التبعية والإنقياد للأجانب

التبعية والإنقياد للأجانب

نحن نعلم إن وطننا العربي كان خاضعا للامبريالية العالمية ولم يتحقق الانعتاق والاستقلال من هذه التبعية حتى يومنا هذا حيث أصبحت هذه التبعية اقتصادية ثم تلاها خضوع سياسي وسيطرة إعلامية وفكرية حيث أصبحت دولنا العربية بفضل حكامها وسياساتهم مرتعا لفكر الدول الغربية وثقافتها وهنالك ظاهرة خطيرة جدا وهي استنزاف رؤوس أموال البلدان العربية ومنها بلدنا العراق من خلال بيع الأسلحة لها حيث أصبحنا اكبر سوق لتصريف بضائع الدول الغربية ونهب ثرواتنا دون إن تخطو حكوماتنا خطوة ملائمة لإنعاش التصنيع في بلادنا وأخذنا نشتري السلاح ونكدسه ولا نستخدمه لقضايانا الوطنية والقومية المصيرية بل في اغلب الأحيان يستخدمه الحكام ضد شعوبهم وبذلك يقدم حكامنا الأموال الطائلة للدول الغربية لتحريك مصانعها ونحن نفتعل الحروب الداخلية والإقليمية لإحراقها ومن ثم استيراد أسلحة أخرى وهي قديمة وغير متطــــورة إضافة إلى ذلك فان الامبريالية تتحرك بذكاء لخلق الأزمات تلو الأزمات وتستخدم الحكام لمصلحتها حيث تجعل بلداننا متخلفة وضعيفة .
إن قوى التخلف الخارجية والداخلية تحاول إبقاءنا على الوضع الراهن وتسعى إلى تنمية تخلفنا لان ذلك بقاء لها وحفاظ على مصالحها ، لقد تعرضنا إلى غزو فكري وثقافي منظم لتدمير البنية التحتية لمجتمعنا فمعظم إعلامنا تابع لتلك القوى وهو غير مستقل وبعيد عن بناء المجتمع وعمل الإعلام الغربي مايزال يهدم الأسس الفكرية والقيمية للمواطن حيث أصبح لا يشعر بقوة الانتماء وهذا ما نراه الآن في مجتمعنا ، إن الاغتراب والاستلاب والتخلف هي أهم الركائز التي عملت الدول الغربية والاستعمارية على تكريسها للحفاظ على هيمنتها وديمومة الانقياد لها من الحكام وظلم شعبنا وهذا ما نراه اليوم من استخدام أساليب وصيغ مختلفة من تردي الواقع وضعف الخدمات والبطالة وتكريس حالة الجهل والمرض والفقر .
إن هزيمة 1967 ليست هي أولى هزائمنا ولا أخرها ولكنها تمتاز بأنها نقطة تحول مهمة استطاعت الامبريالية ترويض العقل العربي لقبول سياساته وقتل الروح الوطنية وإطفاء شعلة الحماس لدى المواطن وقد وجدت الدول الاستعمارية مناخا ملائما لبسط سيطرتها من خلال الحكام الذين يديرون أوطاننا حيث تسيطر عليهم العقلية الفردية والديكتاتورية حيث إن هذه الأنظمة جميعا وبلا استثناء غير قادرة على أن تؤدي دورا أساسيا في النهوض بالأوضاع المؤسسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية إضافة إلى إن بعض الأحزاب أدت دورا مهما في تحقيق طموحاتها الشخصية لأنها لا تمتلك الأيديولوجيات الملائمة للواقع الموضوعي والاجتماعي .
وعليه فان مجابهة قوى التخلف لا يتم إلا من خلال بناء القوى الاجتماعية متسلحة بوعي سياسي ووعي اجتماعي وهذا لا يحدث إلا من خلال القوى المضادة للتخلف والأنظمة السياسية الوطنية التي تحب الوطن وتعمل لأجله وتعي المسؤولية لتحقيق أهداف الأمة في التغيير الاجتماعي والبناء الحقيقي للوطن فالحاكم والقائد الحقيقي اليوم هو الذي يتجه كليا بفكره وعمله كي يحمل هموم الوطن حيث إن الوطنية ليست شعارات يرفعها الحكام وخطابات توهم الشعب ونوايا مبطنة أنها شعور ينمو في النفس ويزداد لهبه في القلوب كلما كثرت هموم الوطن وعظمت مصائبه وكثرت أزماته ، الوطنية الحقة هي إن يردم حكامنا ومن يقودوننا الفجوة بينهم وبين شعوبهم بالتضحية والإخلاص وانتشال المواطن الذي عانى كثيرا دون النظر إلى مصالحهم الفردية والأنانية والانقياد للأجانب ، فما أحب وأسمى عند الله من التضحية في سبيل الوطن والمواطن .
لفتة عباس القرة غولي
AZPPPL