الانتخابات وهواجس الأردنيين ــ عبدالله محمد القاق
الدعوة التي وجهها الملك عبدالله الثاني الى المواطنين للمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة واختيار الأكفياء لخدمة الوطن والمواطنين وزيارته مقر الهيئة المستقلة للانتخابات، يدل على رغبته في أن يتم اجراء الانتخابات في جو ديمقراطي وشفاف وبكل نزاهة لأنها حق دستوري لكل مواطن ومواطنة في هذه المرحلة ولاختيار مجلس نواب يُمثل الأردن وشعبه تمثيلاً حقيقياً يُحقق الاهداف والطموحات التي يرنو اليها المواطنون خاصة بعد تعديل قانون الانتخاب وايجاد القائمة النسبية التي تضم 27 نائباً من مختلف المناطق والمحافظات الأمر الذي أدى الى مشاركة 62 قائمة لانجاح هذا العرس الديمقراطي الذي سيتم في الثالث والعشرين من الشهر الجاري حيث سيتم مشاركة بعثات اوربية وعربية بغية الاشراف على الانتخابات والحد من وقوع أية شوائب قد تعطل سيرها.. فضلاً عن تحليل هذه العملية بشكل موضوعي وممنهج
والواقع أن هذه الخطوات التي تقوم بها الهيئة المستقلة للانتخابات بدعم حكومي كبير تنطلق من مبدأ الشورى الذي يرتكز على مبادئ الشريعة الاسلامية والمنبثق من الواقع والتقاليد ممثلا بدعوة جلالته في لقاءاته المتعددة بتطوير هذه التجربة تطويراً فاعلاً لتحقيق تطلعات المجتمع وقدراته الحقيقية للمشاركة في الرأي ليؤدي الى الافادة من خبرات أهل العلم والمعرفة ويُسهم في تنفيذ الاستراتيجية التنموية الشاملة وخدمة الصالح العام على نحو يكفل بناء الحاضر وصياغة المستقبل ومراجعة القوانين المختلفة المؤقتة او المستجدة وفق الصلاحيات المنوطة به، والتي اعدتها الوزارات والجهات المختصة مؤخراً.
فالديمقراطية التي تشهدها المملكة تنطلق من كونها تتجذر في مختلف المناحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية لأنها ركيزة أساسية في فكر ومنهاج الملك، وليس أدل على ذلك من الخطابات واللقاءات والكلمات المتكررة التي شدد فيها على أهمية الديمقراطية والشورى، لأنها ليست مستحدثة على الأردن، لأن ايماننا بالنهج الديمقراطي والشورى يعكس قدراتنا الذاتية، وان دستورنا المعدل سيسهم في تعزيز هذه المشاركة الشعبية التي كانت ولا تزال هدفاً نسعى ونجتهد في تحقيقها، لأن الانتخابات تتم في جو ديمقراطي حر ومنفتح؛ ما يؤكد الديمقراطية في مجتمعنا الاردني ويقوم المواطنون بالممارسة لتأصيل حقوقهم الوطنية انطلاقا من ايمان القيادة والشعب باصول هذه الممارسة الديمقراطية الحقة.
وأعتقد أن قوى المعارضة التي لن تشارك في هذه الانتخابات وخاصة جبهة العمل الاسلامي، جانبها الصواب، لأن من خلال هذه المشاركة تستطيع الحصول على المكاسب التي تريد وتُعدل القوانين التي ترى انها غير مناسبة للواقع او لمجتمعنا، ان هذا التخلف في المشاركة لن يؤثر على الانتخابات مهما روج البعض لذلك لان الجميع يريد حياة حرة وديمقراطية وبرلماناً يستطيع مواجهة التحديات الراهنة، خاصة اذا ما علمنا ان حوالي مليونين وربع المليون سجلوا اسماءهم للمشاركة في الانتخابات المقبلة.
المشاركة الفعلية
فالمرحلة الحالية، تتطلب من المواطنين المشاركة الفعلية، في الانتخابات وليس العزوف عنها، لأنها تنطلق من العمل الدؤوب لتعزيز التعددية السياسية، والذي ينبغي على المواطنين كافة في مختلف المحافظات السعي الجاد والحثيث، لاختيار الأكفاء من النواب، في هذه الفترة من ثورات الربيع العربي للعمل من أجل توسيع مظلة الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي والحد من الفقر والبطالة بل والسعي لمبدأ تكافؤ الفرص وارتفاع الاسعار مستقبلاً، ووضع سياسة ضريبية متوازنة حتى لا يتم ارهاق المواطنين بالاضافة الى ايجاد سياسة واستراتيجية طويلة الامد، لخدمة المواطنين كافة.
ان هذه المرحلة حساسة، والواجب يدعونا جميعاً الى تضافر الجهود من أجل الاداء بأصواتنا في صناديق الاقتراع وعدم التردد في ادء هذه المهمة الوطنية لاختيار كل مخلص، وقادر على القيام بواجبه لخدمة الوطن والمواطنين باعتبار أن النواب هم من يمثلون الأمة جميعاً.
فالتخلف عن اداء الصوت في هذا اليوم بعد ان وفرت الهيئة المستقلة للانتخابات كل وسائل الراحة ويسرت الخدمات للمواطنين، من شأنه أن يكون بمثابة عمل سلبي، ومثلبة من المواطن تجاه بلده ومجتمعه، خاصة أن من عناصر قوة الاردن مشاركة أبنائه في اختيار خيرة الخيرة كما كان يقول الراحل الملك الحسين طيب الله ثراه، لأن الخيرة من شعبنا الأصيل هدفها بناء المستقبل وتميزه ليكون النموذج الافضل في الانفتاح السياسي والاقتصادي، وتبني مفهوم التنمية السياسية وتفعيل الاحزاب وصون الحريات العامة والانفتاح على العالم والافادة من تجارب الاخرين ومعطيات هذا العصر العملية والتكنولوجيا والثقافة، والذي ما انفك الملك عبد الله الثاني عبر جهوده الكبيرة للمطالبة والدعوة الى تحقيقها لتعكس الآثار الايجابية على حياة المواطنين وتوفير الحياة الكريمة والمستقبل الاكثر اشراقاً لشعبنا ووطننا العزيز.
واذا كنا نطالب المجتمع كافة بالقيام بدوره في الانتخابات فاننا ندعو الشباب والسيدات للقيام بدورهم لافراز مجلس نيابي قادر على تمثيل الشعب، ويعكس مطالبه وتحقيق مصالحه واحتياجاته.
والواقع ان الاردن حقق انجازات كبيرة بالرغم من الظروف الاقليمية التي تحيط به، وهو ما أعلنه عبدالله النسور رئيس الوزراء في ندوة في كلية الدفاع الوطني الملكية الاردنية، حيث أكد أن الاردن بقيادته الفذة اثبتت نهج الوسطية والاعتدال، والتزمت بالحكمة والعقلانية في ادارة شؤون الدولة وقادت انجازاتها في مختلف المراحل، مشدداً على ان الملك عبدالله الثاني اوعز بكل الجهات الرسمية بعدم التدخل في سير العملية الانتخابية بأي شكل من الأشكال.
الأمل كبير في أن تتضافر كل الجهود لانجاح العملية الانتخابية وأن تجري بكل ديمقراطية وشفافية ونزاهة وحيادية تامة في هذه المرحلة الحساسة لتحقيق التنمية السياسية وربط الاهدف التربوية والتعليمية والاجتماعية باستراتيجية طويلة الامد والعمل على التقدم نحو المركزية ومحاربة الفقر والفقة والجهوية والفئوية وأن يتوجه كل المواطنين المسجلين في سجلات الناخبين الى دوائرهم الانتخابية لاختيار الاكفأ والقادر على بناء الوطن والتفاعل مع قضاياه والحريص على دعم تطلعاته، وتحقيق اهدافه الوطنية والقومية.
AZP07