل المريض) كما هو شأن الجامعة العربية من حيث العلة والمرض وربما الشيخوخة ايضا، وكلاهما يحتضر بانتظار ساعة الرحيل.
فما هو الجديد من المؤسسة القومية بعد اكثر من ستة عقود ؟
لا جديد والأمناء على امانتها العامة ماركة مسجلة للأشقاء المصريين فحسب ؟ بارك الله بالمؤسسة الخليجية الوليدة كمنظمة اقليمية في مسعاها العربي وخاصة بالشأنين اليمني والسوري فهي اكثر حرصا من جامعتها الصامتة وأنبل موقفا تاريخيا من القائمين على الجامعة العربية ؟
سفيان عباس
/8/2012 Issue 4274 – Date 11 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4274 التاريخ 11»8»2012
AZPPPL