الإعلام ثم الإعلام ثم الإعلام – وليد عبد الحسين جبر

الإعلام ثم الإعلام ثم الإعلام – وليد عبد الحسين جبر

يطنب الصحفي المصري الراحل ” محمد حسنين هيكل ” في كتابه القيم ” افاق الثمانينات ” حول دور الاعلام في سياسات الدول ويضرب لذلك دورهُ في السياسة والسلطة داخل الولايات المتحدة الامريكية مثالا عن ذلك ، إذ يدلي بشهادة له جاءت نتيجة حضوره احد مؤتمرات الرئيس الامريكي ” ايزنهاور ” وكان هيكل يعرف هذا الرئيس الامريكي معرفة دقيقة منذ ان كان قائد قوات الحلفاء في اوربا فينقل استغرابه حينما رآه في المؤتمر حتى انه كاد ان لا يعرف شكله نتيجة وضع مساحيق المكياج على وجهه وشفتيه وتعديل حواجبه وتغطية صلع رأسه بمسحوق خاص يطفئ بريقها كي لا ينعكس عليها وهج لمبات التصوير القوية ، ثم يذكر عن الرئيس الامريكي ” نيكسون ” كيف تم تدريبه على مواجهة عدسات التصوير وضرورة ان يبدو طبيعيا امامها فلا يتكلف في حركاته و لا يشد بالتوتر تقاطيع وجهه ، ليصل في الكتاب الى خطورة الاعلام وتأثيره على سياسة الولايات المتحدة الامر الذي جعل الرئيس الامريكي ” جونسون ” ينصح مرشح الرئاسة ” آجينو ” حيث يخبره بأن لديهم قناتين كبيرتين في البلد هما ” سي بي اس و ان بي سي ” و صحيفتين كبيرتين هما ” نيويورك تايمس و واشنطن بوست ” ووكالتين للأنباء هما ” اب و ي ب ” يقول له هذه مؤسسات كبيرة نصيحتي ان لا تدخل معها في معركة!

انتهى اقتباسنا من كتاب ” افاق الثمانينات ” الذي اتمنى ان يقرأه كل مثقف ليعرف جزء من الية ادارة الامور في اي دولة ، والتي هي اشارات تبين قوة الاعلام وتأثيره خاصة اذا استثمر في تبني قضايا الوطن والشعب ولا يكون مجرد اداة حزبية او اداة مخابرات دولية !

ووجهة نظري الخاصة مع اعترافي بالأخطاء الكارثية التي وقعت ولا زالت فيها حكومات ما بعد 2003 و وجود الفساد المالي في كثير من مفاصلها الا ان الانصاف ينبغي ان لا يغمط نتائج ادارتها التي اسهمت في توفير جزء من الخدمات و الحفاظ على مزيد من حرية التعبير والانتقاد و وصول الكثير من المواطنين الى سدة السلطات من خلال الانتخابات والعمل ، المهم ما اضعف هذه الحكومات و سخّر المواطن منها ليست اخطاءها فحسب بل المؤسسات الاعلامية التي لم تستطع التصالح معها فبقيت مؤسسات كبيرة تتخذ من الدول المجاورة مقرات لها وتغدق عليها الاموال من مصادر شتى تلهج ليل نهار بأخطاء الحكومات الجديدة و تسلط الضوء اكثر على اخفاقاتها وتجّمل بفترة نظام ما قبل 2003 او تتناسى فترته شيئا فشيئا لتوصل الجيل الذي بلغ بعد 2003  ان يصل بمقارناته الى مدح الفترة الظلامية التي هي سبب كل بلاء العراق اعني نظام ما قبل 2003  بجرائمه ومفاسده وتأثيره على منظومة الشعب على كافة الصعد .

الاعلام اساس نجاح اي مشروع وربما اساس فشله ، خاصة وان وسائل الاعلام اليوم قد تعددت وما عادت تحصى ببضعة قنوات وصحف واذاعات ، بل صار كل مواطن يملك مؤسسة اعلامية بفضل مواقع الانترنت وبالتالي من الصعب جدا ان يتصدى احد للسلطة و يخلص من انتقادات الناس وتنمرهم و معارضتهم فيجب على من يتصدى ان يتكيف مع الواقع الجديد ويحاول استثمار الاعلام في مشاريعه ايضا والا صار اضحوكة الامة وسبب تعاستها و اسوء حاكم جاء للبلد بفعل عمل الاعلام .

مشاركة