الإنتخابات ومزدوجو الجنسية
عماد علو
مما لاشك فيه أن عدد من المرشحين للانتخابات التشريعية التي ستجري في 30/4/2014 هم من حملة جنسيات اخرى غير عراقية ، منهم من جاء الى العراق بعد الاحتلال الامريكي للعراق في 2003 ومنهم من ظل ينتظر استقرار الاوضاع وتحين الفرصة للحصول على نصيبه من (الكعكة العراقية ) . وقد وجد العديد من (مزدوجي الجنسية) الفرصة سانحة للمشاركة في انتخابات 2014 للحصول على المكاسب والامتيازات الضخمة من رواتب ومكافئات ومنح وعلاج مجاني وحمايات وجواز سفر دبلوماسي وحج مبرور ….الخ ، والعودة بعد ذلك الى البلد الذي اكتسبوا جنسيته (بشق الانفس) وجاءوا منه للمشاركة (بالعرس الانتخابي) في وقت يتفق فيه فقهاء القانون الدولي الخاص لتنظيم حقوق اكتساب الجنسية على ان العائد الى وطنه بعد اكتسابه جنسية بديلة، ومطالبته بالعودة الى جنسيته الاصلية يشترط به الغاء الجنسية المكتسبة ، في حين يذهب بعض فقهاء القانون الى فرض شرط آخر للراغبين منهم في العمل السياسي والترشح للمناصب السياسية المهمة في بلده الام ، وهو شرط يسمى بمدة الحضانة الوطنية قد يستغرق عدة سنوات ، قبل السماح لمكتسب أو مستعيد جنسيته الوطنية للترشيح للمناصب السياسية المهمة مثل المجالس البلدية والبرلمانية والسيادية ، يثبت خلالها قدرته الفعلية على تقديم خدمات فعلية ومهمة لوطنه وشعبه وفي هذا السياق ، انخرط رموز العملية السياسية والقوى والتيارات والاحزاب والكتل السياسية في جدالات وحوارات وتصريحات حول موضوع مهم سبق وان جرى تثبيته في الدستور العراقي النافذ لسنة 2005 والذي تنص الفقرة الرابعة من المادة 18 منه ، على أنه “يجوز تعدد الجنسية للعراقي، وعلى من يتولى منصبا سيادياً أو أمنياً رفيعاً، التخلي عن أية جنسية أخرى مكتسبة على أن ينظم ذلك بقانون”. وهو الامر الذي لم يتم حتى الان .
ويحمل اغلب أعضاء الطبقة السياسية العراقية جنسيات دول اخرى حيث كان معظمهم يعيشون خارج العراق ايام النظام السابق ، من ضمنهم اكثر من 12 شخصية معروفة تمتلك جنسيات مزدوجة في الحكومات ودورات البرلمان المتعاقبة ، وهناك نحو 120 نائبا (في البرلمان الحالي) يحملون جنسيات مزدوجة، ناهيك عن بعض “الفضائح” الاعلامية لنواب لهم صيتهم الواسع في صولاتهم على منصة البرلمان العراقي ولدورتين متتالتين ، وما زالوا يقبضون قيمة المعونة الاجتماعية من بلدان اللجوء الانساني فاحتلوا بلا فخر صفحات جرائد الفضائح في تلك البلدان .
لذلك وفي هذا السياق سبق وان صادق مجلس الوزراء على “مشروع قانون إلغاء الجنسية المكتسبة للمناصب السيادية والدرجات الخاصة”، عكست تصريحات قيادات سياسية وحزبية لقوى فاعلة وكبيرة في العملية السياسية العراقية رفضها الشديد لتمرير هذا القانون أو تضمين محتواه وأهدافه في قوانين اخرى .
وبموجب القانون الحكومي فان الحظر يشمل جميع المناصب السيادية من وزراء ونواب ومحافظين وسفراء وضباط، على ان يخير المشمولون بالقانون بين التخلي عن مناصبهم أو التخلي عن جنسياتهم المكتسبة نزولا عند المادة 18 من الدستور”.
الغريب في الامر أن العديد من سياسي مزدوجي الجنسية يعتبرون ان كل من لم يغادر العراق فهو “خائن” أو قد يكون متعاونا” مع النظام السابق وقد يكون مشمولا” بالاجتثاث أو بالمسائلة والعدالة … في حين يعتبر سياسي الداخل من الذين بقوا يناضلون في الداخل العراقي أنهم تعرضوا للظلم والمطاردة والتهميش والاقصاء كما لم يتعرض أولئك الذين عاشوا في الخارج بأجواء من الامان والرفاهية … لذلك فانهم أحق بالمناصب والامتيازات والمكتسبات التي ينافسهم عليها مزدوجو الجنسية ؟ وهذا ما زاد من فجوة الخلافات والصراعات والتنافر بين رموز وقيادات العملية السياسية العراقية التي لا تنقصها الصراعات والازمات المزمنة منذ انبثاقها على يد الامريكي بـــــــــول بريمر في 2003 .