الترابط الجدلي بين التنمية والجريمة والتشريع 3-3 – عبد الجبار عبد الوهاب الجبوري

الترابط الجدلي بين التنمية والجريمة والتشريع 3-3   – عبد الجبار عبد الوهاب الجبوري

3 – الإستراتيجية التشريعية :  نقصد بالإستراتيجية التشريعية وضع الخطط القانونية لمواجهة خطر الجريمة والنشاطات المضادة للتنمية ،  وتحديد أساليب المقاومة والمواجهة للحد من النشاط المضاد لخطط التنمية  وتطويقه بوضع خطة عامة شاملة  مضادة وهادفة سواء في الميدان السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي ،  وهذه الإستراتيجية تقوم على الأركان التالية :

أ – مواجهة التقاليد والعادات الفردية المتخلفة : –

وتنتشر هذه العادات والتقاليد في الدول النامية والمتخلفة  ،  وخاصةً ما يتعلق بالعقلية والذهنية التقليدية التي تسيطر على تفكير الفرد القائم على أسلوب

 (  العلاج ) والإبقاء على التقاليد الموروثة ،  والاعتماد على الغيبية والتمسك بها كوسيلة هروب من المواجهة الحضارية التي تقود إلى التشاؤم  والفشل وعدم المشاركة ،  وفقدان الرغبة في التجديد .

وتعتبر هذه العادات والتقاليد من الوسائل المضادة للتنمية الاقتصادية ،  وبناء المجتمع الجديد والدولة المعاصرة و لذلك لا بد من تعميق وتنشيط عناصر المواجهة لتلك الوسائل كما ورد في الفقرة ( أ  ) أعلاه .

ب – معالجة القيم والنشاطات المضادة المتوارثة والتي تشكل انحرافاً  سلوكياً في حياة الفرد ،  كتعرض النشاطات التنموية إلى المقاومة والسخرية وتعريض العاملين فيها إلى الاعتداءات .

وهذا لا يتم إلاّ من خلال التشريعات التي تحد من النشاطات المضادة وتطويق الانحرافات والنشاطات المتخلفة  بقوانين وتعليمات تحد من وجودها وعملها

المضاد  في الميادين العامة .

ج – معالجة النشاطات المضادة التي تتعلق بالتعليم ،  ومنها اعتبار التعليم جواز مرور إلى حياة اليسر والراحة  لا باعتباره وسيلة علمية تساعد الناس على حل  مشاكلهم .

وهذا لا يتم إلاّ من خلال إصلاح قوانين التعليم القديمة ،  وتشريع قوانين جديدة تعالج هبوط المستقبل التعليمي ،  وكثرة التلامذة ،  وقلة المدارس ،  وتطوير الكوادر التعليمية والتدريسية بما يتلاءم والمرحلة الراهنة ،  وبالتالي العمل على تطوير المناهج وأساليب التعليم  وطرائق التدريب  التربوي ،  وتهيئة المدارس النظامية ،  وتوفير المختبرات  والأجهزة العلمية والتربوية .

د –  معالجة النشاطات  المضادة في التغيير الاجتماعي والاقتصادي ،  وخاصةً فيما يتعلق بالأسس  التقليدية في بناء المجتمع وتطوير العملية التربوية ،  إذ أن الإبقاء على ما هو عليه دون معالجة قانونية يقود إلى زيادة الخضوع إلى الجريمة ،  وخلق فئات متمردة غير قادرة على المساهمة في عملية البناء والتقدم وهذا لا يتم إلاّ من خلال توفير الخدمات الضرورية  داخل المدن وخارجها .

وتتم معالجة هذه النشاطات المضادة عن  طريق التشريع ،  و خلق حالة  من التفاؤل ،  والابتعاد عن القلق والتشاؤم ،  وتشجيع الأيدي العاملة بسن القوانين التي توفر لهم الحقوق المعيشية والتقاعدية والأجور المحترمة ،  وتقوية موقع  المرأة العاملة دون إرهاقها كأم أو مرأة  وتقليل المساحات بين مواقع العمل وأعباء المنزل والأسرة وتربية الأطفال .

وهذا لا يتم إلاّ بسن القوانين والتشريعان التي تضع حقوق وواجبات وشروط العمل والضمان الاجتماعي .

هـ –  قيام التشريع بسن القوانين الخاصة بالنشاطات  والمشاكل الصحية التي تتعلق بالتنمية الاجتماعية وتطوير المجتمع ،  كسن القوانين الخاصة بمعالجة الفقر والجهل والمرض ،  وتوفير المرافق الصحية والاجتماعية ومعالجة مشاكل النقل والمواصلات والترويح ، ،  وتسهيل نقل العاملين إلى المصانع والمعامل ،  واستخدام وسائل الإنتاج المتطورة .

سن قوانين

كذلك سن القوانين لمعالجة المخدرات واستثمار الطاقات البشرية استثماراً صحيحاً ،   ومقاومة ظاهرة التسيب والاسترخاء والضغط الإداري  خلال العمل . والحرص الشديد على استخدام  الزمن وتوفير الأيدي الفنية العاملة التي تعمل على الإعداد الوطني للإنتاج المحلي . وختاماً على التشريع العمل  على إيجاد الأجهزة الإدارية  والأيدي العاملة المخلصة والمنتجة ، وتعزيز مبادئ الشعور بالمسؤولية ،  وتقوية روح العمل وعدم إهدار حرمة الممتلكات العامة و ومحاربة الروتين  واستغلال الطاقات الفردية والجماعية القصوى ،  من أجل بناء المجتمع الجديد والتنمية الشاملة والدولة الحضارية المعاصرة .

4 –  وسائل تنفيذ هذه الاستراتيجية : بعد أن عرفنا النشاطات المضادة لعملية التنمية ،  علينا معرفة الوسائل التي نواجه بها هذه النشاطات المضادة ،  ومن هذه الوسائل : –

أ – العمل على إيجاد مؤسسات فعّالة تعمل بشكل جريء ومسموح للتصدي لمثل هذه النشاطات سواء فيما يتعلق بمواجهة النزعة الاستهلاكية والتفاخر بها ،  ومحاربة العادات والتقاليد التي تعطل مسارات التنمية .

ب – تعميق الوعي الادخاري  وتطوير المؤسسات الادخارية وطمأنة المواطن بها ،  وبيان أهمية وفائدة الإدخّار ،  ومضار الاكتناز الذي يقلل من قيمة العملة نتيجة للتضخم الذي يحدث في العملية الاقتصادية والنقدية .

ج –  تحديد النسل كي يستطيع الإنسان من تربية أطفاله  بصورة سليمة ،  وتسهيل عملية الصرف  عليهم .

د – قيام أجهزة الإعلام ومراكز الخدمة الاجتماعية بعملية توعية واسعة وشاملة  وتعليمية بغية تنظيم العائلة خاصةً الريفية ،  وتوضيح أن القيم السماوية لم تحرم تحديد النسل وإنما حرّمت الأساليب اللاإنسانية  في تحديد النسل .

هـ – الابتعاد عن الروح النقابية واستغلالها للتهرب من عمليات الإنتاج وانخفاض الإنتاجية وفقدان العلاقات الديمقراطية بين العاملين وأرباب العمل.

و – التركيز على دور المرأة العاملة من خلال شعورها بالمسؤولية ،  والنظر إليها كأساس لبناء العملية التنموية ،  والتأكيد على عدم استقلاليتها الاقتصادية عن الرجل ،  و الجري وراء الموضة والتنافس مع الأخريات في الحصول على كل ما هو نادر لمجرد التباهي والتفاخر .

ز – تعويد الناس على الرقّة في التعامل ،  والتهذيب في  السلوك العام ،  ونبذ القيم السيئة ،  والجري وراء المصلحة الشخصية ،  واستغلال الزمن واحترام الوقت ،  ثم التصدي للممارسات المضرة التي تسبب أمراضاً تزيد من كلف العلاج وتشكل عبئاً على ميزانية الدولة ،  وتعرقل خطط التنمية …. الخ .

*  هذه الوسائل لا تتم إلاّ من خلال الاعتماد على الإنسان الواعي  واقتناعه  بأهمية خطط التنمية لتخليصه من الأهواء والأفكار الخاطئة ،  والتبشير بالخير والمشاركة الفعالة في بناء المجتمع والدولة من خلال خلق الشعور بالمسؤولية والإحساس الوطني بأهمية مشاريع التنمية وضرورتها ،  وخلق الإبداع والرغبة بالعمل بروح عالية من المسؤولية ،  وإثارة وعي الجماهير ،  وكسب ثقة الناس ،  ومعرفة البيئة المحلية وتأثيرها في العملية التنموية .

5 –  القانون وتنفيذ استراتيجية خطط التنمية :

لقد أصبح للقانون دورٌ كبير في تنفيذ الاستراتيجية التنموية خاصةً بعد دخول الأفكار الاقتصادية الاشتراكية في التشريع والنظم القانونية .

لذلك يجب أن تكون هناك علاقة متكاملة بين القانون والتنمية تقوم على جعل خطط التنمية  لها قوة القانون الملزم لغرض تحقيق أهداف  المجتمع في تنفيذ هذه الاستراتيجية وذلك من خلال :

أ  – اعتبار خطط التنمية  وخاصةً في الأنظمة الاشتراكية والتقدمية ،  هي الأداة القانونية التي عن طريقها تتدخل الدولةُ في مراقبة النشاط الاقتصادي وتوجيهه من خلال الدعم القانوني لتوجيه الاقتصاد الوطني وفق أسلوب قانوني شامل .

ب – العمل على جعل الخطوط العامة لخطط التنمية المركز الأول في التشريعات القانونية ،  التي تنظم النشاط الاقتصادي ،   فلا خطة تنموية دون أن تصدر بقانون ، ولا قانون اقتصادي ما لم يوجد هناك نشاط اقتصادي ،  لما للقوة القانونية من أثر يعطي للخطط الاقتصادية اعتباراً قانونياً مباشراً من خلال خضوعها للرقابة الاقتصادية والقانونية .

ج –  توفير قوة الإلزام القانوني المباشر الذي يكفل تنفيذ القانون وذلك من خلال خضوع الجميع لتطبيق القانون واحترام مسؤوليته في  الحفاظ على النشاطات الاقتصادية داخل البلد وخارجه .

نظام دستوري

لذلك تصبح خطط التنمية نظاماً دستورياً في القانون الدستوري ،  ومصدراً عالياً للحقوق والالتزامات في القانون المدني وتحقيق التناسق في عملية التطبيق في قوانين الإجراءات  المتعارضة .

من هنا يتبين لنا أهمية قوة القانون في تنفيذ خطط التنمية الاقتصادية ودراسة الأوضاع  الاقتصادية وتطويرها من خلال القرارات القانونية التي تسعى للنهوض السريع بالاقتصاد الوطني وتطويره ،  وإيجاد  الأسس المادية التي تعمل على بناء الإنسان الجديد والمجتمع المتطور والدولة الحضارية المعاصرة .                                رابعاً  : الترابط الجدلي بين التنمية والجريمة والتشريع  :   ليس بخافٍ على أحد أن قانون الترابط الجدلي هو حقيقة علمية ثابتة ،  وهو من أهم قوانين الحياة التطورية والتغيرية ،  وإن  أصل كلمة (  الجدل )  في اللغة اليونانية هو ( تبادل وجهات النظر  ) فالأخذ والرد في تبادل الآراء قد ينتهي بالطرفين المتقابلين إلى نتيجة جديدة تتجاوز الآراء المتناقضة .

فالجدل يعني بالأصل حركة الفكر القائمة على تجاوز فكرتين متناقضتين إلى

إيجاد تركيب جديد ،  كما يحصل ذلك بين التنمية والجريمة مرةً ،  والتشريع والتنمية مرةً ثانية ،  أو بين التشريع والجريمة مرّةً ثالثة .

وإني أرى أن المنهج الجدلي بين هذه الأطراف الثلاثة هو الحل الطبيعي لمشاكل التنمية العامة في البلدان النامية ،  وإنه الكفيل باكتشاف معنى التناقضات التي تحصل في الميدان الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والتشريعي ،   والسبب في ذلك يعود إلى وضع قواعد التطور والثبات من خلال ذلك المنهج .

ومن خلال هذه الرؤية يتبين لنا أن هناك ترابط عضوي فعال بين التنمية والجريمة والتشريع تتمثل في الحقائق القائمة في التناقض بين العقلية التنموية المتقدمة والعقلية  المتخلفة ،  كما يوجد هذا التناقض بين التخطيط العلمي  والعقلية العشوائية،   وبين الوعي القانوني واللامبالاة ،  وبين الشرعية واللاشرعية في سن القوانين ومكافحة الجريمة أو عدمها .من خلال هذه التناقضات في المنهج الجدلي ندرك أهمية الترابط والوحدة بين التنمية والجريمة  والتشريع ،  وإن قضية هذا الترابط تعتبر أساساً في إنجاح عملية التنمية والتشريع في مكافحة الجريمة .

ويمكن تلخيص القواعد الأساسية في عملية الترابط المذكورة بالقواعد التالية :

1 – إن التنمية العامة معرضة للفشل ما لم تأخذ مضمونها القانوني والأمني الذي يحافظ على خططها وقوانينها  ويساعد على تنفيذ مساراتها في الحياة العامة والخاصة في المجتمع .

2- إن التنمية معرضة للانتكاس ما لم تقم على أساس قانوني يحقق الرغبة في التنمية وينمي في النفوس  روح الرخاء والسعادة والتقدم .

خطط تنموية

3 –  إن الخطط التنموية تفقد قيمتها ومعناها إذا  خلت من القوانين والتشريعات التي تحافظ عليها  من الانحراف ومخاطر الجرائم الاقتصادية التي تسعى  إلى تخريب الاقتصاد الوطني  وتنفيذ عملية التنمية ،

 4 –  إن التنمية تبقى فارغة المحتوى الاقتصادي  والاجتماعي والسياسي إذا لم تستند على قوانين تقدمية تحافظ على مضمونها الإنساني وتسهل  عملية تنفيذها .

5 – إن التشريع يبقى فارغاً إذا لم يؤدي إلى تعزيز الثقة في العملية التنموية ،  وتعميق الوعي الأمني والقانوني لدى الأفراد ،   كما يبقى عاجزاً إذا لم يسهل مهمة تنفيذ خطط التنمية في كافة الجوانب والميادين ،  كما يبقى عاجزاً إذا لم يعالج الجرائم الماسة بالاقتصاد الوطني والأمن الاقتصادي ويحافظ عليه .

6 – إن وجود تنمية بدون تشريعات إيجابية مهمة ،  أو بدون تطبيقات  عملية متطورة ،  تؤدي إلى إصابة المجتمع بالشلل الاقتصادي والخمول والعجز والابقاء على ما هو عليه قبل التنمية .

 -7إن وجود التنمية وتطورها لا يمكن أن توجد خارج إطار المجتمع الذي يؤمن بعملية الترابط  الجدلي بين هذه العناصر الثلاثة ،  وضمن تدابير تنموية شاملة تتميز بطابع الشمولية والعلمية و استيعاب قوانين الحياة وما يجري فيها من تغييرات  وتطورات خاصة في المجال الاقتصادي .

وخلاصة هذا الترابط بين الأطراف الثلاثة يتبين لنا أن عملية الجدل بين التنمية والقانون ينتج عنها مجتمع حضاري متطور تحكمه القوانين والتشريعات التي تولد الأمن الاقتصادي والتنمية الشاملة الخاضعة لتشريعات تحافظ على نموها وتطورها بعيداً عن المشاكل الاقتصادية .

كما أن عملية الترابط بين التشريع والجريمة تؤدي إلى استقرار المجتمع وتنفيذ خطط التنمية بعيداً عن وقوع الجرائم والتجاوزات على مصادر الثروة والبناء وحياة الناس

وفي الوقت نفسه تولد العلاقة بين الجريمة والتنمية تقليل العمليات الإجرامية بسبب ما توفر التنمية من وسائل تخفف من الضغط الاقتصادي  وقسوة عيش الناس وهذا يؤدي بدوره إلى مساهمة الناس في العمليات  الإنتاجية التي توفر المواد الغذائية ومصادر  العمل لأفراد المجتمع .

وأخيراً فإن الترابط الجدلي بين التنمية والجريمة والتشريع  يؤدي إلى خلق مجتمع. حضاري متقدم يقوم على الاقتصاد الوطني المتطور و الخالي من الجريمة ،  القائم على القوانين الوضعية التي تحافظ على أمن واستقرار المجتمع والدولة .

وهذا يؤدي بدوره أيضاً إلى بناء العلاقات السياسية  ،  و التعاون الاقتصادي بين الدول المختلفة . السبب الذي يؤدي إلى استقرار الحياة العامة والخاصة للأفراد والمجتمع والأمة .

الترابط الجدلي بين التنمية والجريمة والتشريع 3-3

عبد الجبار عبد الوهاب الجبوري

3 – الإستراتيجية التشريعية :  نقصد بالإستراتيجية التشريعية وضع الخطط القانونية لمواجهة خطر الجريمة والنشاطات المضادة للتنمية ،  وتحديد أساليب المقاومة والمواجهة للحد من النشاط المضاد لخطط التنمية  وتطويقه بوضع خطة عامة شاملة  مضادة وهادفة سواء في الميدان السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي ،  وهذه الإستراتيجية تقوم على الأركان التالية :

أ – مواجهة التقاليد والعادات الفردية المتخلفة : –

وتنتشر هذه العادات والتقاليد في الدول النامية والمتخلفة  ،  وخاصةً ما يتعلق بالعقلية والذهنية التقليدية التي تسيطر على تفكير الفرد القائم على أسلوب

 (  العلاج ) والإبقاء على التقاليد الموروثة ،  والاعتماد على الغيبية والتمسك بها كوسيلة هروب من المواجهة الحضارية التي تقود إلى التشاؤم  والفشل وعدم المشاركة ،  وفقدان الرغبة في التجديد .

وتعتبر هذه العادات والتقاليد من الوسائل المضادة للتنمية الاقتصادية ،  وبناء المجتمع الجديد والدولة المعاصرة و لذلك لا بد من تعميق وتنشيط عناصر المواجهة لتلك الوسائل كما ورد في الفقرة ( أ  ) أعلاه .

ب – معالجة القيم والنشاطات المضادة المتوارثة والتي تشكل انحرافاً  سلوكياً في حياة الفرد ،  كتعرض النشاطات التنموية إلى المقاومة والسخرية وتعريض العاملين فيها إلى الاعتداءات .

وهذا لا يتم إلاّ من خلال التشريعات التي تحد من النشاطات المضادة وتطويق الانحرافات والنشاطات المتخلفة  بقوانين وتعليمات تحد من وجودها وعملها

المضاد  في الميادين العامة .

ج – معالجة النشاطات المضادة التي تتعلق بالتعليم ،  ومنها اعتبار التعليم جواز مرور إلى حياة اليسر والراحة  لا باعتباره وسيلة علمية تساعد الناس على حل  مشاكلهم .

وهذا لا يتم إلاّ من خلال إصلاح قوانين التعليم القديمة ،  وتشريع قوانين جديدة تعالج هبوط المستقبل التعليمي ،  وكثرة التلامذة ،  وقلة المدارس ،  وتطوير الكوادر التعليمية والتدريسية بما يتلاءم والمرحلة الراهنة ،  وبالتالي العمل على تطوير المناهج وأساليب التعليم  وطرائق التدريب  التربوي ،  وتهيئة المدارس النظامية ،  وتوفير المختبرات  والأجهزة العلمية والتربوية .

د –  معالجة النشاطات  المضادة في التغيير الاجتماعي والاقتصادي ،  وخاصةً فيما يتعلق بالأسس  التقليدية في بناء المجتمع وتطوير العملية التربوية ،  إذ أن الإبقاء على ما هو عليه دون معالجة قانونية يقود إلى زيادة الخضوع إلى الجريمة ،  وخلق فئات متمردة غير قادرة على المساهمة في عملية البناء والتقدم وهذا لا يتم إلاّ من خلال توفير الخدمات الضرورية  داخل المدن وخارجها .

وتتم معالجة هذه النشاطات المضادة عن  طريق التشريع ،  و خلق حالة  من التفاؤل ،  والابتعاد عن القلق والتشاؤم ،  وتشجيع الأيدي العاملة بسن القوانين التي توفر لهم الحقوق المعيشية والتقاعدية والأجور المحترمة ،  وتقوية موقع  المرأة العاملة دون إرهاقها كأم أو مرأة  وتقليل المساحات بين مواقع العمل وأعباء المنزل والأسرة وتربية الأطفال .

وهذا لا يتم إلاّ بسن القوانين والتشريعان التي تضع حقوق وواجبات وشروط العمل والضمان الاجتماعي .

هـ –  قيام التشريع بسن القوانين الخاصة بالنشاطات  والمشاكل الصحية التي تتعلق بالتنمية الاجتماعية وتطوير المجتمع ،  كسن القوانين الخاصة بمعالجة الفقر والجهل والمرض ،  وتوفير المرافق الصحية والاجتماعية ومعالجة مشاكل النقل والمواصلات والترويح ، ،  وتسهيل نقل العاملين إلى المصانع والمعامل ،  واستخدام وسائل الإنتاج المتطورة .

سن قوانين

كذلك سن القوانين لمعالجة المخدرات واستثمار الطاقات البشرية استثماراً صحيحاً ،   ومقاومة ظاهرة التسيب والاسترخاء والضغط الإداري  خلال العمل . والحرص الشديد على استخدام  الزمن وتوفير الأيدي الفنية العاملة التي تعمل على الإعداد الوطني للإنتاج المحلي . وختاماً على التشريع العمل  على إيجاد الأجهزة الإدارية  والأيدي العاملة المخلصة والمنتجة ، وتعزيز مبادئ الشعور بالمسؤولية ،  وتقوية روح العمل وعدم إهدار حرمة الممتلكات العامة و ومحاربة الروتين  واستغلال الطاقات الفردية والجماعية القصوى ،  من أجل بناء المجتمع الجديد والتنمية الشاملة والدولة الحضارية المعاصرة .

4 –  وسائل تنفيذ هذه الاستراتيجية : بعد أن عرفنا النشاطات المضادة لعملية التنمية ،  علينا معرفة الوسائل التي نواجه بها هذه النشاطات المضادة ،  ومن هذه الوسائل : –

أ – العمل على إيجاد مؤسسات فعّالة تعمل بشكل جريء ومسموح للتصدي لمثل هذه النشاطات سواء فيما يتعلق بمواجهة النزعة الاستهلاكية والتفاخر بها ،  ومحاربة العادات والتقاليد التي تعطل مسارات التنمية .

ب – تعميق الوعي الادخاري  وتطوير المؤسسات الادخارية وطمأنة المواطن بها ،  وبيان أهمية وفائدة الإدخّار ،  ومضار الاكتناز الذي يقلل من قيمة العملة نتيجة للتضخم الذي يحدث في العملية الاقتصادية والنقدية .

ج –  تحديد النسل كي يستطيع الإنسان من تربية أطفاله  بصورة سليمة ،  وتسهيل عملية الصرف  عليهم .

د – قيام أجهزة الإعلام ومراكز الخدمة الاجتماعية بعملية توعية واسعة وشاملة  وتعليمية بغية تنظيم العائلة خاصةً الريفية ،  وتوضيح أن القيم السماوية لم تحرم تحديد النسل وإنما حرّمت الأساليب اللاإنسانية  في تحديد النسل .

هـ – الابتعاد عن الروح النقابية واستغلالها للتهرب من عمليات الإنتاج وانخفاض الإنتاجية وفقدان العلاقات الديمقراطية بين العاملين وأرباب العمل.

و – التركيز على دور المرأة العاملة من خلال شعورها بالمسؤولية ،  والنظر إليها كأساس لبناء العملية التنموية ،  والتأكيد على عدم استقلاليتها الاقتصادية عن الرجل ،  و الجري وراء الموضة والتنافس مع الأخريات في الحصول على كل ما هو نادر لمجرد التباهي والتفاخر .

ز – تعويد الناس على الرقّة في التعامل ،  والتهذيب في  السلوك العام ،  ونبذ القيم السيئة ،  والجري وراء المصلحة الشخصية ،  واستغلال الزمن واحترام الوقت ،  ثم التصدي للممارسات المضرة التي تسبب أمراضاً تزيد من كلف العلاج وتشكل عبئاً على ميزانية الدولة ،  وتعرقل خطط التنمية …. الخ .

*  هذه الوسائل لا تتم إلاّ من خلال الاعتماد على الإنسان الواعي  واقتناعه  بأهمية خطط التنمية لتخليصه من الأهواء والأفكار الخاطئة ،  والتبشير بالخير والمشاركة الفعالة في بناء المجتمع والدولة من خلال خلق الشعور بالمسؤولية والإحساس الوطني بأهمية مشاريع التنمية وضرورتها ،  وخلق الإبداع والرغبة بالعمل بروح عالية من المسؤولية ،  وإثارة وعي الجماهير ،  وكسب ثقة الناس ،  ومعرفة البيئة المحلية وتأثيرها في العملية التنموية .

5 –  القانون وتنفيذ استراتيجية خطط التنمية :

لقد أصبح للقانون دورٌ كبير في تنفيذ الاستراتيجية التنموية خاصةً بعد دخول الأفكار الاقتصادية الاشتراكية في التشريع والنظم القانونية .

لذلك يجب أن تكون هناك علاقة متكاملة بين القانون والتنمية تقوم على جعل خطط التنمية  لها قوة القانون الملزم لغرض تحقيق أهداف  المجتمع في تنفيذ هذه الاستراتيجية وذلك من خلال :

أ  – اعتبار خطط التنمية  وخاصةً في الأنظمة الاشتراكية والتقدمية ،  هي الأداة القانونية التي عن طريقها تتدخل الدولةُ في مراقبة النشاط الاقتصادي وتوجيهه من خلال الدعم القانوني لتوجيه الاقتصاد الوطني وفق أسلوب قانوني شامل .

ب – العمل على جعل الخطوط العامة لخطط التنمية المركز الأول في التشريعات القانونية ،  التي تنظم النشاط الاقتصادي ،   فلا خطة تنموية دون أن تصدر بقانون ، ولا قانون اقتصادي ما لم يوجد هناك نشاط اقتصادي ،  لما للقوة القانونية من أثر يعطي للخطط الاقتصادية اعتباراً قانونياً مباشراً من خلال خضوعها للرقابة الاقتصادية والقانونية .

ج –  توفير قوة الإلزام القانوني المباشر الذي يكفل تنفيذ القانون وذلك من خلال خضوع الجميع لتطبيق القانون واحترام مسؤوليته في  الحفاظ على النشاطات الاقتصادية داخل البلد وخارجه .

نظام دستوري

لذلك تصبح خطط التنمية نظاماً دستورياً في القانون الدستوري ،  ومصدراً عالياً للحقوق والالتزامات في القانون المدني وتحقيق التناسق في عملية التطبيق في قوانين الإجراءات  المتعارضة .

من هنا يتبين لنا أهمية قوة القانون في تنفيذ خطط التنمية الاقتصادية ودراسة الأوضاع  الاقتصادية وتطويرها من خلال القرارات القانونية التي تسعى للنهوض السريع بالاقتصاد الوطني وتطويره ،  وإيجاد  الأسس المادية التي تعمل على بناء الإنسان الجديد والمجتمع المتطور والدولة الحضارية المعاصرة .                                رابعاً  : الترابط الجدلي بين التنمية والجريمة والتشريع  :   ليس بخافٍ على أحد أن قانون الترابط الجدلي هو حقيقة علمية ثابتة ،  وهو من أهم قوانين الحياة التطورية والتغيرية ،  وإن  أصل كلمة (  الجدل )  في اللغة اليونانية هو ( تبادل وجهات النظر  ) فالأخذ والرد في تبادل الآراء قد ينتهي بالطرفين المتقابلين إلى نتيجة جديدة تتجاوز الآراء المتناقضة .

فالجدل يعني بالأصل حركة الفكر القائمة على تجاوز فكرتين متناقضتين إلى

إيجاد تركيب جديد ،  كما يحصل ذلك بين التنمية والجريمة مرةً ،  والتشريع والتنمية مرةً ثانية ،  أو بين التشريع والجريمة مرّةً ثالثة .

وإني أرى أن المنهج الجدلي بين هذه الأطراف الثلاثة هو الحل الطبيعي لمشاكل التنمية العامة في البلدان النامية ،  وإنه الكفيل باكتشاف معنى التناقضات التي تحصل في الميدان الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والتشريعي ،   والسبب في ذلك يعود إلى وضع قواعد التطور والثبات من خلال ذلك المنهج .

ومن خلال هذه الرؤية يتبين لنا أن هناك ترابط عضوي فعال بين التنمية والجريمة والتشريع تتمثل في الحقائق القائمة في التناقض بين العقلية التنموية المتقدمة والعقلية  المتخلفة ،  كما يوجد هذا التناقض بين التخطيط العلمي  والعقلية العشوائية،   وبين الوعي القانوني واللامبالاة ،  وبين الشرعية واللاشرعية في سن القوانين ومكافحة الجريمة أو عدمها .من خلال هذه التناقضات في المنهج الجدلي ندرك أهمية الترابط والوحدة بين التنمية والجريمة  والتشريع ،  وإن قضية هذا الترابط تعتبر أساساً في إنجاح عملية التنمية والتشريع في مكافحة الجريمة .

ويمكن تلخيص القواعد الأساسية في عملية الترابط المذكورة بالقواعد التالية :

1 – إن التنمية العامة معرضة للفشل ما لم تأخذ مضمونها القانوني والأمني الذي يحافظ على خططها وقوانينها  ويساعد على تنفيذ مساراتها في الحياة العامة والخاصة في المجتمع .

2- إن التنمية معرضة للانتكاس ما لم تقم على أساس قانوني يحقق الرغبة في التنمية وينمي في النفوس  روح الرخاء والسعادة والتقدم .

خطط تنموية

3 –  إن الخطط التنموية تفقد قيمتها ومعناها إذا  خلت من القوانين والتشريعات التي تحافظ عليها  من الانحراف ومخاطر الجرائم الاقتصادية التي تسعى  إلى تخريب الاقتصاد الوطني  وتنفيذ عملية التنمية ،

 4 –  إن التنمية تبقى فارغة المحتوى الاقتصادي  والاجتماعي والسياسي إذا لم تستند على قوانين تقدمية تحافظ على مضمونها الإنساني وتسهل  عملية تنفيذها .

5 – إن التشريع يبقى فارغاً إذا لم يؤدي إلى تعزيز الثقة في العملية التنموية ،  وتعميق الوعي الأمني والقانوني لدى الأفراد ،   كما يبقى عاجزاً إذا لم يسهل مهمة تنفيذ خطط التنمية في كافة الجوانب والميادين ،  كما يبقى عاجزاً إذا لم يعالج الجرائم الماسة بالاقتصاد الوطني والأمن الاقتصادي ويحافظ عليه .

6 – إن وجود تنمية بدون تشريعات إيجابية مهمة ،  أو بدون تطبيقات  عملية متطورة ،  تؤدي إلى إصابة المجتمع بالشلل الاقتصادي والخمول والعجز والابقاء على ما هو عليه قبل التنمية .

 -7إن وجود التنمية وتطورها لا يمكن أن توجد خارج إطار المجتمع الذي يؤمن بعملية الترابط  الجدلي بين هذه العناصر الثلاثة ،  وضمن تدابير تنموية شاملة تتميز بطابع الشمولية والعلمية و استيعاب قوانين الحياة وما يجري فيها من تغييرات  وتطورات خاصة في المجال الاقتصادي .

وخلاصة هذا الترابط بين الأطراف الثلاثة يتبين لنا أن عملية الجدل بين التنمية والقانون ينتج عنها مجتمع حضاري متطور تحكمه القوانين والتشريعات التي تولد الأمن الاقتصادي والتنمية الشاملة الخاضعة لتشريعات تحافظ على نموها وتطورها بعيداً عن المشاكل الاقتصادية .

كما أن عملية الترابط بين التشريع والجريمة تؤدي إلى استقرار المجتمع وتنفيذ خطط التنمية بعيداً عن وقوع الجرائم والتجاوزات على مصادر الثروة والبناء وحياة الناس

وفي الوقت نفسه تولد العلاقة بين الجريمة والتنمية تقليل العمليات الإجرامية بسبب ما توفر التنمية من وسائل تخفف من الضغط الاقتصادي  وقسوة عيش الناس وهذا يؤدي بدوره إلى مساهمة الناس في العمليات  الإنتاجية التي توفر المواد الغذائية ومصادر  العمل لأفراد المجتمع .

وأخيراً فإن الترابط الجدلي بين التنمية والجريمة والتشريع  يؤدي إلى خلق مجتمع. حضاري متقدم يقوم على الاقتصاد الوطني المتطور و الخالي من الجريمة ،  القائم على القوانين الوضعية التي تحافظ على أمن واستقرار المجتمع والدولة .

وهذا يؤدي بدوره أيضاً إلى بناء العلاقات السياسية  ،  و التعاون الاقتصادي بين الدول المختلفة . السبب الذي يؤدي إلى استقرار الحياة العامة والخاصة للأفراد والمجتمع والأمة .

مشاركة