الثور والمناخ – ياسر الوزني

الثور والمناخ – ياسر الوزني

كانت الحبوبة (كما يسميها الجميع ) أكبر النساء عمراً ومافاتها يوماً تدعو الله أن يحفظ أهلها وأهل قريتها والطوايف حولها وكل العجائز مثلها ، لكن أبنها لم يجد بعضاً من هؤلاء مستحقاً العناء والدعاء مع أن الأم تخالف رأيه وتصر فكلهم أخيار وأجاويد وليس منهم كاذبين ولاسارقين ولاسحارين وللآخرة بأعمالهم ساعين ، فأجبرته أن يأت بدليله مازحاً (إذا كلهم خوش ناس ياهو باك ثورعمامنه) فردت عليه أن هذا المجبوس (مايكعد راحه ودوم يركض وره هوايش الطايفة وهاي الوادم حلالها عزيز) إن دالتي في السطور الماضية وبعيداً عن النشاط الأنساني والأخلاقي والأجتماعي في مدن وقرى العراق الكريمة ومايتبعه من نشاط أقتصادي وتنموي قد يصبحا من الآثار والأطلال في ظل (البلاوي) التي جاء بها التقريرالشامل على المستوى الأستراتيجي المعد من مؤسسات البنك الدولي للأنشاء والتعمير أذ أستعرضه في محاضره مخيفة الخبير لؤي المختار على أني وغيري نعتقد أنه (التقرير) سيذهب في حقائب المعنيين ومنها الى (التالفة ) حاله كأخواته اللواتي رسمن خطوط حمراء وأعطين رؤى خطيرة عن شامل المخاوف والتحذيرات،لقد جاءت المقدمة تحت عنوان التنمية المترابطة والحقائق المناخية في العراق _دعوة عاجلة للعمل ،وتضمنت  ألتفاتة جميلة لكنها ذات مغزى وتنبيه وأعني بها قصيدة السياب الرائعة ( أكاد أسمع النخيل يشرب المطر.. وأسمع القرى تئن والمهاجرين ..يصارعون بالمجاذيف وبالقلوع ..عواصف الخليج والرعود منشدين.. مطر مطر مطر) ومن أصل التقريرأقتبس سطوراً( لطالما شكل نموذج النمو المعتمد على النفط مصدر هشاشة تقلبات أقتصادية في العراق لاسيما من ناحية التاثير على فرص النمو والتنمية المستدامة في البلاد على الرغم من كونه أحد أكبر منتجي النفط في العالم وضاعف أنتاجه النفطي خلال العقد الماضي، سجلت مؤشرات التنمية في العراق معدلات قريبة من مؤشرات البلدان المنخفضة الدخل على سبيل المثال تشارك 13  بالمئة فقط من النساء العراقيات في القوى العاملة وهو ثاني أدنى مستوى في العالم بعد اليمن ،كذلك يعتبر النظام التعليمي العراقي من أضعف الأنظمة في المنطقة أذ تشير التقديرات الى أن الطفل المولود في العراق لن يصل الى أكثر من 40  بالمئة من أمكاناته بما يعكس مستوى منخفض للغاية من مستويات تطور رأس المال  البشري ويضع العراق في مرتبة لاتسبق سوى اليمن وأفريقيا جنوب الصحراء ،الى ذلك يمثل الدور الواسع لأيرادات النفط في أقتصاد العراق بالتالي في الأنفاق العام والتحويلات والتوظيف خمسا الوظائف في القطاع العام تحدياً كبيراً لمرونة البلاد وقدرتها على الصمود عدا أن الاعتمادعلى النفط يستمر في تقويض القدرة التنافسية التصديرية  للقطاعات غير النفطية التي تعتبر مهمة في تحول البلاد نحو التنويع الأقتصادي وتعد محور معظم عمليات القطاع الخاص المحلي ) كل ذلك  وغيره من مآسي لاتأخذنا الى حيث مايقتضي الأهتمام والترويج والتطبيل وشعارات الترويج لشهر عسل أنتخابات مجالس المحافظات أوالحديث المتكرر لمصالح ذاتية عن فلم باربي وأحاديث تعبانة في الجوالات، ويبدو أننا نعيش قصة صاحب المزمار أذ أراد أبنه قتل الثعبان فخاب سعيه إلا بقطع ذيله راداً على الولد بسموم أنيابه عضاً  فأخذ منه الحياة ، ولم يشأ الأب أستمرار العداوة والبغضاء فطلب الصلح وتكملة المشوار كي يعود الثعبان راقصا على صوت المزمار لكن الاخير رفض عرض العمل معاً ناصحا ً الوالد المفجوع بقوله ( عمي لاأنت راح تنسى أبنك ولا آني  راح أنسه ذيلي)

مشاركة