التعامل الرسمي‮ ‬مع الآثار المسروقة – نصوص – رزاق إبراهيم حسن

تلك الكتب

التعامل الرسمي مع الآثار المسروقة – نصوص – رزاق إبراهيم حسن

دعت وزارة السياحة والاثار الصحفيين لزيارة معرضها عن الاثار العراقية الذي اقيم في احدى قاعات المتحف الوطني العراقي، واحتوى على صور للقطع الاثارية المنهوبة والمسروقة خلال حرب عام 1991  وكان معرضا مهما وغنيا، ومن المعارض النادرة، حيث اتاح لنا ان نعيش لحظات تاريخية وثقافية واثارية مع التاريخ العراقي القديم، وان نستعيد بعض ما صنعه وابدعه اجدادنا من وثائق حضارية، غير اننا عرفنا بعد زيارة المعرض انه لم يكن من صنع وتجميع وزارة السياحة والاثار، وليس من نشاط اية مؤسسة رسمية، وانما هو من جهد مصور عراقي مبدع، وحريص على تراثه العراقي القديم والحديث، وقد كان المعرض حصيلة سنوات من الجهد المثابر والسفر والتنقل والذاكرة الواعية، المشحونة بالمعلومات بما هو عراقي وغير عراقي من الاثار والقطع الاثارية، وبذل الاموال، وقد اقيم المعرض برعاية وتشجيع وزارة السياحة والاثار. وقد أسست ايضا بدعم ورعاية هذه الوزارة منظمات غير رسمية للبحث عن الاثار واللوحات الفنية العراقية المسروقة والمنهوبة خلال الحرب الامريكية ضد العراق، ومنها منظمة تتألف من عدد من الفنانين العراقيين ولعل الوزارة نفسها لها تشكيلات وجهود غير معلنة للبحث عن الاثار العراقية المسروقة والمنهوبة، ولها حصيلة جيدة من هذه الاثار، غير اننا لا نعرف عنها سوى ما يعلن من ارقام عن عدد القطع التي تم العثور عليها في الداخل والخارج، ومن الممتلكات الاثرية العراقية التي يجري الحديث عنها باستمرار، الارشيف ليهودي، اذ سبق للوزارة ان اعلنت عن عدم تعاون الجهات الامريكية في ارجاع الارشيف الى العراق، ولكن وزارة السياحة والاثار اعلنت ان هذا الارشيف موجود لدى احدى المنظمات الامريكية، وان الجهود مستمرة لارجاعه الى العراق بما يؤكد قرب استرجاعه، وان الوزارة اوقفت العديد من المزادات العلنية لبيع الاثار العراقية المسروقة والمهربة من منظمة داعش، وتعلن الوزارة باستمرار انها تملك المعلومات الدقيقة عن الاثار العراقية المسروقة، وعن اعدادها ونوعيتها غير اننا لا نعرف من هي هذه الاثار وما هو موقعها بالمقارنة مع الاثار العراقية الاخرى؟ وهل هناك من يدعي احقية السيطرة عليها؟ وما الذي يخسره العراق بخسارتها وفقدانها؟ وهل توجد نماذج مماثلة لها في دول ومتاحف اخرى؟ وما الذي تمثله لحضارة العراق؟ ثم اين صور عرضها في المزادات العلنية؟ وما هو موقف الدول والمنظمات الدولية من عرضها للبيع والمساومات؟ ثم ما الذي فعلته السفارات والجهات الدبلوماسية العراقية اذ و ذلك؟وبالنسبة للارشيف اليهودي فأننا لا نعرف عنه غير اسمه، وليس لدينا اية معلومات عن تاريخه، وعن محتوياته وعن قيام الجهات الامريكية بالاستحواذ عليه، وعدم التعاون في ارجاعه للعراق، ثم ما هي اهمية هذا الارشيف بالنسبة لليهود ولاسرائيل وللبحوث العربية واليهودية؟ وهل توجد دراسات وبحوث عراقية وغير عراقية عنه؟ ان جميع او معظم هذه الاسئلة مهمة، وهي تتطلب اجوبة مفصلة من وزارة السياحة والآثار، الامر الذي يستلزم منها اعداد واصدار كتاب عن الارشيف اليهودي، وعن محاولات سرقته والاستحواذ عليه ومحاولات استرجاعه، وايداعه في اماكن امينة، وبعيدة عن الايدي السارقة والعابثة، كما ان الوزارة مطالبة بالتصرف ذاته مع الاثار العراقية الاخرى، وذلك لمساعدة المواطنين والمعنيين في التعرف على الاثار العراقية المعروضة للبيع، وايقاف عمليات بيعها والمساومة عليها، ولتوعية وتثقيف المواطنين العراقيين، المثقفين وغير المثقفين بالاثار العراقية واهميتها، وعلاقتها بدور العراق الحضاري والثقافي، وينبغي ان نأخذ بنظر الاعتبار ان المواطن العراقي لا يملك الكثير من المعلومات عن حضارته واثاره، وان البحث عن الاثار العراقية المسروقة والمنهوبة يوفر فرصة لتوعية وتعبئة المواطنين للاسهام في ذلك، وذلك لا يتم دون تقديم المعلومات اللازمة من المعارض والكتب، ودون تعبئة وسائل الاعلام بهذا التوجه، بحيث يؤكد العراق من خلال ذلك انه الاحرص على تراثه واثاره، وانه يتواصل معها بمختلف الجهود والوسائل بمشاركة جميع العراقيين، ثم اننا نعرف ان العراق يملك الكثير من العلماء الاثاريين والمعنيين بالاثار وحري بهم ان يكونوا حاضرين في ظروف الازمات وعند تعرض الاثار الى هجمات بربرية مثل التي حدثت عند الاحتلال الامريكي للعراق وعند احتلال داعش لمحافظة نينوى وصلاح الدين والانبار والسؤال الذي يطرح نفسه اين هؤلاء العلماء، ما الذي حدث، وما الذي فعلوه لمواجهة هذا التحدي؟.