التوسع الكويتي داخل الأراضي العراقية
عماد علو
ويشير تقرير لجنة تقصي الحقائق الكويتية حول أسباب الغزو العراقي بصورة غير مباشرة الى المماطلة الكويتية ، بالمقترح الكويتي الذي نقله الى الحكومة العراقية مستشار أمير الكويت، عبد الرحمن سالم العتيقي بطرح الموضوع على دول مجلس التعاون الخليجية، وكان جواب صدام حسين (لا يابه، احنا ما نريد هيجي، اذا كان على اخواننا دول الخليج احنا نعرف شلون نتصل، احنا ما نريد هيجي)( المصدر السابق نفسه ؛ وكذلك جريدة الواشنطن بوست الأمريكية بعددها بتاريخ 31/7/1990 ).
وقد جاءت تلك الزيارات في اعقاب مؤتمر القمة العربي الاستثنائي الذي عقد في بغداد في ايار 1990، والذي اشار خلاله صدام حسين الى الاضرار التي نجمت عن السياسات النفطية للسعودية والكويت والامارات في خطابه للمؤتمر وهذا الموقف العراقي عبر عنه صدام حسين مرة اخرى عند لقائه مع وزير البترول و الثروة المعدنية السعودي هشام الناظر بتاريخ 9/7/1990 ( ينظر، بكري ، محمود ، جريمة امريكا في الخليج الاسرار الكاملة ، القاهرة 1991 ، ص164-169 ) ، ابان تصاعد الازمة بين العراق والكويت . حيث ترسخت القناعة لدى العراق أن وراء المماطلة والتسويف الكويتي ، ثمة مخطط للإيذاء العراق تضطلع به الولايات المتحدة وراس الحربة فيه الكويت ولاسيما أنه سبق أن أقر الكونغرس الامريكي ، في 13/9 /1988 ، مشروع مقاطعة اقتصادية وتكنولوجية للعراق ، كان قد علق عليه (هنري شولر ) مدير برنامج أمن الطاقة في مركز الدراسات الستراتيجية والدولية في واشنطن عليه بقوله :” انها حرب اقتصادية ضد العراق ” ، ويبدو أن هذا التحرك الخليجي لم يكن بعيدا” عن سياق مخطط عسكري أمريكي سبق أن وضعته الادارة الامريكية منذ العام 1979 ، وجاء في هذا المخطط : ” اننا سنتحرك عسكريا” للاستيلاء على حقول النفط في المنطقة . لذلك أصبح الجنرال الامريكي (نورمان شوارتسكوف) ، ــــ وهو قائد قيادة المنطقة الوسطى وقائد قوات التحالف الذي شن الهجوم على العراق عام 1991 ــــ زائرا” منتظماً الى الكويت منذ نهاية الحرب العراقية الايرانية عام 1988، ويذكر أحد المسؤولين الامريكيين في الكويت قيام (شوارتسكوف )، ” بزيارات الى الكويت قبل الاجتياح العراقي للكويت عام 1990 ، بمعدل عدة مرات في السنة ، انه جنرال سياسي ، وهذه مسألة غير عادية بحد ذاتها ، لقد حافظ على وضع خاص حيث كانت له الاولوية في لقاء اي مسؤول كويتي” . كما اشارت أحد الوثائق المؤرخة في 1989/11/22 الى تعاون وتنسيق مستمر بين جهاز المخابرات في الكويت وبين وكالة المخابرات الامريكية (CIA) ، لاستغلال الوضع الاقتصادي المتدهور في العراق لزيادة الضغوط عليه( الرسالة من فهد الاحمد الفهد ، مدير عام الادارة العامة لأمن الدولة الى سعادة الشيخ سالم صباح السالم الصباح (الموقر) ، رسالة سرية للغاية وخاص ، بتاريخ 22/11/1989/ برقم س/540) .
اتسم موقف حكام الكويت من مطالبات العراق باللامبالاة الواضحة والمتعمدة والاستخفاف بما يجري ( ينظر ، لوران و سالنجر ، مرجع سابق ، ص102) ، وكأنهم كانوا على علم أو أن لديهم تصوراً عن الاتجاه الذي ستسير به الاحداث ، وهذا الامر يدل بشكل واضح على أنه كان لهم دور في مخطط معين يستهدف العراق بشكل أو بآخر . والدليل على ذلك ما ورد في تقرير لجنة تقصي الحقائق الكويتية حول أسباب الغزو العراقي ، أن المسؤولين الكويتيين كانوا يتوقعون غزوا جزئيا ، كاحتلال جزيرتي وربة وبوبيان، وجزءاً من الساحل الشمالي، ويضيف تقرير اللجنة بأنه ” اذا كانت الحكومة قد توقعت فعلا العدوان الجزئي، فقد كان في وسعها ايضا توقع ما هو ابعد من ذلك، وهو الاجتياح الكامل لأرض الكويت “(ينظر، تقرير لجنة تقصي الحقائق الكويتية حول أسباب الغزو العراقي ، على الرابط
http://www.alamalyawm.com/ArticleDetail.aspx?artid=3202) ، ومع ذلك انتهج حكام الكويت اسلوبا” استفزازيا” ضد العراق صعد من حدة التوتر وأوصل الموقف الى اتخاذ صدام حسين قرارا” باجتياح الكويت ، لذلك فان لجنة تقصي الحقائق الكويتية حول أسباب الغزو العراقي ، لم تتردد في تحميل حكام الكويت مسؤولية ما حدث ، للأسباب التالية التي ذكرتها اللجنة في تقريرها :ـــ
اولا: لم تقرأ الخطر والتهديدات العراقية الموجهة ضد الكويت قراءة صحيحة.
ثانيا: لم تتعامل مع الخطر تعاملا صحيحا.
ثالثا: لم تتخذ ابسط الاجراءات المطلوبة- كالدعوة لإجراء مناورات كما فعلت دولة الامارات العربية المتحدة- والاستفادة من العرض الامريكي.
رابعا: قللت من الخطر الماثل امام الكويت واستبعدت حتى التجهيز والاعداد الدفاعي والعسكري، وذكرت تقليلا للخطر بأنه (سحابة صيف).
خامسا: غيبت المشاركة الشعبية والرأي العام وتعمدت اخفاء اخبار الاخطار العراقية في اجهزة الاعلام الرسمية.
سادسا: فشلت في مساعيها السياسية التي كانت المحور والمسار الوحيد الذي اتخذته دون غيره من المسارات ولو من باب الاحتياط.
وتقع المسؤولية كاملة على الحكومة. وبسبب تغييب وجود مجلس امة وسلطة تشريعية لتتحمل المسؤولية مع السلطة التنفيذية- القائمة والمسؤولة عن ادارة دفة الازمة- فإن القيادة السياسية ممثلة بمجلس الوزراء فقط دون غيره تتحمل كل التبعات التي ترتبت على الغزو العراقي لدولة الكويت وذلك لعدم قدرته على قراءة الازمـــة، والتعامل معها والتصدي ولو بالطرق البســــــيطة والمتواضعة لدرء او حــــتى لتأخير تقدم القوات العراقية، بما يكفي من وقت ).
ان تحليلا” بسيطا” لمحتويات تقرير لجنة تقصي الحقائق الكويتية حول اسباب الغزو العراقي للكويت في 2/8/1990 يدل بشكل واضح وصريح على تورط حكام في مخطط يستهدف النيل من القدرات العراقية وذلك بجره الى منازلة عسكرية هدفها توجيه ضربة قاصمة لقواته المسلحة التي خرجت من حربها مع ايران بقدرات وخبرات باتت تشكل مصدر فزع وقلق لقوى اقليمية ودولية .
{ المصدر : Energy Information Administration ,New York Times