زمان جديد
عندما يتغلب نداء الواجب على ارادة القلب لتُكَرَّس حياة الفرد في مساعدة الغير، يكون هناك صراع يقع فيه المرء وعدة تساؤلات :هل الواجب هو الأقوى أم العاطفة، أم كليهما معا”.
هناك فراغ اجتماعي وعقلية متخلفة لدى بعض الافراد من حيث يعتبروا بأن مهنة التمريض مهنة قذرة لا تمارسها الفتاة المحترمة أو تقبل عليها الراهبات اللواتي زهدن بالحياة وكرسن أنفسهن لخدمة الغير .حيث نجد بأن هناك عقبات كثيرة تقف في طريق الخير،خاصة عندما يكون هناك مجتمعا” متشدد في أحكامه متعصب بتقاليده،يحرم الفتاة من ممارسة مهنة أحبتها والهمها الله على اتقانها وهي مهنة التمريض،نجدها تتحدى مجتمعها وكل من حولها لتبرهن بأن عملها انسانيا شريفا” وذلك يعود لرهافة الحس الانساني بداخلها من خلال تكريس حياتها للخدمة العامة، فتتحول الى قديسة مرسلة على الارض.
الممرضة هي رسول هادىء وملاك رحيم ,خاصة لمن ندرت نفسها لتخفيف الآلام عن المرضى وقدمت ما بوسعها لاسعادهم،تحمل همّ ووجع الغير وتلبس ثوب الألم ،غارقة في هوة اليأس غير آبهة لسعادتها بعيدة كل البعد عن الانانية وزيف الحياة ، لتصبح النور التي يضىء على حياة المريض لانعاشه وخلاصه من آلامه.
هناك من يتطوع لخدمة ضحايا الحرب في المستشفيات العسكرية ،ينهمك بانقاذ حياة المرضى والتخفيف عن آلامهم ،ليعطيهم القوة والتمسك بالحياة ،فيصبح المسعف الالهي الذي يتطلع اليه المريض على انه نعمة هبطت عليه من السماء .
ان التمريض دعوة انسانية علينا اطلاقها لزرع المحبة فالعمل في سلك التمريض ليس رحلة استجمام بل عمل دؤوب وتضحية وهدف خدماتي يساعد المرضى للخروج من وضعهم البائس وزرع بصدورهم الرجاء والايمان والتفاؤل بالغد.
المستشفيات لا تكون فقط للمرضى العاجزين بل أيضا” للمسنين المحتاجين للعطف والحنان ، هناك من غدرت بهم الأيام وجارعليهم الدهر وتركوا في دور العجزة ، هؤلاء يلزمهم الاهتمام والرعاية وحسن الادارة والنظافة لكي ينهوا حياتهم براحة وسلام. في بلداننا ينقصنا العديد من دور العجزة المجانية فمن الصعب على المسن الذي لا يمتلك المال وبحاجة للرعاية الصحية والنفسية أن يجد من يهتم به بشكل جيد ، مما يجعلنا نرفع الصوت ونطالب الدولة بالالتفاتة الجدية لمعاناتهم والسعي الدؤوب من أهل الخير لبناء دور عجزة مجانية تعنى بالمسنين المغلوب على امرهم فهم لا يجدوا من يرعاهم ويهتم بهم ، وهذه تكتب حسنة لهم اكثر من بناء جامع أو كنيسة لان معاملة المسن حسنة عند الله تكتب في ميزان اعمال الفرد وتزيد من ايمانه وماله.