نبض القلم
الإعتذار – طالب سعدون
اثمرت غزة في تصديها البطولي للعدوان الاسرائيلي وتعرضها على مدى خمسين يوما لابشع ابادة جماعية عرفها التاريخ عن حالة جديدة من التعاطف العالمي والادانة الشديدة من اطراف عالمية – غربية وامريكية – كانت لها مواقف داعمة ( لاسرائيل ) ..
سياسيون ومشرعون وادباء وشعراء وفلاسفة وفنانون ومواطنون عاديون شجبوا وأدانوا العدوان على غزة .. وأخرون أعربوا عن ندمهم لاتخاذهم مواقف مؤيدة للكيان الغاصب .
محامون فرنسيون كبار تطوعوا للوقوف مع غزة في هذه الابادة الجماعية ودعوا الى تشكيل جبهة قانونية عالمية وصل عددها الى أكثر من 300 محام للدفاع القانوني عن ابناء غزة ضد هذه الجرائم التي تخالف القانون الدولي واللوائح الانسانية .
ومن العرب من قدم إعتذاره عن علاقته مع هذا الكيان بعد ( موجة التطبيع ) معه و( حسن الظن ) به بعد أن ثبت للعالم أجمع من خلال جرائمه التي ارتكبها في عدوانه على غزة انه ضد السلام الذي توهم به البعض فكان بعيدا كل البعد عن الانسانية في استهدافه للطفولة والنساء والشيوخ التي كانت لهم النسبة الاكبر في ضحايا عدوانه الهمجي .
المفكر اسامة الغزالي حرب واحد من رموز التطبيع في الثقافة والصحافة والاعلام ومن المعترضين على موقف نقابة الصحفيين المصريين التي تحظر التطبيع بكافة اشكاله ..
إعتذاره جاء في عموده في جريدة الاهرام القاهرية في التاسع عشر من الشهر الجاري عن موقفه الذي اتخذه، كواحد من مثقفى مصر والعالم العربى، إزاء الصراع العربى الإسرائيلي، بعد نصف قرن من المعايشة ومئات الدراسات والأبحاث العلمية والمقالات ، والمقابلات الصحفية، والزيارات الميدانية! على حد قوله حيث قام بزيارة ( اسرائيل ) مع وفد برئاسة الدكتور اسامة الباز بعد زيارة السادات الى القدس في التاسع عشر من نوفمبر 1977 .. وهناك سؤال ورد في ذهن البعض .. هل هي مصادفة أن ينشر الدكتور اسامة مقاله في تاريخ تلك الزيارة أم له هدف اخر يرتبط بغزة وما شاهده من فضائع يندى لها جبين الانسانية .. ؟
على كل حال ايا كان الهدف فالاعتذار مبادرة رائعة تحسب للدكتور حرب ، لها دلالات كبيرة عسى ان يقف عندها المطبعون فيعيدون النظر بما اتخذوه من خطوة غير موفقة شجعت ( اسرائيل ) على التمادي في جرائمها ضد الشعب الفلسطيني ومصادرة حقه في الحياة وفي إقامة دولته على كامل ترابه ..
مشاهد مؤلمة وجرائم وفضائع تمثلت بقتل الالاف من الاطفال والنساء وتدمير المنازل والمباني على رؤوس البشر، وتصطف فيها جثث الأبرياء لا تجد من يدفنها.. تلك المشاهد تابعها الدكتور حرب بغضب وسخط وألم دفعته ليقول : اعتذر عن حسن ظني بالإسرائيليين، الذين كشفوا عن روح عنصرية إجرامية بغيضة واعتذر لشهداء غزة ، ولكل طفل وامرأة ورجل فلسطيني .. اني اعتذر ؟؟ على حد قوله ..
هذا الاعتذار ينبغي أن يدفع المطبعين وكل من زار الكيان الصهيوني الى الاعتذار العلني عن موقفه بعد هذه الجرائم والابادة الجماعية البشرية وتدمير البنى التحتية لغزة .. التاريخ كما هو يسجل أيضا لا يرحم .. ويسجل لكل ذي موقف موقفه ..
تحية وتقدير لكل من وقف مع غزة ..
والعار لكل من تخاذل عن نصرة غزة وشعبها الذي يتعرض لابشع جريمة انسانية .
كلام مفيد :
الاعتذار عن الخطأ لا يجرح كرامتك ، بل يجعلك كبيرا في نظر من أخطأت بحقه ..(جــبران خليل جبران ) ..