الثورات العربية تأكل أبناءها
عجبا للحال الذي أصبحت فيه الشعوب العربية بعد رياح التغيير . فقد سلك أبناءها نفقا مظلما تتقاذفه أمواج ذلك التغيير . فالجماهير التي خرجت ضد طغاتها وضحت في سبيل قضيتها أرواحا عزيزة ودماءً غالية من اجل تحقيق أهدافها وقارعت قوى الظلام والاستبداد والتي حاول حكامها إطفاء جذوة الأمل نراها تأكل وتحصد بل وتلتهم الأخضر واليابس بعد مرور سنة أو اقل بالنسبة لباقي الأقطار . فما حدث في مصر الكنانة لنذير شؤوم وناقوس خطر يدق في صدى وآذان السامعين في باقي الإرجاء العربية . كيف وصل الحال إلى أحداث جسيمة وإزهاق الأرواح ونهر الدم ينزف من اجل مباراة بين فريقين محليين وهل رجع عهد البلطجة ؟ ممن نقتص ومن نحاسب ترى هل كتب على أبناء العروبة أن تبقى رهينة مخاوفها والى متى يبقى أبناء الشعوب تسبح في حمامات ودماء أبناءها ولمن ترفع الأم الثكلى والزوجة المترملة بعد أحداث ملعب بور سعيد والسويس وغيرها من الأماكن أو الملاعب التي تجري فيها مباريات الدور المحلي ؟ سابقا نقول إن الحاكم الجلاد لا بد له أن ينال مصير ظلمه واستهتاره بحياة وأرواح مواطنيه ولا بد من أن يأتي يوم ويأخذ جزاءه العادل والقصاص الحق (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب ) وكنا نقول سيأتي يوم والشعوب العربية تقاضي هؤلاء الحكام . ولكن كيف نحاكم الشعب جراء فعاله . نعم فالشعب في مصر عندما خرج في الخامس والعشرين من كانون الثاني عام 2011 كان يريد الإصلاح وأحداث نقلة نوعية في حياة الشعب المصري والتخلص من طغاته وأذنابه الذين لا هم لهم إلا وكيف يمتصون دماء شعوبهم واستهتارهم بمقدراتهم . هل هذا هو نفس الشعب الذي خرج ذلك اليوم ؟ وإلا ما معنى سقوط أكثر من 60 قتيل وأكثر من ألف جريح جراء أعمال العنف التي حدثت هناك وفي آماكن متفرقة وأحداث الشغب طالت مرافق عدة وفي أكثر من مكان ومحافظة وتوجه البعض منهم حتى إلى أماكن حساسة كوزارة الداخلية وقتل ضباطها ومنتسبيها وغيرها . سيقول البعض أنهم بعض البلطجة أو أعوان نظام الحكم السابق ترى ما الفرق بين مرتزقة الحاكم الجلاد وبين البلطجة والمرتزقة الجدد . نعم أريد لها فتنة بين أبناء الشعب العربي في مصر من خلال دس بعض المجرمين الذين يحاولون إشعال الخراب والطائفية . بين مسلم وقبطي وبين المسلمين أنفسهم ولسنا بعيدين عن حالنا في العراق مثلما حاول البعض من المجرمين أن يمزقوا النسيج العراقي واللحمة الوطنية . فلا فرق بين سني وشيعي وعربي وكردي أو تركماني أو آشوري . الكل مستهدف فالديمقراطية التي شهدها العراق مستهدفه من قبل الذين يمنعون استقلال العراقيين وممارسة حقهم في الحرية والتطلع إلى مستقبل خالي من العنف والحروب بل وحتى التخلص من تبعية الماضي المؤلم . نعم يريدون أن يطفئوا نور الله الذي يهدي البشر إلى طريق الحق والسلام ولما يحاول البعض الرجوع بالعراق إلى المريع الطائفي وتصفية الحسابات بين أبناء الجسد الواحد . ولماذا يحمل البعض من المتصيدين السلاح ويشهرونه في صدور أبناء البلد الواحد .لقد وعى العراقيون إلى مخططات الغرب الصهيوني بل وحتى الأميركي والى محاولة البعض من دول الجوار لزعزعة الأمن الوطني واستقرار سيادته وأننا قادرون بفضل تكاتفنا على قبر الفتن والدسائس والمؤامرات . نعم لقد شمل التغيير بلدنا وأصبحنا أصحاب سيادة فلنحاول الخروج من المأزق التي تمر بها العملية السياسية .لأننا مقبلون على أيام خوالد ألا وهي انعقاد القمة العربية القادم في بغداد والتي من المؤمل لها في التاسع والعشرين من آذار القادم .نحن لا نريد أن نرسم صورة مأساوية للوضع العربي بل جميع المؤشرات تدل على أن العرب يديرون في دوامة مرسومة ومقدرة لها أن لا تخرج عن طريق ما خطط لها العملاء والمتآمرون على أراضي الوطن العربي وأبناءه وإلا ماذا نسمي نتائج رياح التغيير. ولنا دليل آخر على ما يحدث بين الحين والآخر في ليبيا الحبيبة نرى أن هناك من يحاول الرجوع إلى عهد الدكتاتورية والتسلط وإذاقة الشعب العربي هناك طعم الموت والدم .نعم حاول البعض من إعادة شبح الحروب الأهلية حيث يهاجم البعض من المرتزقة قيادات المجلس الوطني للإنقاذ أو بما يسمى بالمجلس الانتقالي التي انطلقت منه شرارة الكفاح والمقاومة ضد نظام ألقذافي الذي أذاق شعبه الويلات والموت والدمار والخراب على مدى أكثر من أربعة عقود .لا بد من كبح جماح الاندفاع نحو التشرذم والانفلات وتصفية الحسابات بين أبناء الشعب الواحد ويكفي إزهاق الأرواح التي ألِفَ عليها المشاهد العربي الذي لا تكاد نشرة الإخبار الواحدة إلا ويعرض على صدور أخبارها عشرات الجثث المرمية على الطرقات ومناظر الدم يصبغ بها وجه الشوارع والطرقات وكي لا يندم الشعب على إزاحة طغاته يوما فزمن الطغاة ولى ولن يعود ولا نريد أن يعود وإلا سنصحو يوما على لافته وشعار مكتوب عليها (الثورات تأكل أبناءها)
أحمد عبد الجبار عبد الله – بغداد
/4/2012 Issue 4173 – Date 14 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4173 التاريخ 14»4»2012
AZPPPL