التمريض… استجمام أم مهام – ايمان عبد الملك

زمان جديد

عندما‭ ‬يتغلب‭ ‬نداء‭ ‬الواجب‭ ‬على‭ ‬ارادة‭ ‬القلب‭ ‬لتُكَرَّس‭ ‬حياة‭ ‬الفرد‭ ‬في‭ ‬مساعدة‭ ‬الغير،‭  ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬صراع‭ ‬يقع‭ ‬فيه‭ ‬المرء‭ ‬وعدة‭ ‬تساؤلات‭ ‬‭:‬هل‭ ‬الواجب‭ ‬هو‭ ‬الأقوى‭ ‬أم‭ ‬العاطفة،‭ ‬أم‭ ‬كليهما‭ ‬معا‭”‬‭.‬

هناك‭ ‬فراغ‭ ‬اجتماعي‭ ‬وعقلية‭ ‬متخلفة‭ ‬لدى‭ ‬بعض‭ ‬الافراد‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬يعتبروا‭ ‬بأن‭ ‬مهنة‭ ‬التمريض‭ ‬مهنة‭ ‬قذرة‭ ‬لا‭ ‬تمارسها‭ ‬الفتاة‭ ‬المحترمة‭ ‬أو‭ ‬تقبل‭ ‬عليها‭ ‬الراهبات‭ ‬اللواتي‭ ‬زهدن‭ ‬بالحياة‭ ‬وكرسن‭ ‬أنفسهن‭ ‬لخدمة‭ ‬الغير‭ .‬حيث‭ ‬نجد‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬عقبات‭ ‬كثيرة‭ ‬تقف‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬الخير،خاصة‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬مجتمعا‭”‬‭ ‬متشدد‭ ‬في‭ ‬أحكامه‭ ‬متعصب‭ ‬بتقاليده،يحرم‭ ‬الفتاة‭ ‬من‭ ‬ممارسة‭ ‬مهنة‭ ‬أحبتها‭ ‬والهمها‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬اتقانها‭ ‬وهي‭ ‬مهنة‭ ‬التمريض،نجدها‭ ‬تتحدى‭ ‬مجتمعها‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬حولها‭ ‬لتبرهن‭ ‬بأن‭ ‬عملها‭ ‬انسانيا‭ ‬شريفا‭”‬‭ ‬وذلك‭ ‬يعود‭ ‬لرهافة‭ ‬الحس‭ ‬الانساني‭ ‬بداخلها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تكريس‭ ‬حياتها‭ ‬للخدمة‭ ‬العامة،‭ ‬فتتحول‭ ‬الى‭ ‬قديسة‭ ‬مرسلة‭ ‬على‭ ‬الارض‭.‬

الممرضة‭ ‬هي‭ ‬رسول‭ ‬هادىء‭ ‬وملاك‭ ‬رحيم‭ ‬‭,‬خاصة‭ ‬لمن‭ ‬ندرت‭ ‬نفسها‭ ‬لتخفيف‭ ‬الآلام‭ ‬عن‭ ‬المرضى‭ ‬وقدمت‭ ‬ما‭ ‬بوسعها‭ ‬لاسعادهم،تحمل‭ ‬همّ‭ ‬ووجع‭ ‬الغير‭ ‬وتلبس‭ ‬ثوب‭ ‬الألم‭ ‬،غارقة‭ ‬في‭ ‬هوة‭ ‬اليأس‭ ‬غير‭ ‬آبهة‭ ‬لسعادتها‭ ‬بعيدة‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬الانانية‭ ‬وزيف‭ ‬الحياة‭ ‬،‭ ‬لتصبح‭ ‬النور‭ ‬التي‭ ‬يضىء‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬المريض‭ ‬لانعاشه‭ ‬وخلاصه‭ ‬من‭ ‬آلامه‭.‬

هناك‭ ‬من‭ ‬يتطوع‭ ‬لخدمة‭ ‬ضحايا‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬المستشفيات‭ ‬العسكرية‭ ‬،ينهمك‭ ‬بانقاذ‭ ‬حياة‭ ‬المرضى‭ ‬والتخفيف‭ ‬عن‭ ‬آلامهم‭ ‬،ليعطيهم‭ ‬القوة‭ ‬والتمسك‭ ‬بالحياة‭ ‬،فيصبح‭  ‬المسعف‭ ‬الالهي‭ ‬الذي‭ ‬يتطلع‭ ‬اليه‭ ‬المريض‭ ‬على‭ ‬انه‭ ‬نعمة‭ ‬هبطت‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬السماء‭ .‬

ان‭ ‬التمريض‭ ‬دعوة‭ ‬انسانية‭ ‬علينا‭ ‬اطلاقها‭ ‬لزرع‭ ‬المحبة‭ ‬فالعمل‭ ‬في‭ ‬سلك‭ ‬التمريض‭ ‬ليس‭ ‬رحلة‭ ‬استجمام‭ ‬بل‭ ‬عمل‭ ‬دؤوب‭ ‬وتضحية‭ ‬وهدف‭ ‬خدماتي‭ ‬يساعد‭ ‬المرضى‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬وضعهم‭ ‬البائس‭ ‬وزرع‭ ‬بصدورهم‭ ‬الرجاء‭ ‬والايمان‭ ‬والتفاؤل‭ ‬بالغد‭.‬

المستشفيات‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬فقط‭ ‬للمرضى‭ ‬العاجزين‭  ‬بل‭ ‬أيضا‭”‬‭ ‬للمسنين‭ ‬المحتاجين‭ ‬للعطف‭ ‬والحنان‭ ‬،‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬غدرت‭ ‬بهم‭ ‬الأيام‭ ‬وجارعليهم‭ ‬الدهر‭ ‬وتركوا‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬العجزة‭ ‬،‭ ‬هؤلاء‭ ‬يلزمهم‭ ‬الاهتمام‭ ‬والرعاية‭ ‬وحسن‭ ‬الادارة‭ ‬والنظافة‭ ‬لكي‭ ‬ينهوا‭ ‬حياتهم‭ ‬براحة‭ ‬وسلام‭. ‬في‭ ‬بلداننا‭ ‬ينقصنا‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬العجزة‭ ‬المجانية‭ ‬فمن‭ ‬الصعب‭ ‬على‭ ‬المسن‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمتلك‭ ‬المال‭ ‬وبحاجة‭ ‬للرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬والنفسية‭ ‬أن‭ ‬يجد‭ ‬من‭ ‬يهتم‭ ‬به‭  ‬بشكل‭ ‬جيد‭ ‬،‭ ‬مما‭ ‬يجعلنا‭ ‬نرفع‭ ‬الصوت‭ ‬ونطالب‭ ‬الدولة‭ ‬بالالتفاتة‭ ‬الجدية‭ ‬لمعاناتهم‭  ‬والسعي‭ ‬الدؤوب‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬الخير‭ ‬لبناء‭ ‬دور‭ ‬عجزة‭ ‬مجانية‭ ‬تعنى‭ ‬بالمسنين‭ ‬المغلوب‭ ‬على‭ ‬امرهم‭ ‬فهم‭ ‬لا‭ ‬يجدوا‭ ‬من‭ ‬يرعاهم‭ ‬ويهتم‭ ‬بهم‭ ‬،‭ ‬وهذه‭ ‬تكتب‭ ‬حسنة‭ ‬لهم‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬بناء‭ ‬جامع‭ ‬أو‭ ‬كنيسة‭ ‬لان‭ ‬معاملة‭ ‬المسن‭ ‬حسنة‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬تكتب‭ ‬في‭ ‬ميزان‭ ‬اعمال‭ ‬الفرد‭ ‬وتزيد‭ ‬من‭ ‬ايمانه‭ ‬وماله‭.‬

مشاركة