البطاقة التموينية للمرة الأخيرة وبالقلم الأحمر

البطاقة التموينية للمرة الأخيرة وبالقلم الأحمر
البطاقة التموينية هي السلوك والاسلوب الأمثل لدرء خطر المجاعة في ظرف من الظروف القاهرة التي يتعرض لها شعب من الشعوب ، فتسلك حكوماتها هذا السلوك تارة لتلافي ثورة الشعب عليها لأنها أي الحكومة هي المسؤولة عن توفير قوته حتى وإن كانت هذه الحكومة متسلطة وجبارة فهي تهرع لهذا السلوك لبقائها في السلطة كما حدث في زمن صدام حسين ، فقد كان يتلاعب في مفرداتها رغم قلتها وضحالة موادها. وتارة يلجأ لها الحكام الذين أجبروا على ظلم شعبهم لأنهم من المناهضين للدول الاستعمارية المسلطة على السوق والاقتصاد العالمي، وهذا ما شاهدناه في كثير من الدول في أمريكا اللاتينية ، وما سنشاهده في سوريا في الأيام القادمة إذا ما استمر الفيتو الروسي والصيني .. هكذا هو حال البطاقة التموينية وسبب نشأتها ولا نريد الخوض في تاريخ نشأتها . إن البطاقة الموينية ونظامه منذ تطبيقه في العراق لم يضع صدام حسين أي استثناء لمنع أحد من هذا الحق ، لأن هذا الحق مكتسب ولا يحق لأحد منعه فهو رغم علمه بالامكانيات المادية لتجار الشورجة لم يحرمهم من حق البطاقة التموينية لأنه حق مكتسب حتى أننا نراه هو وأفراد أسرته شملهم حق التمتع بمفردات البطاقة سواء كان يريد بهذا الحق تحسين صورته أم لا .
قيمة البطاقة
فهل يا ترى كان صدام وأفراد أسره معوزين وفي حاجة للبطاقة التموينية لقد كان يفعل هذا ليشعر المواطن بقيمة هذه البطاقة وضرورة شمول جميع المواطنين بها وهذا لم يحدث خلل في سلوك البطاقة الا في التلاعب في نوعيتها ، وكامن الظروف تجبره فيأخذ من ذي ليحصل على النقود لشراء الاسلحة التي يحارب بها أعداءه وكذلك لاعطاء رواتب اضافية لمن يسعى لتثبيت سلطته كما يفعل الساسة الآن. لقد كان صدام رغم الحصار الجائر على شعبه كان التلاعب من قبله بالبطاقة التموينية قليل وغايته كما قلنا الحصول على سيولة لشراء السلاح وكانت البطاقة في زمنه زمن الحصار قد بلغت التسع مواد ، أما البطاقة التموينية في عهد حكومتنا الرشيدة برغم من رفع الحصار وبالرغم من رصد مبالغ طائلة لهذه البطاقة ترى مفرداتها قد قلت حتى وصلت الى أربع مواد هي الطحين والتمن والسكر والدهن أي نصف ما كانت في عهد صدام رغم أن صدام لا يسمح بمرور شهر دون حصول المواطن على حصة من موادها ، أما هؤلاء الاخوة في الدين والوطن والمذهب فهم لا يبالون ، وقد مرت شهور دون حصول المواطن على المفردة الاساسية في هذه البطاقة الا وهو الطحين ، والحجة عندهم أنهم منشغلون بالصراع صراع الاستحواذ على الغنيمة التي حصلوا عليها وسعي كل طرف للاستحواذ عليها بالكامل بعد أن وعد الأخر بالتقاسم .. عندما كانوا يتعانقون في بداية مجلس الحكم فهم كالسراق يتعانقون قبل فتح الخزنة ويتقاتلون بعد فتحها. إن المسؤول في الدولة قد سلم البطاقة التموينية الى أحد أفراد حزبه ولا يستطيع محاسبته لأنه محسوب عليه حيث القبلية والبداوة متأصلة في جيناته هي التي تأمره بذلك وليس وطنيته ولا دينه الحنيف ، وهكذا عندما ظهر الفساد في البطاقة التموينية وأصبحت رائحته تزكم الانوف سارع المسؤول الى طمطمة القضية واسل ابن حزبه من القضية كما تستل الشعرة من العجين وسارع مرة أخرى الى اعطاء المواطن نسبة قليلة من النقود والتي تثير السخرية وهي لا تساوي عشر ما أعطاه للشيوخ والوجهاء والسائرين في ركابه لأنهم قاعدته الانتخابية وكذلك الاميين الذي استقطبهم بحجة أخرى ألا وهي باسم المختار أو ما يطلق عليه زوراً وبهتاناً المجالس المحلية المصغرة التي لا يقبلها العقل بامتيازاتها وبأعدادها الغفيرة وبآلياتها المخالفة للعقل والشرع ، حيث أن غالبية من تمتعوا بها من الاميين ومن الصغار الذين لم يبلغوا الثامنة عشر من العمر بل غالبيتهم لم يكونوا موجودين في العراق في الاحداث وأدرجت أسماءهم للحصول على الغنيمة بعد أن يدفعوا المتراكم منها الى أعضاء مجالس المحافظة الذين كانوا السبب فيحصولهم على هذه الدرجة الوظيفية والمبالغ والراب المغري حيث أصبح تقاعدهم يقارب السبعمائة ألف دينار والدرجة الوظيفية درجة معاون مدير عام وهذه الدرجة لا يحصل عليها الطبيب الذي خدم الدولة زهاء الثلاثين عاماً ألم تكن هذه هي القسمة ؟
السياسيون والتموينية
هكذا هم ساستنا الذين لم ينظروا بكلتا عينيهم للشعب بل نظروا اليه بعين واحدة رغم إن أحدهم لم يكن أعوراً ولكن الحقيقة تقول ليس الاعور كل من فقئت عينه بل من نظر الى الناس بعين واحدة. إذاً الحق والحق يقال أن البطاقة التموينية في زمن صدام المقبور هي أحسن حالاً رغم الحصار وهاهي تتعرض الى نكبة جديدة بحجبها عن قسم من الموظفين تحت حجج واهية غير صامدة حينما يبلغ راتبه المليون والنصف وكان الشعب كله موظفين دون أن يعلم أن الملايين من الناس الاثرياء يتمتعون وسيظلون يتمتعون بها لأنهم غير موظفين في الدولة متناسية بأن الكثير من هؤلاء الذين سيحرمون من البطاقة تحت هذه الذريعة الواهية سيحالون بعد سنة إن لم نقل بعد أشهر الى التقاعد الذي هو مقبرة الاحياء الذين لا تهتم الحكومة بهم لانهم مستضعفين ومن أصحاب الامام علي (ع) أما الوجهاء والشيوخ فهم من أصحاب معاوية فهي ملزمة بحمايهم ودعمهم فهما سند بعضهما البعض وسندها في الانتخابات لأنهم قادة الهمج والرعاع. رغم هذا كله أسأل دولة رئيس الوزراء الذي هو وراء كلهذا الذي يجري لهذه البطاقة من تلاعب بمفرداتها وآلياتها أسأله واقول: هل أفراد حمايتك سيشملون بهذه التعليمات فأقل فرد راتبه ثلاثة ملايين دينار أم ستضعهم تحت أجنحتك الي هي أكبر من أجنحة النسور أم تحت عباءتك التي كالكساء دخل تحتها كل أعضاء حزب الدعوة فاذهب عنهم الفقر والحرمان وألبسه للمتقاعدين والخريجين سؤال موجه الى السيد دولة رئيس الوزراء فهل من جواب يقتنع به أولي الالباب؟؟.
فيصل اللامنتمي
/5/2012 Issue 4209 – Date 26 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4209 التاريخ 26»5»2012
AZPPPL