الترقيات العلمية (3) – عقيل عبد ياسين
التعليم العالي في العراق يراوح مكانه
تعتبر الترقيات العلمية واحده من أكثر الفعاليات التي يهتم بها الأستاذ الجامعي اذ تؤدي نتائجها الى حصوله على اللقب العلمي الذي يسعى جاهدا من اجله . وعلى هذا الأساس فان الجامعات والمؤسسات العلمية في العالم اهتمت كثيرا بالألقاب العلمية ووضعت أسس خاصه بها ولها .وفي الكثير من الاحايين لا تكون هذه الألقاب موحده بين لجامعات بل يعتمد منح لقب ما على سمعة تلك الجامعة عالميا والضوابط التي تضعها لأنها تعتقد ان اختيار الأستاذ عضوا فيها سيكون له تأثير على سمعتها مستقبلا لذلك فهي حريصة جدا على اختيار كادرها التدريسي بعنايه فائقة وتمنحه اللقب العلمي الذي يستحقه اعتمادا على سمعته العلمية ومقدار ما قدمه ويقدمه لحركة البحث العلمي وبالتالي سيكون له تأثير على مكانة الجامعة بين نظيراتها على مستوى العالم . وربما يكون منح لقب الأستاذية هو اللقب الأكثر صعوبة في الحصول عليه في الجامعات الأمريكية والبريطانية او بالأحرى في الجامعات الأوربية بشكل عام . ومع شديد الأسف لا يزال منح الألقاب العلمية في العراق لا يرقى الى مستوى مثيلاتها من الجامعات العالمية او حتى جامعات المنطقة بل ظلت الترقيات العلمية تراوح في مكانها رغم المحاولات لتطورها ورغم المقترحات التي قدمت لوزارة التعليم العالي في مختلف الحقب من بعض التدريسين والمهتمين بشؤون التعليم العالي حيث كانت تلك المحاولات تواجه بكثير من الاعتراضات وقد يحدث بعض التغيير لكن دائما ما يكون هذا لتغيير خجولا.
لقب الاستاذ
الترقيات العلمية في المملكة المتحدة:
ففي المملكة المتحدة على سبيل المثال فان عدد من يحمل لقب الأستاذية محدد في أي قسم علمي او كليه وليس مطلقا كما هو الحال في العراق وهذا التحديد يشمل أيضا بقية الألقاب العلمية . ان الحصول على لقب الأستاذية في الأقسام العلمية يكون دائما في حالة إحالة صاحب اللقب على التقاعد او الوفاة او الانتقال الى جامعة أخرى او في بعض الأحيان ترتئي الجامعة ضرورة استحداث مقعد او اكثر جديد وفي مثل هذه الحالات سوف يكون هناك فراغ في هذا اللقب فتقوم الجامعة بالإعلان رسميا في مختلف وسائل الاعلام المحلية والعالمية وعلى صفحتها الرسمية ويسمح لكل الأشخاص من مختلف بقاع الأرض من يجد في نفسه المواصفات للتقديم كما يسمح للكادر الاكاديمي من داخل الجامعة من التقديم لشغل المقعد اسوة ببقية المتنافسين ولا يعطى أي علامه اضافيه الا قليلا في حالة تساوي نقاط المنافسة . بعد انتهاء الفترة المقررة تدرس كافة الطالبات من قبل لجنه عليا في رئاسة الجامعة لتفرز ثلاث سير ذاتيه لثلاث مرشحين وهذا ما يطلق عليه Short listed وهذا الاختيار هو من اجل المقابلة الخاصة من قبل لجنه عليا في داخل الجامعة لمعرفة توجهاته المستقبلية وماذا سيقدم للجامعة في حالة حصوله على اللقب. اما نقاط المنافسة فإنها ترتكز على اعداد البحوث المنشورة في المجلات العالمية ذات معامل التأثير Impact Factor ( ويفضل من نشر في مجلات علميه ذات معامل تأثير عاليا . وكذلك يمنح المتقدم نقاط اعلى لمن نشر في أبحاث علميه في مجلة (Nature or Science)) . كما ينظر أيضا الى (H.Index ) للاكاديمي المتقدم للمقعد فكلما ارتفع رقم ال H.Hndex له ممل يدل على مكانته العلمية اذ ان هذا الرقم يدل على اعداد الأبحاث العالمية التي اشارت الى اسمه كمصدر حيث يوجد لكل تدريسي ( H.Index) معلوم عالميا . من جهة أخرى فان هناك عامل إضافيا مهما للحصول على اللقب الا وهو مقدار الأموال الذي استطاع المتقدم من الحصول عليها من الشركات ومؤسسات البحث العلمي لدعم ابحاثه والتي تدل على مشاركته في حل المعضلات التي تواجه العالم .
لذلك ترى اغلب المتقدمين على هذا اللقب ممن سبق وان نشر على ما لا يقل عن مائه وخمسون بحثا علميا رصينا لدعم موقفه للحصول على هذا المقعد . ان النقاط أعلاه تمنح الجامعات القدرة على المنافسة للحصول على موقع متميز بين نظيراتها من الجامعات العالمية والمحلية فسمعت الجامعة يؤدي الى زيادة استقطابها للطلبة من مختلف دول العالم كمل يزيد من الدعم التي تحصل عليه سواء من الدولة او من المؤسسات العالمية
الترقيات العلمية في العراق:
اما في العراق فان نظام الترقيات العلمية لم يشهد أي تغيرات جوهريه تذكر بالرغم من مرور سنوات طويله على اقراره وبالرغم من الكثير من المحاولات والمقترحات التي قدمت الى الوزارات من اجل تحديثه لكن كل تلك المحاولات اصطدمت بالكثير من الاعتراضات من قبل بعض الجامعات والوزارة على حد سواء واكاد اجزم ان عدد حملة الأستاذية في العراق هو الأكثر في المنطقة ويفوق كثيرا اعداد حملة الأستاذية في اغلب الجامعات الأوربية التي تعتبر هذا اللقب مقدس لا تمنحه الا الى الأشخاص الذين يتركون بصمات على حركة البحث العلمي لذلك صممت الجامعات البريطانية بعض الطقوس لمن يحصل على هذا اللقب حيث تحدد الجامعة يوما خاصا للاحتفال بالأستاذ الذي تم منحه اللقب في احد القاعات الكبرى للجامعة يدعى له كبار الشخصيات والأساتذة وعائلة وأصدقاء المحتفى به . وفي هذا الحفل يقدم عميد الكلية المحتفى به بعد تقديم مختصر عن حياته وانجازاته العلمية وبعدها يتقدم لألقاء محاضره عن ابرز ابتكاراته التي يفتخر بها ويطلق على هذا الحفل ب ( Inauguration lecture ) يعقبها بعض المأكولات البسيطة يتبادل المحتفلين الحديث والتعارف والتهاني . اما في العراق فان الحصول على لقب الأستاذية مفتوحا لكل من نشر ثلاث أبحاث فقط تنشر في مجلات ضمن مستودع سكوبس وسابقا كانت ترسل الى ثلاث مقيمين احدهم خارج العراق على ان تحصل اثنين منها على تقييم اصيل احدهما بحثا منفردا .
معالجات وحلول
1- تحديد العدد المفترض تواجده من حملة الأستاذية في القسم العلمي والكلية وكذلك الأساتذة المساعدين إذا أمكن وعدم جعل الاعداد مطلقه .
2- منح كل جامعه صلاحية ضوابط للترقيات العلمية خاصه بها وان يكون دور الوزارة رقابي فقط .
3- منح مجالس الجامعات صلاحية الاستغناء عن أي من كوادرها العلمية وغير العلمية في حالة تقصيره في أداء عمله او تقصيره في مجال البحث العلمي الناجز .
4- يمكن وضع ضوابط مختصره للترقيات العلمية في العراق ومن دون ارسال البحوث الى مقيميين داخليين او خارجيين والذي اثبت عدم حيادتيه في التقييم والذي في الكثير من الأحيان يرسل لشخص معلوم من قبل مقدم الطلب او ارساله الى أحد الزملاء العراقيين في الخارج او النشر لثلاث بحوث في مجلات ضمن مستودع اسكوبس خاصة وقد دخلت الكثير من المجلات التجارية فيه وكما يلي:
ا: يمنح التدريسي المتقدم على لقب الأستاذية اللقب لمن حصل على H.Hndex بين ( 10 – 15 ) نقطه وهذا يعني ان هناك اكثر من 200 – 300 باحثا علميا أشاروا لأبحاثه.
ب: يمنح التدريسي لقب أستاذ مساعد لمن حصل على H. Index بين ( 8-10) نقطه
ج: يمنح التدريسي لحصول على لقب مدرس لمن حصل على H. Index بين ( 5-8 ) نقطه
وبهذا فأننا اوقفنا اعمال الكثير من اللجان وارسال الأبحاث الى داخل وخارج العراق وتجنبا للمجلات التجارية ضمن مستودع سكوبس وسيعزز العمل والمنافسة للتدريسين لأجراء أبحاث علميه عالية المستوى وفي اغلب الأحيان هناك ضياع في الوقت والجهد .
الهيئة الاستشارية العراقية للأعمار والتطوير