الارتهان الى مشروع السلطة ـ سعد عباس
… تقول القاعدة الفقهية ألزموا الناس بما ألزموا به أنفسهم . لكنّ هذه القاعدة يستحيل الاحتكام اليها في التعاطي مع جدية التزام جماعات الإسلام السياسي في بلادنا العربية بمفاهيم الممارسة الديمقراطية، لعلتين رئيستين احتكار الحقيقة والسعي الى احتكار السلطة.
بل إن من المتعذّر التوصل الى إجابة دقيقة لسؤال اقتناع هذه الجماعات بالديمقراطية أصلاً، ولا سيّما أن الغالب الأعمّ منها يتهرّب من بيان موقف واضح ورأي صريح بشأنها، وباستثناء بحوث ودراسات لإسلاميين منشقين عن جماعاتهم أو مفصولين منها، لم تقدم أي جماعة إسلامية مقاربة فكرية عن الديمقراطية.
هذا الغموض والارتباك لا يعاني منهما الجمهور العام في البلاد التي تحكمها جماعات الإسلام السياسي، فحسب، بل ويعاني منهما أيضاً أتباع هذه الجماعات ومؤيدوها الذين تشير ممارساتهم وسلوكياتهم في أحسن الأحوال الى قبول اضطراري بقواعد اللعبة الديمقراطية.
تقوم هذه الجماعات أصلاً على قواعد غير ديمقراطية، بدءاً من السمع والطاعة ، مروراً بـ الولاء والبراء ، وصولاً الى تكفير الآخر وتفسيقه .
وتزعم هذه الجماعات لنفسها امتلاكاً حصرياً للوكالة عن الإسلام، وتعدّ خصومها بالتالي خصوماً للإسلام، مثلما تزعم أن مشروعها السياسي مشروع إسلامي وأن معارضي مشروعها السياسي معارضين للإسلام.
الإشكالية الأولى في ما تقدم من غموض وارتباك، من جهة، ومزاعم، من جهة أخرى، لا تكمن في تقسيم المجتمع وتكريس الكراهية فيه، فحسب، بل في الجرأة على مناقضة النصوص المقدسة الصريحة في تأكيدها حقّ الاختلاف وتحريمها الانقسام.
أما الإشكالية الثانية فتتمثل في عدم قدرة هذه الجماعات على تبني مشروع دولة، إذ هي قيّدت نفسها بفكرة الدولة الدينية التي لا يتسنى لها الاستواء إلا بعد توافر شروط وشرائط لم تتبلور بعد الأنموذج الإيراني استثناء لا يعتدّ به ، وفي الآن ذاته لم تجترح مشروعاً انتقالياً ألانموذج التركي على علاته ، فكان من الطبيعيّ أن ترتهن لمشروع السلطة الأنموذجان العراقي والمصري . وللحديث صلة.
سؤال بريء
ــ ما أبلغ من قول مارك توين الخيال مضطر إلى التمسك بالاحتمالات، لكن الحقيقة ليست كذلك ؟
جواب جريء
ــ قول الكواكبي الاستبداد يقلب موازين الأخلاق، فيجعل من الفضائل رذائل، ومن الرذائل فضائل .
AZP02
SAAB