الأشجار لا تغادر أعشاشها – نص شعري – سعد ياسين يوسف
(1)
الأعشاشُ التي أمطرَها الخريفُ
بوابلِ الذهولِ
فتشظتْ
على يدِ الغيابِ
غادرتْ مسلةَ الخلود ِ
متنكبة ً ساريةَ الفجيعةِ
لترفرفَ واطئةً على
مشارفِ حلمِها الذي
استحالَ قفصاً بمرايا
زائفة ٍ …
لا تعكسُ خضرة َ
حقولِ الأسى
المرتبكةِ بالثمارِ
ولا تستمعُ لأنينِ ابتهالاتِنا
التي تدثرتْ ببريقِ أسئلةِ
عيونِ أطفالِنا المحلِّقةِ فوقَنا
كلما غابَ قمرُ المسرة ِ
وهاجَمتْنا أسرابُ الغضون ِ
رَكضنا في حقولِ المرايا
خجلاً من الضوءِ …
(2)
المحلقونَ بينَ النخيلِ
يكتوون بغربةِ الغيمة ِ ،
” مطر السَوءِ “
الذي أمطرتهم إياهُ
فُؤوساً…
تلجُّ بذَبحِ أشجارِنا
من الجذورِ إلى الجذور ِ
غير أنها كلَّما سقطتْ من عليائِها
شجرة ٌ
وارتفعَ غبارُ الأرضِ من تحتِها
وارتجَّ رأسُها بإسفلتِ
مخالبِ الظلام ِ
وفاحَ منها عطرُ الدَّم ِ ,
والأمنياتِ الوئيدةِ
لفّتْ أغصانَ أُمومتِها
على الأعشاشِ
وحكتْ لهم حكاية َ
البدءِ …….
قبل أنْ تغمضَ خضَرتها ،
وتنامَ ….
حالمة ً…
بأصابعِها تخترقُ عينَ الإسفلتِ
عَميقاً …
لتعودَ كما نشأتُها الأولى
(3)
الأعشاشُ ..زَغَب ٌ
تفْتَحُ ورودَ دفئِها
تحدّقُ في المدى
والمدى … جنونٌ فادحُ الأجنحةِ
كلما همّتْ بتحليقٍ…
باكرتها الأسئلة ُ.
(4)
أحلامُنا الوئيدة ُ
تلك التي قتلتْها المداراتُ ،
الشوارعُ المحتقنةُ ،
وجومُ الجدران ِ ،
سكاكينُ الانتظارِ ،
السُّفنُ العائدةُ بجثثِ انتصاراتِنا
المثخنةِ بالتَّهويلِ
وهي تلفظُ آخرَ إشاراتِها
نحوَ أفقِ الأُرجوانِ .
مدارُ البحرِ
وحبالُ المراكبِ الّتي
لمّا تزلْ في أعناقِنا ،
لن تؤولَ إلا لحلم ٍ
نظلُّ نهفو لغُصنِ طَيفه ِ
المُتأرجحِ بين أرض ٍكانت
و أخرى لن تكون .
….



















