الإنتخابات بين الوهم والواقع – مروان صباح الدانوك
ما يجري اليوم تحت عنوان «الانتخابات» لم يعد يعكس جوهر العملية الديمقراطية، بل تحوّل إلى مسرحية مكرّرة، يعرف الجمهور نهايتها قبل أن تُرفع الستارة، الناخب يذهب مثقلاً باليأس، والمرشّح يصعد محمّلاً بالوعود الكاذبة، فيما تبقى البلاد تراوح مكانها بين أزمة وأخرى.الانتخابات التي يُفترض أن تكون وسيلة لتغيير الواقع السياسي صارت مجرد واجهة لتجميل نظام مترهّل، لا يملك القدرة على إصلاح ذاته، الشارع فقد ثقته بالصناديق، لأنها لم تعد تصنع إرادة الشعب، بل تعيد تدوير نفس الوجوه، بنفس الخطابات، ونفس الفشل.منذ سنوات ونحن نسمع وعوداً بالرفاهية، بالإصلاح، بالقضاء على الفساد، لكن النتيجة دائماً: بطالة متفشية، انهيار الخدمات، وتعليم وصحة على شفا الانهيار. الانتخابات تحولت إلى موسم لبيع الأوهام، تُشترى فيه الأصوات بالمال، بالوظائف المؤقتة، أو حتى ببطاقات شحن الهاتف.القوانين الانتخابية، بدلاً من أن تعكس صوت المواطن، صُممت لتفصيل المقاعد على مقاس القوى المتنفذة، دوائر انتخابية مرسومة بذكاء لصالح طرف، ومفوضية لا تحظى بثقة الناس، وعمليات عدٍّ وفرز تغلفها الشبهات. كيف يمكن لشعب أن يثق بعملية انتخابية وهو يعلم مسبقاً أن صوته سيُختطف؟الأخطر من ذلك كله، أنّ المواطن لم يعد يرى في المشاركة الانتخابية أي جدوى، نسب المشاركة تتراجع، والمزاج العام يتجه نحو العزوف، فكيف لديمقراطية أن تنمو دون شعب يشارك فيها بإيمان؟في كل دورة انتخابية، نكتشف أن ما بعد الانتخابات هو صورة مطابقة لما قبلها: نفس الصراعات، نفس المحاصصة، نفس الانقسامات التي تعطل أي مشروع وطني حقيقي، وكأننا ندور في حلقة مفرغة لا نهاية لها.واخيراً الوضع الانتخابي الحالي ليس مجرد أزمة عابرة، بل هو انعكاس لأزمة نظام سياسي كامل، إن استمرار هذا المسار يعني مزيداً من فقدان الثقة، مزيداً من الهجرة واليأس، ومزيداً من تعمّق الشرخ بين الحاكم والمحكوم.
إن الانتخابات الحقيقية لا تُقاس بعدد الصناديق ولا بعدد الناخبين، بل بقدرتها على إحداث التغيير وبناء دولة عادلة، وما لم يتحقق ذلك، ستبقى كل عملية انتخابية مجرد واجهة شكلية تخفي واقعاً مزرياً يزداد سوءاً يوماً بعد آخر.